عدالة يلتمس للعليا ضدّ اعفاء الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة من توثيق التحقيقات مع المعتقلين الفلسطينيين
قدّم مركز عدالة يوم أمس، الأحد 19.7.2015، التماسًا للمحكمة الإسرائيليّة العليا بالتعاون مع منظّمات حقوقيّة زميلة، يطالب فيه بإلغاء قانون مؤقّت يعفي الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة من توثيق التحقيقات مع المعتقلين الفلسطينيين بالصوت والصورة، وذلك خلافًا للقانون الذي يُلزمهم بهذا التوثيق في حالة المعتقلين الجنائيين الإسرائيليين. وقد مددت الكنيست هذا القانون المؤقّت يوم 4.7.2015 لفترةٍ إضافيّة مدّتها سنة ونصف السنة، استمرارا للتمديدات الجارية منذ العام 2002.
وجاء في الالتماس الذي قدّمه المحاميّان نديم شحادة وفادي خوري من مركز عدالة أن "القانون المؤقّت يمس بالحقوق الدستوريّة للمعتقلين بتهمٍ تعرّفها إسرائيل أمنيّة، ينتهك حقّهم بالحريّة، الكرامة والاجراءات القانونيّة العادلة." كذلك، رفض الملتمسون الأهداف التي لأجلها تمّ سنّ القانون المؤقّت واعتبروها تتعارض مع المبادئ الأساسيّة للقانون الجنائي مثل مبدأ كشف الحقيقة، نزاهة التحقيق والرقابة عليه، منع التعذيب ومنع إدانة الأبرياء عبر انتزاع اعترافات كاذبة منهم." كذلك جاء في الالتماس أن الاعفاء من توثيق التحقيقات يؤدّي إلى مسّ خطير بحقّهم بالإجراء الجنائي العادل، حيث يحول دون قدرة المتّهمين على الإثبات بأن الاعترافات التي يحاكمون بناءً عليها كاذبة وانتزعت تحت التعذيب النفسي والجسدي خلال التحقيق.
كذلك، شدد الالتماس على أن الاعفاء من التوثيق حين تكون التهم ذات طابع أمنيّ يعني بالضرورة أن الأغلبيّة الساحقة من المتضررين من هذا القانون هم من الفلسطينيين، وعليه فإن القانون يشكّل تمييزًا مجحفًا بحق الأسرى الفلسطينيين ويمس بأحد المبادئ الجوهريّة في الاجراءات القانونيّة العادلة – مبدأ المساواة أمام القانون. علاوةً على ذلك، فإن الأسرى الفلسطينيين عرضة أكثر من غيرهم لانتهاك حقوقهم، إما بسبب عداء الأجهزة الأمنيّة لهم وإما بسبب عدم تمكّنهم من اللغة العبريّة، وعليه فمن واجب القانون أن يزيد حمايتهم وليس العكس.
وكان مركز عدالة في العام 2013 قد استجاب لطلب المحكمة وسحب التماسًا بذات الشأن بعد ثلاث سنوات من تقديمه، وذلك على أثر التزام وزارة القضاء بإعادة النظر بتفاصيل القانون قبل تقديمه للتمديد القادم، وقد اعتبر قضاة المحكمة القانون في حينه مؤقتًا ويمكن إعادة الالتماس ضدّه في حال تم تمديده مرةً أخرى. من جهته، أكّد مركز عدالة أن الاعفاء يعرّف كقانون مؤقّت، لكنّه بالحقيقة لا يزال ساريًا منذ أكثر من 12 عامًا ويشغل وظيفة أي قانون عاديّ، وليس لمحدوديّته الزمنيّة أي معنى لطالما يتم تجديده مرةً تلو الأخرى وبشكلٍ شبه تلقائي. كذلك جاء في الالتماس أن الضرر المترتب عن الاعفاء ليس ضررًا مؤقتًا إنما هو ضرر لا يمكن إصلاحه أبدًا، حتّى وإن كان القانون نفسه مؤقتًا: "حتّى وإن ألغي القانون مستقبلًا فذلك لا يسعف من يقبعون في السجون اليوم لسنوات وعقود طويلة بسبب اعترافات كاذبة انتزعت منهم بالقوّة. لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولا يمكن إعادة فحص الافادات التي انتزعت خلال التحقيقات والتبيّن من ظروف انتزاعها لطالما لم يكن قد تم توثيقها."
نهايةً، يذكر الالتماس أنّ الاعفاء من توثيق التحقيقات بالصوت الصورة يضاف إلى سلسلة من الممارسات الإسرائيليّة التي تكوّن وضعيّة خطيرة تُبقي المتهم معزولًا عن أي علاقة بينه وبين العالم الخارجي، وذلك بهدف الضغط عليه وانتزاع الاعترافات منه. على سبيل المثال، يمكن للسلطات أن تمنع لقاء المعتقل مع محاميه لمدة قد تصل حتى 21 يومًا، وأن تمدد اعتقاله غيابيًا، أو تزجّ به بالحبس الانفرادي. هذه كلّها، والاعفاء من التوثيق جزءًا منها، ممارسات من شأنها أن تهيّئ الأرضيّة للأجهزة الأمنيّة من أجل استخدام وسائل التعذيب، التنكيل، والمعاملة غير الإنسانيّة ضد المعتقلين الفلسطينيين.