مقتطفات من شهادات الأطفال الأسرى حول التعذيب في السجون
أيمن، مواليد 1996، قضاء جنين
"الواحدة والنصف بعد منتصف الليل. كنت نائمًا أنا وخمسة أبناء عائلتي. استيقظت على صوت طرقات قويّة على الباب. خفت كثيرًا، ثم توقّفت طرقات الباب، وهدأ كلّ شيء... ثم انفجرت قنبلةً صوتيّة اهتزّ لها البيت."
"غطّوا عينيّ بشريطٍ فلم أعد أرى، ثم أدخلوني إلى حافلةٍ ما وأجلسوني على الأرض الحديديّة، كانت الحافلة مليئة بالجنود وبالكلاب. أنا أخاف من الكلاب. وكان قد تركوا الكلاب تجلس حولي وتقفز عليّ."
"عندما أمروني بالنزول من الحافلة لم يمسكني أي من الجنود، كانت عيناي مكسوّة فلم أرى شيئًا. وقعت أرضًا من أعلى درج الباص، وأصبت برضوض في جميع أنحاء جسمي. رفعني جنديّ عن الأرض بقوّة وقال لي: "كسّ إمّك". ثم أخذني، وأجلسني عند الكونتينر الحديديّ، جاء شخص ما وسألني إن كان لديّ أي أمراض، بعد أن ذهب تقدّم منّي جندي آخر صارخًا: "عربي منيَك". ضربني لكمة قويّة على وجهي وبعدها أمسك رأسي وبدأ يضربه بحديد الكونتينر. تكرر ذلك ثلاث مرّات خلال الساعتين.
أحمد، مواليد 1995، منطقة جنين
"كانت تمام الثالثة فجرًا. ظننت والدي يمزح معي عندما أيقظني وقال أن الجنود يحاصرون البيت ويطلبونني. نهضت ورأيت الجنود في البيت يوجّهون أسلحتهم إلى أبناء عائلتي. كان أحد الجنود يصوّب بندقيّته نحو أختي الصغيرة، يارا، البالغة من العمر 7 سنوات فقط. كانت يارا ترتجف من الخوف (...) في جيب الجيش كان الجندي يقول لي: "بدي أنيك أختك الشرموطة". كانوا يريدونني أن أعترف، لكنّهم لم يقولوا لي ما هي التهمة أصلًا."
"في الكونتينر الحديديّ كان الجّندي يركلني ببسطاره العسكري على عنقي، وكان يقول لي "أنت ابن كلبة، أمك وأختك شرموطة". بعد قليل سمعت الجندي ذاته يتكلّم عبر الهاتف، فهمت أنه يتحدّث إلى فتاة ما.. وفهمت من الحديث أنه يحكي لها عنّي، ثم بدأ يضربني لكي تسمعني الفتاة أصرخ عبر الهاتف. كان يضحك. ثم فهمت أنها طلبت منه أن يصوّرني، فبدأ يأخذ لي صورًا بهاتفه النقّال."
شادي، مواليد 1997، قضاء نابلس
"دخل الجنود الساعة الثالثة فجرًا. كانوا قد صبغوا وجوههم باللون الأسود، وثلاثة جنود منهم كانوا ملثّمين، كانت أشكالهم مرعبة. أما في معتقل حوّارة فطلب منّي الجنود أن أفك حذائي، قلت أني لا أستطيع لأنني مكبل الأيدي والأقدام، فصاح الجندي وشتمني "يا ابن الشرموطة"، وبدأ يضربني ويركلني دون توقّف. ثم نزع الحزام عن بنطلوني، وبعد أن نزعه قام بقصّه وهو يضحك، ثم قال لي أنه يريد أ يقصّ الحزام حتى لا أستطيع أن أنتحر. كان يقول ذلك... ويضحك."
سامر، مواليد 1996، قضاء سلفيت
"بعد أن ربّطني الجنود سرت معهم مشيًا على الأقدام كيلومترًا تقريبًا حتى وصلنا قرب المدرسة. هناك، أخذوني إلى جهة المدرسة الخلفيّة وبدأ الجندي يشتمني ويقول "كسّ امّك يا منيك". ثم أتى جنود غيره، أوقفوني عند جدار المدرسة وبدأوا بتصويري بكاميرات الهاتف الخلوي، ثم بدأوا يتصوّرون معي مكبلاً. كان جنديًا طويلًا هو أكثر من صوّرني من بينهم، ثم أحضر كلبًا كبيرًا يهاجمني..."
"أجلسوني أمام المكتب، وقام المحقق بربط يديّ وأقدامي بهذا الكرسي المنخفض. وعندما انتهى من ربطي بالقيود، صفعني بقوّة على وجهي وقال لي "تكلّم، اعترف". سألت: "بماذا تريدني أن أعترف؟"، قال لي: "أنت تعرف ماذا فعلت." لم يخبرني المحقق أبدًا الشبهات التي يحقق معي بسببها، لكنه أرادني أن أعترف دون أن أعرف ما هي الشبهة."
"في ساعات الليل، وبعد التحقيق، نقلوني إلى الزنزانة ولم يُقدم لي الطعام، مع العلم أني اعتقلت الساعة الخامسة صباحًا. كنت قد أكلت لآخر مرّة قبل 24 ساعة تقريبًا. في صباح اليوم التالي طلبت منهم مرة أخرى أن آكل، رفضوا مرة أخرى، الساعة الثانية عشر ظهرًا حضر السجّان إلى الزنزانة وأخرجني منها إلى التحقيق. قلت له أني أريد حتى ولو القليل من الطعام، قلت له أنني جائع جدًا. قال لي "اعترف وسأقدم لك الطعام حالًا، إذا لم تعترف، فمن جهتي لا يهمني أن تموت بالجوع." بقيت في التحقيق أكثر من ثلاث ساعات، ثم أعادوني إلى الزنزانة. دخلت وقلت للسجّان أني أريد أن آكل، وأني لم أتناول الطعام منذ يومين. صرخ السجّان بوجهي ودفعني بعنف إلى داخل الزنزانة. بعد مرور ساعة، رمى لي من فتحة في الباب قطعة خبزٍ صغيرة ومعها بيضة مسلوقة باردة ورائحتها كريهة. وكنت مضطرًا لتناولها..."
معتز، مواليد 1997، قضاء نابلس
كنت أجلس بطريقةٍ مؤلمة. ربطوا يديّ خلف ظهري وأجبروني أن أحنيه حتّى يلمس رأسي ركبتيّ، وبقيت هكذا أكثر من ساعة كاملة. أثناء جلوسي، تقدّم نحوي جندي لم أكن أراه لأن عيناي مغطّاة، سألني عن صحّتي، وإن كانت لديّ أي أمراض، ثم بعد أن انتهى من الأسئلة الطبيّة قال لي: "كسّ إمّك". عندما بزغ النهار، أدخلني الجنود إلى غرفة وقاموا بتفتيشي تفتيشًا عاريًا، توسّلت إليهم أن أدخل إلى الحمام لأقضي حاجتي، رفضوا، في هذه الأثناء بدأ جسمي يرجف من البرد الشديد، ثم بدأت أشعر بدوار أكثر وأكثر حتّى تقيّأت. بعد بضعة ساعات أخذوني إلى مركز تحقيق بيتح تيكفا، عند وصولنا أدخلوني إلى عيادة طبيّة، كان فيها طبيب يجهّز نفسه ليفحصني، عندها همس السجّان بأذني: "هذا الدكتور يحب ينيك ولاد".
نسيم، 1997، قضاء جنين
بقيت معزولاً في الزنزانة 13 يومًا، زنزانة صغيرة، قذرة، رائحتها كريهة، جدرانها رماديّة خشنة، درجة حرارة باردة جدًا وفيها إضاءة قويّة على مدار الساعة. بعد 13 يومًا من العزل في الزنزانة، قالوا لي أنني انتهيت من التحقيق، وأنهم سيأخذني الآن إلى سجن الجلمة. دخلت غرفة نظيفة جدًا وواسعة وفيها شبّاك يدخل منه الهواء. وجدت فيها شخصًا أسمه أبو أحمد، أحضر لي طعامًا جيدًا مثل طعام البيت، رز وفاصوليا ولحمة ساخنة وفواكه وكولا، وقال لي: أنت الآن في السجن، وسوف نساعدك في كل ما تحتاجه أنا وأبو العبد. بعد أن أكلت، أعطاني صابونًا وشامبو وقال لي اذهب واستحم ثم نم واسترح، وفعلًا نمت لساعات طويلة. في اليوم التالي حضر أبو العبد وطرح عليّ أسئلة كثيرة كان يسجّل أجوبتها. بعد ثلاث أيّام أخرجوني وأعادوني إلى التحقيق، ورأيت الأوراق التي كتبها أبو العبد بيد المحقق. فقط حينها فهمت أنني كنت لدى العصافير.
نادر، مواليد 1997، قضاء سلفيت
سألني المحقق أين كنت بتاريخ 14.3.2013. أذكر أني كنت في ساحة المدرسة، لكنه قال أني كذّاب، وقال أنه يريد أن يأتيني بصور وأنا أضرب الحجارة، لكنه لم يأت لي بأيّ صور. في ذاك اليوم كنت قد ذهبت إلى المدرسة في الصباح، وبعد عودتي تناولت طعام الغداء في البيت، ثم جلست مع علي ابن عمّي حتى آذان العصر ثم ذهبت إلى ساحة المدرسة ولعبت كرة القدم، ومن بعدها رجعت إلى البيت. عندما قلت ذلك أوقفني المحقق وبدأ يصرخ، ويقول أنني كذّاب، وأنني إن لم أعترف بضرب الحجارة فسوف يحضر أمي إلى هنا ويعذّبها أمامي، قلت له أني لا أملك ما أعترف به فصاح بوجهي: "أنت فشّ عندك شرف؟ شو ما بتهمّك إمّك؟"
محمّد، مواليد 1996، قضاء الخليل
كنا نتناول الطعام، وفي نفس الليلة نزل الثلج وفرحنا، نظرت من النافذة لأرى الثلج، وفجأة سمعت ضجة بالخارج. شعرت بأن هناك من حاول دفع الباب بقوة ليفتحه. خفت وتراجعت إلى الوراء، وأخبرت أخوتي بوجود حراميّة يحاولون الدخول إلى بيتنا. صعدنا بسرعة إلى السطح دون أن نعلم من في الخارج وبدأنا نصرخ بصوت عالٍ، فجأة تسلطت علينا أضواء الكشّافات ورأينا الأسلحة الأوتوماتيكية توجّه نحونا، وعندما بدأوا من كنّا نظنّهم حراميّة يصيحون باللغة العبريّة، فهمنا أنهم جنود."