عدالة والميزان يستأنفان ضد قرار الجيش الإسرائيلي القاضي بعدم التحقيق في قتل مدنيين قرب مدرسة تابعة لوكالة اونروا في قطاع غزة عام 2014
وكان الهجوم احتل العناوين الرئيسية في الصحافة الدولية في حينه، ففي 3 أغسطس 2014 قصفت طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ واحد أمام بوابة المدرسة الرئيسية، مع أن الجيش الإسرائيلي كان على علم مسبق بلجوء حوالي ثلاثة آلاف مدني فلسطيني إلى المدرسة، وقد أودى القصف بحياة 14 مدنيا منهم 8 أطفال وخلف 30 من المصابين.
وبعد مرور عامين، بناريخ 24 أغسطس 2016، أعلن المدعي العام العسكري الإسرائيلي إغلاق ملف القضية وقرر عدم فتح أي تحقيق أو اتخاذ أي إجراءات أخرى لملاحقة المسؤولين عن الهجوم. وادعى الجيش الإسرائيلي أنه كان يستهدف ثلاثة "نشطاء عسكرييين" على دراجة نارية، وأنه في لحظة إطلاق الصاروخ باتجاهها "لم يكن بالإمكان تمييز حشود المدنيين خارج المدرسة أثناء الاستهداف" وأنه " لم يكن بالإمكان تغيير وجهة الذخيرة" بعد أن سلكت الدراجة النارية الطريق المحاذي لسور المدرسة.
وجاء في الاستئناف الذي قدمته المحامية منى حداد من مركز عدالة أن القوات الاسرائيلية ارتكبت انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الانساني ترقى إلى جرائم حرب، وأضافت: "إن قرار مهاجمة ركاب الدراجة النارية يعد انتهاكاً جسيماً لمبدأ التمييز والقواعد المنبثقة عنه، بالإضافة لانتهاك حظر استهداف المدنيين والأعيان المدنية ".
وشدد مركزي عدالة والميزان على أن وكالة أونروا أكدت أنها أبلغت الجيش الإسرائيلي 33 مرة بأن المدرسة في رفح كانت تستخدم لإيواء المدنيين النازحين، مضيفةً أن آخر إشعار بذلك كان قبل ساعة واحدة فقط من الهجوم. كما أن الجيش الإسرائيلي اعترف بعلمه المسبق بأن المدرسة كانت تأوى مدنيين فلسطينيين، ولكن على الرغم من ذلك قرر شن هذا الهجوم امام مبنى المدرسة الذي يأوي آلاف الأشخاص والمتواجد في حي مكتظ بالسكان. وجاء في الاستئناف بأن هذه الحقائق كانت يجب أن تكون كافية لمنع شن الهجوم، وبالتالي فإن ما حدث هو خرق صارخ لمبدأ التمييز وكان من الواجب اعتباره هجوماً مباشراً ضد المدنيين، كما أن الشهادات التي حصل عليها مركز الميزان من شهود العيان والضحايا تشير إلى تضارب ادعاءات الجيش مع الوقائع، حيث أفاد الشهود أن ركاب الدراجة النارية كانوا شخصين، وليس ثلاثة أشخاص، وأنهم لم يكونوا مقاتلين ولم يشاركوا في أي أعمال قتالية.
بالإضافة إلى ذلك، أوردت محامية عدالة منى حداد في الاستئناف المقدم أن هذا الهجوم ينتهك مبدأ التناسب، الذي ينص عليه القانون الدولي. فالحي الذي وقع فيه الاستهداف على مدرسة تابعة لوكالة أونروا يسكنه آلاف المدنيين بالإضافة إلى نزوح حوالي ثلاثة آلاف مهجر إليه، ولم يتواجد المدنيون قرب أي أهداف عسكرية، بل على العكس فقد كانوا في منطقة سكنية مكتظة وقرب مدرسة أونروا، مما يعزز الاستنتاج بأنه كان من الواجب منع هذا الهجوم نظراً لحتمية وقوع أضرار جسيمة، فضلاً عن أن الصاروخ المستخدم يمكن أن ينتج عن انفجاره شظايا توقع ضحايا في محيط عشرين متراً من مكان سقوطه، وهي مسافة تقع فيها المدرسة، حيث وقع الاعتداء على مسافة خمسة أمتار فقط من المدرسة، مما يحتم اعتباره هجوماً غير متناسب.
أما بالنسبة لقرار المدعي العام العسكري القاضي بعدم فتح تحقيق في قتل المدنيين الفلسطينيين، فقد أدعى مركزي عدالة والميزان أنه "حتى من دون الدخول في جدال حول الحقائق كما يقدمها الجيش الإسرائيلي، كان لا يجدر السماح بشن هذا الاعتداء. إن موقف المدعي العام العسكري باعتبار ممارسات الجيش الاسرائيلي غير كافية لإثارة شبهات معقولة بوقوع سلوك إجرامي يعد تأويلاً خاطئاً لقواعد القانون الدولي الانساني، وإساءة في تطبيق قوانين الحرب. وفي الواقع يتضح غياب أي نية حقيقية لفتح تحقيق ومقاضاة مرتكبي عمليات القتل ضد المدنيين".
وفيما يتعلق بمعالجة المدعي العام العسكري للقضيةـ شددت المحامية حداد على أنها لا تتناسب مع متطلبات القانون الدولي، وتحديدا: الاستقلالية والحياد والفعالية والسرعة والشفافية، حيث أضافت أنه "لا يمكن تجاهل حقيقة أن الأجهزة العسكرية المتورطة في الأعمال القتالية هي ذاتها التي تتكفل بمراجعة الأحداث واتخاذ قرارات بفتح تحقيق فيها من عدمه، حيث يؤدي المدعي العام العسكري دوراً مزدوجا: فمن جهة يقوم بإسداء المشورة القانونية للجيش الإسرائيلي قبل وأثناء العمليات العسكرية، ومن جهة أخرى يرجع له اتخاذ قرار بفتح تحقيقات جنائية أم لا فيما يتعلق تلك العمليات. إن هذه الازدواجية تعد انتهاكاً سافراً لمعيار الاستقلالية. وتشكل القضية المتناولة هنا مثالاً واحداً، بيد أنها تزيد من الشكوك حول غياب الحيادية". فضلا عن ذلك، فإنه "رغم توفر أدلة وافية حول هوية الأشخاص المستهدفين ركاب الدراجة النارية والظروف التي وقع فيها هذا الهجوم، إلا أن المدعي العام العسكري وآلية تقصي الحقائق التابعة للجيش الإسرائيلي لم يوردا أية أدلة تدعم ادعاءاتهم، ولم يجمعا شهادات من شهود العيان من غير التابعين للجيش الإسرائيلي. هذا الإجراء يشكل انتهاك آخر لمبدأ الفعالية والشمولية".
وعليه، فإن مركز عدالة ومركز الميزان يطالبان النائب العام بإلغاء قرار المدعي العام العسكري القاضي بعدم فتح تحقيق في قتل وإصابة المدنيين العزل، ويطالبانه بالإيعاز بفتح تحقيق جنائي مستقل في الأحداث محل النقاش.
بيانات صحفية متعلقة:
Israeli military refuses to investigate attack near UNRWA School in Rafah, Gaza that killed 14
عامان على العدوان على غزّة: 27 ملفًا في شبهات لجرائم حرب، صفر إدانات
غزّة: الجيش الإسرائيلي يغلق التحقيق بقتل الأطفال الأربعة على شاطئ الصيّادين