استئناف للعليا ضد مناقصة لبيع قسيمة أرض عامة لبناء شقق للأثرياء في حي العجمي في يافا
أمرت المحكمة العليا يوم أمس الاثنين 29.07.2013، شركة إسرائيلية التي فازت مؤخرًا بمناقصة لبناء شقق سكنية على قطعة أرض عامة في حي العجمي في يافا ودائرة أراضي إسرائيل بالرد خلال أسبوعين على الاستئناف الذي قدمه أهالي حي العجمي وجمعيات حقوقية ضد شروط المناقصة. وتتطرق هذه المناقصة إلى بناء 40 شقة على قطعة الأرض الفارغة الأخيرة في حي العجمي، وبيعها في مزاد علني لمن يدفع أكثر، بدلاً من استغلالها لبناء شقق بمتناول يد أهالي الحي والمساهمة في حل أزمة السكن الخانقة في الحي وفي يافا بشكل عام.
ويأتي استئناف الجمعيات بعد أن رفضت المحكمة المركزية للشؤون الإدارية في تل أبيب إصدار أمر احترازي في التماس يأمر دائرة أراضي إسرائيل بتجميد عملها وعدم إجراء أي تغيير فعلي في الأرض بما فيه إعلان عن أسماء الفائزين في هذه المناقصة، وبعد تجاهل سلطة أراضي إسرائيل لهذا الالتماس وإعلان اسم الشركة الفائزة بالمناقصة،. الأمر الذي قد يضر باحتمالات قبول الالتماس في المحكمة مستقبلاً.
وكان أهالي حي العجمي ممثلين بلجنة دارنا للدفاع عن الأرض والمسكن في يافا، وبالتعاون مع جمعية حقوق المواطن ومركز عدالة وبمكوم قد التمسوا للمحكمة المركزية في تل أبيب مطالبين تجميد المناقصة وتغيير شروطها. وشدد الملتمسون أنه نظرًا لأزمة السكن الخانقة في حي العجمي وفي مدينة يافا بشكل عام، فإن تسويق احتياطي الأرض الأخير في الحي في مزاد علني لمن يستطيع أن يدفع أكثر، هي خطوة غير معقولة بتاتًا. وأضاف الملتمسون أن الدولة ساهمت بشكل كبير في أزمة السكن في حي العجمي من خلال تشجيع ظاهرة دخول واستيلاء الطبقات الثرية على البيوت في الحي، وذلك بعد عقود من الإهمال والإخفاقات في مجال التخطيط، وتشجيع البناء الملائم للأثرياء فقط.
وأضاف الملتمسون أن عمليات التطوير في المنطقة أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار الشقق في حي العجمي، الأمر الذي يدفع السكان المحليين إلى خارج هذه المنطقة، نظرًا لعدم تمكنهم من دفع هذه المبالغ. وبالتالي، فالتطوير في هذه المنطقة لا يحسن وضع المجتمع المحلي في العجمي بل أنه يهدد وجوده في الحي. وأشار الملتمسون أن السكان العرب في حي العجمي هم أكثر المتضررين من هذه الظاهرة وذلك لأن المجتمع العربي في يافا بغالبه هو مجتمع فقير، كما أن غالبية السكان العرب لا يملكون البيوت التي يسكنونها، وضد الكثير منهم يوجد أوامر إخلاء من الشقق التي هي بملكية سلطة التطوير. وأضاف الملتمسون أنه أمام سكان العجمي العرب لا يوجد فرص سكن أخرى وذلك لأن الحي بالنسبة لهم هو مركز ثقافي، مجتمعي وديني وليس لهذه الأمور بديل في أماكن أخرى في المنطقة.
وقالت المحامية نوال خوري، مركزة دارنا اللجنة الشعبية إن هذه المناقصة الأخيرة هي جزء من سياسة تيئيس وتهجير السكان العرب من مدينة يافا التي تمارسها دائرة أراضي إسرائيل بمساهمة كبيرة من أصحاب رؤوس الأموال الأجانب. فالأزمة السكنية الخانقة في مدينة يافا تطال جميع شرائح المجتمع فيها، ولكن يبقى السكان العرب هم الأكثر تضررًا لأنهم لا يستطيعون إيجاد حلول سكنية في تل أبيب والمدن المجاورة. مئات العائلات العربية اليافاوية المستحقة لمسكان شعبية بموجب معايير وزارة الإسكان، لا زالت تنتظر الحصول على شقة منذ أكثر من عقد. وتعيش هذه العائلات في ظروف غير إنسانية في مخازن، أو في شقة مكونة من غرفة واحدة مكتظة غير صالحة للسكن. والأدهى من ذلك أنه حتى من يعيش في ظروف مزرية كهذه يطر لدفع إيجارات باهظة نتيجة لغلاء الأسعار الفاحش النابع من الأزمة السكنية واستغلال أصحاب العقارات لشح الشقق.
وقال المحامي هشام شبايطة من عيادة حقوق الإنسان في جامعة تل أبيب أن "هذه هي حالة واضحة التي تقوم بها سلطة جماهيرية التي من المفترض ان تكون وصية على مصلحة الجمهور، بالتصرف كشركة خاصة تعمل من منطلقات تجارية بحتة، وبهذا فهي تسرع من عملية إخلاء يافا من سكانها المحليين".
وقال المحامي جيل مور من جمعية حقوق المواطن أن "القضية هي بالأساس قضية "عدالة في التوزيع". التطوير في هذه الحالة يأتي على حساب المجتمع المحلي العريق ويدفع به إلى خارج الحي، دون أن تتاح له الفرصة للاستفادة من ثمار التطوير. الظلم في هذه الحالة هو ظلم واضح وصارخ. وبما أن الجمهور برمته يجب أن يستفيد من التطوير، الذي يأتي في هذه الحالة على حساب إسكان رخيص في الحي، هنالك حاجة لأن يتم تخصيص الموارد العامة لخدمة جميع السكان وليس على حساب السكان المحليين.
وأشار المحامي جلال دكور من عدالة أنه "على مدار السنوات الماضية حصل سكان الحي على وعود واضحة من قبل السلطات لإيجاد حلول لأزمة السكن، وحتى أن هذه الوعود وردت في قرارات حكم مختلفة، لكن السلطات أخلت بهذه الوعود مرة تلو المرة، ولم تمنح أي حل لأزمة السكن الخانقة لسكان الحي، عملً أن غالبية السكان في العجمي هم من المواطنين العرب".