عدالة يقدم شكوى ضد رجال الشرطة الضالعين في تفريق مظاهرة حيفا واعتقال 21 متظاهرًا بشكل غير قانوني
قدم مركز "عدالة"، اليوم الأربعاء، شكوى لوحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحاش)، طلب فيها التحقيق حول العنف المفرط الذي استخدمته الشرطة لتفريق المظاهرة القانونية التي أقيمت في حيفا مساء الجمعة الماضي.
وجاء في الشكوى التي قدمها المحامي فادي خوري من مركز عدالة أن "الشرطة استخدمت العنف المفرط لتفريق المظاهرة بعد أن حاصرت المتظاهرين في بقعة ضيقة جدًا، رغم أن المظاهرة قانونية وليست بحاجة لترخيص لأنها لم تتخلل المشي من مكان لآخر ولم يلقى خلالها أي خطاب".
وأكد خوري على أن "عنف الشرطة لم يتوقف عند تفريق المظاهرة واعتقال 21 شخصًا بشكل غير قانوني، بل امتد حتى الاعتداء على الموقوفين خلال نقلهم لمحطة الشرطة وداخل المحطة أيضًا، رغم كون الموقوفين مكبلين بالأصفاد المعدنية والبلاستيكية".
ووفق شهادة المعتقلين، طلب كثير منهم الحصول على علاج طبي جراء العنف الذي استخدم ضدهم، لكن هذه الطلبات رفضت وتم تقديم العلاج لسبعة من المعتقلين فقط، إذ نقلوا للمستشفى بعد ساعات من مكوثهم في الحجز، ومنهم من كان داخل سيارة شرطة كانت جزءًا من حادث طرق وقع خلال نقلهم من موقع الاعتقال للحجز في محطة الشرطة. أما الآخرون، فقد تم فحصهم طبيًا فقط بعد يوم من الاعتقال خلال إجراءات استيعابهم في سجن الجلمة (كيشون).
وقال خوري إنه "خلال مكوثهم في مركز الشرطة منذ الاعتقال وحتى نقلهم لسجن الجلمة في اليوم التالي، تعرض المعتقلون لعنف شديد وتعامل وحشي وانتقامي وإهانات من قبل أفراد الشرطة، وحتى خلال تلقي العلاج الطبي في المستشفى، أكد المعتقلون أنهم تلقوا معاملة عنيفة من أفراد الشرطة، والذي يثير شبهات كثيرة حول ارتكاب رجال الشرطة مخالفات جنائية".
ووثق خوري بعضًا من حالات استخدام العنف ضد المعتقلين، منها ضرب المعتقل يورام بار حاييم من قبل الشرطي ليئور حاتام، بالأصفاد البلاستيكية على رجله خلال جلوسه مكبلًا على الأرض في محطة الشرطة، بسبب طلبه عدم التعامل مع المعتقلين بعنف ووحشية، أمام أعين معتقلين آخرين.
وكذلك، اعتدى ذات الشرطي (ليئور حاتام) على بيسان فرح وضربه بالطاولة بعد أن حمله وألقاه عدة مرات في محطة الشرطة، متجاهلًا تعرض فرح لحادثة طرق خلال نقله رفقة المعتقلين نايف شقور ومجد فرح إلى محطة الشرطة بسبب السرعة المفرطة التي قاد بها شرطي السيارة، وتجاوزه عددًا من الإشارات الضوئية الحمراء حتى اصطدم بسيارة أخرى، وكان الاصطدام من الناحية اليسرى حيث جلس مجد.
ورغم حادث الطرق، أبقى رجال الشرطة المعتقلين الثلاثة في السيارة لفترة ومن ثم تم نقلهم إلى المحطة، رغم أن بيسان لم يستطع المشي وتعرض لجرح في وجهه ونزف الكثير من الدماء، ولم يستطع الرؤية بعينه حتى ظن أنه تلقى الكدمة بها، ولم ينقل لمستشفى إلى بعد وقت طويل رغم حاجته الملحة لتلقي العلاج، وحتى في المستشفى، أبقاه رجال الشرطة مكبلًا بالأصفاد، وأزالوها مرتين لفترة قصيرة بطلب من الطبيب.
واعتقل بيسان فرح خلال تصويره عنف الشرطة خلال المظاهرة، وتم تهديده بكسر ذراعه خلال الاعتقال.
وكان الاعتداء الأعنف على مدير مركز مساواة، جعفر فرح، الذي كان سليمًا خلال اعتقاله من المظاهرة، ونقل بعد عدة ساعات للمستشفى بعد أن ضربه شرطي على ركبته اليسرى، وأكدت التقارير الطبية تعرض ركبته للكسر واحتمال تضرر الشريان الأورطي.
وحصل مركز عدالة على شهادات أفراد من الطاقم الطبي في مستشفى "بني تسيون" التي نقل إليها فرح، والتي أكدوا فيها أن رجال الشرطة الذين حضروا وجهوا إهانات للمعتقل وعدد من أفراد الطاقم الطبي، وتعاملوا معهم بعنف لفظي وعنصرية، حتى أن أحد أفراد الشرطة قال لإحدى العاملات في المستشفى، والتي ترتدي الحجاب، "واضح أنك تحرضين الجميع هنا"، وقالوا لأحد الأطباء الاختصاصيين، الذي طلب نزع الأصفاد عن فرح، إن "طلبك سينقل للمحكمة وفي حال تبين أنه لا سبب طبي لذلك ستلقى حسابك"، وشهد أفراد الطاقم على سخرية وضحكات أفراد الشرطة بعد ارتعاش يد الطبيب خلال كتابته أمر نزع الأصفاد.
ومنعت الشرطة دخول المحامين وأفراد العائلة لرؤية فرح في المستشفى، وبعد إرغام الطبيب على توقيع مكتوب إخلائه من المستشفى تحت الضغط.
وتم علاج فرح في المستشفى وهو مكبل بالأصفاد، على عكس ما تنص اللوائح الطبية، بأمر من أفراد الشرطة الذين رفضوا نزعها، وكذلك إخلاءه المفاجئ من المستشفى جاء بضغط من الشرطة وليس وفق قرار الطاقم الطبي واعتباراته المهنية، التي تؤكد أن على فرح البقاء في المستشفى ثلاثة أيام (حتى الإثنين الماضي) وفحصه على يد طبيب مختص.
وفي حالة أخرى، تم الاعتداء على نايف شقور خلال اعتقاله رغم عدم مقاومته الاعتقال، وكان أحد المعتقلين الضالعين في حادث الطرق، ورغم ذلك نقل للمستشفى للعلاج بعد ساعات طويلة، وعامله رجال الشرطة بوحشية وعنصرية بسبب تحدثه بالعربية مع أحد أفراد الطاقم الطبي، وقالوا له "هذه دولة اليهود" ووصفوه بـ"المخرب".
وأكد مجد فرح، الذي كان المعتقل الثالث في سيارة الشرطة الضالعة في الحادث، أن الشرطي قاد السيارة بسرعة كبيرة وتجاوز إشارات ضوئية حمراء عدة، وخلال الحادثة أصيب في رأسه، وأبقاه رجال الشرطة في السيارة ورفضوا نقله للمستشفى إلا بعد التحقيق رغم طلبه العلاج قبل ذلك وحاجته الملحة له.
وكان اعتقال عمار أبو قنديل عنيفًا بدرجة كبيرة وغير مبررة، إذ اعتدى عليه رجال الشرطة بالضرب بالأيدي وبغرض صلب آخر، رغم عدم مقاومته الاعتقال. وأكد أبو قنديل أن أحد رجال الشرطة قال له عند خروجه من سيارة الشرطة "وقعت أخيرًا، نحن ننتظرك منذ أسبوع".
وأكد أبو قنديل أن الشرطي ليئور حاتام وقف أمامه خلال جلوسه مكبلًا على كرسي في محطة الشرطة وبدأ بتهديده والتلويح بيديه بصورة مخيفة، بعد أن طلب منه التوقف عن المعاملة العنيفة للمعتقلين، وقام الشرطي حاتام بالبصق باتجاه مجموعة من المعتقلين وشتمهم عندما طلبوا الماء.
وأشار فادي أندراوس إلى أنه حاول مساعدة إحدى الفتيات التي وقعت على الأرض بعد أن بدأت قوات الأمن دفع المعتقلين لمحاصرتهم، وفجأة اعتدى عليه رجال الشرطة بالهراوات والأيدي واعتقلوه بعد أن أوقعوه أرضًا.
وروى علي مواسي أن الشرطي ليئور حاتام قال للمعتقلين "سنقيم عليكم حفلة اليوم (...)"، وواصل شتمهم والبصق باتجاههم ونعتهم بـ"أبناء العاهرات"، وكان معه شرطي آخر اسمه "إيلان"، شاركه الصراخ والشتم والبصق.
وتم تكبيل جميع المعتقلين بالأصفاد البلاستيكية بشكل أعاق وصول الدم إلى كفات أيديهم، وقام رجال الشرطة بشد الأصفاد وإحكامها بعد أن اشتكى بعد المعتقلين من هذه التصرف، ورفض أفراد الشرطة كذلك إزالة الأصفاد خلال لقاء المعتقلين بمحاميهم.
ومنعت الشرطة عن المعتقلين الطعام والشراب طوال الليلة التي قضوها في مركز الشرطة.
ويظهر من شهادات المعتقلين أن هذا التعامل والإهانات والشتائم التي وجهها أفراد الشرطة بشكل مخالف للقانون، جاءت على خلفية عنصرية.
وأكد خوري أن "هذه الحالات هي مجرد جزء من المشهد الكامل، وأن هذه الحالات لا تعكس الصورة الكاملة لعنف الشرطة المستخدم خلال تفريق المظاهرة واحتجاز المعتقلين في محطة الشرطة والمستشفى".