التمييز المزدوج
مكانة المرأة العربية كفرد في المجتمع وكجزء من المجموعة القومية التي تناضل من أجل حقوقها
سمر خميس*| مجلة عدالة الألكترونية، العدد 20، تشرين الثاني 2005
يُمكِن استقراء التمييز الذي تعاني منه النساء في جميع أرجاء المعمورة من خلال بُعدَين أساسيين: البعد القومي والبعد الطبقي. تَتَعدّدُ وتتباين أسباب ووسائل التمييز، وطُرق القمع، مما يَفرِضُ صعوبة في التطرق للنساء كمجموعة واحدة ذات مصالح مشتركة. بالإضافة إلى ذلك، يَفرض هذا الأمر صعوبة في خوض نضال مشترك لجميع النساء في العالم. وعلى الرغم من ذلك، فمن الواضح أنّ من واجب نضال النساء من اجل الحرية والاستقلالية ان يشكل جزءا عضويا من النضال القومي والطبقي.
نظريا، يضع انتماء النساء لطبقات اجتماعية ومجموعات قومية مختلفة، صعوبات في العثور على مصالح مشتركة لجميعهن. وعلى الرغم ذلك تَتَوافر لدى النساء مصلحة في المحاربة من اجل تحسين مكانتهن في السلم الاجتماعي، إذ ان مكانتهن الحالية المتدنّيَة هي نتاج لهويتهن الجِندَريّة. من هنا فالمصلحة المشتركة لجميع النساء هي مصلحة جندرية تستلزم ظاهريا من النساء خوض نشاط سياسي بُغيَة تغيير البنية الاجتماعية وتحسين مكانتهن. من الناحية العملية، قد تؤدي الدعوة للتحرر من الرجال بشكل مطلق وفوري إلى إبقاء الكثير من النساء بدون حماية جسدية واقتصادية.
يشكل هذا الأمر احد الصعوبات التي تُميّز وضعية النساء الفلسطينيات،اللواتي ينشط معظمهن في الحيز الخاص أكثر منه في الحيز العام. وبحسب إصلاح جاد،[1] تستوجب مناقشة الأداء السياسي للمرأة الفلسطينية تطرقا لوضعية النساء كأفراد وليس فقط كنشيطات في الحقل السياسي والجماهيري. ومن أجل فهم وإدراك المكانة الحالية للمرأة لفلسطينية سأتطرق بادئ ذي بدء إلى تأثير النضال القومي على مكانة المراة بشكل عام.
المشروع القومي وارتباطه بالمشروع النّسوي
في كل مكان وفي جميع المراحل التاريخية خُصّصَ للنساء دور مزدوج داخل المشروع القومي. فمن ناحية، رَمَزَت النساء إلى وحدة وتكاتف "الجماعة"، وساعدن في تنمية ورعاية مفرداتٍ كالكرامةِ والأصالة. من الناحية الأخرى، تم إقصائهن عن وظائف معينة في الحيز العام، ومُنِعنَ – على سبيل المثال- من المشاركة في القتال في ساحة الحرب. أدى ذلك إلى إقصاء النساء عن الساحة القومية، وبالتالي –وكما تَطرحُ نيرا يوفال ديفيس – من الخطاب الجماهيري العام. وتعتقد الكثير من المفكرات النّسويات ان مَعالم ومُفردات المشروع القومي تم تحديدها من قبل الرجال، وعليه تم التعامل مع النساء من منظور الصراعات والحروب الرجالية، وليس كأفراد قائمين بحد ذاتهم[2].
حسب ويست(Lois West)[3]، خلق المشروعُ القومي، هيكلا اجتماعيا يُحاكي بنية العائلة البَطرَكيّة، التي تتكون من الرأس، وهو سيد البيت، وباقي الأعضاء الذين يخضعون لسلطته. وبسبب الفصل الحاد بين الحيز العام والحيز الخاص، كانت النتيجة أن مُنِحَت النساء وظائف خاصة داخل المجموعة القومية.
تحولت المرأة الى ممثل للعائلة الأصيلة التقليدية. لكن، وتحت راية الحرية القومية- الحرية من الاحتلال الأجنبي- فُرضَت على المرأة مطالب تتعلق بالسيطرة على جسمها وسلوكها. لكن عملية السيطرة على المرأة ترافقت مع منحها مكانة رمزية خاصة، حيث أصبحت تُشير الى حدود هوية الشعب أو القومية[4].
وعلى الرغم من إقصائهن عن الحيز العام، جُنِّدت النساء للمشروع القومي، حيث شَدّدت قيادات المشروع القومي مرارا وتكرارا على أن المعركة على الحرية القومية سابقة على القضايا المجتمعية. وشددت كذلك على ضرورة تنحية مسائل كحقوق الإنسان وحقوق النساء جانبا، من حيث كونها مسائل ثانوية. وما عناه هذا الأمر فعليا هو أن النضال النسوي أُبقِيَ خارج حدود المشروع القومي، وخصص له موقعا منفصلا.
يَفرِض المشروع النسوي تحدّيا على المشروع القومي لأنّه يطالب بإعادة النظر في مصطلح "وحدة الشعب". ويطالب المنهج النسوي بمعالجة تضارب المصالح داخل المجتمع القومي، من خلال تعريف مجدد للعلاقة بين الحيز العام والحيز الخاص. وبحسب المنهج النسوي، لا يمكن التعامل مع الحيزين كعوالم منفصلة، بل كتلك التي تكمل بعضها البعض. من هنا فإن الحرب من اجل الشعب لا تسمو من حيث القيمة عن تعزيز العائلة أو النضال من أجل حقوق النساء، فالمعركتان تسيران جنبا الى جنب، وتملك النساء في كلتيهما دورا فعالا ولا تكتفين بما تبقى من فتات. العلاقة بين الدولة والمجتمع- حسب يوفال فايس[5]- تتبلور على مستويات عديدة، لكنها لا تُناقض بالضرورة العلاقات المجتمعية الداخلية. هذا التوصيف ذو صلة وثيقة بالنساء الفلسطينيات اللواتي يقبعن في مكانة متدنية مزدوجة- داخل الدولة وداخل المجتمع.
تطورات في مكانة المرأة الفلسطينية في إسرائيل
غيّرت عربيات مواطنات إسرائيل، أسوة بباقي المجموعات النسائية، في العقود الأخيرة توجّهاتهن لمكانتهن الاجتماعية. وتحول النهج التقليدي المتميز بالسلبية النسبية الذي ميزهن في الماضي إلى منهج أكثر فاعلية. وبدأ النشاط الجماهيري للنساء الفلسطينيات مع بداية الانتداب البريطاني في فلسطين. في العام 1929 عقد لأول مرة، مؤتمر لنساء فلسطينيات تم خلاله تأسيس رابطة النساء الفلسطينيات. وجاءت المشاركة في هذا المؤتمر عموما من قبل نساء المدن اللواتي ينتمين الى الطبقات الاجتماعية-الاقتصادية العالية، في حين شاركت نساء من جميع الطبقات في ثورة 1936-1937.
جاءت مساهمة النساء في النضال القومي على قاعدة فردية وليس على أساس جماعي- جندري،لكن هذه المشاركة مُحِيَت من الذاكرة الجماعية بعد العام 1948. خلال فترة الحكم العسكري بين السنوات 1948-1966، تم فرض القيود على نشاط النساء من قبل الدولة والعائلة على حد سواء، وفرضت عليهن عائلاتهن القبوع داخل البيت وعدم المشاركة في إعالة العائلة.
بعد فقدان الأرض والقوة السياسية خلال حرب 1948 لم يبق للرجال سوى السلطة داخل العائلة، حيث اتّخَذ مصطلح "العرض" مفهوما جديدا يرتبط بشكل مباشر بالمرأة. إن سن قانون التعليم الإلزامي في العام 1949 رفع من نسبة دخول الفتيات في المدارس وزاد من الطلب لمعلمات فلسطينيات. بعد حرب العام 1967 خرجت الكثير من النسوة إلى العمل بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي عانت منه العائلات الفلسطينية.
رَفَع الدخول إلى سوق العمل والأطر التربوية سقف النشاط الجماهيري للمرأة الفلسطينية، والتي تأثرت بدورها من عمليات التّسييس التي مرّ بها الفلسطينيون داخل إسرائيل بعد العام 1967. انخرطت النساء في التنظيمات التي تم تأسيسها وأقمن بدورهن روابط وجمعيات نسائية جديدة، ونشطن في لجان الطلاب الجامعيين.بالإضافة الى ذلك، ومن منطلق إدراكهن لوضع النساء الفلسطينيات في الأراضي المحتلة،انخرطت النساء في حركات معارضة الاحتلال التي أقيمت من قبل نساء يهوديات، كـ"النساء بالسواد" و "نساء من اجل السلام".
غيّرت الانتفاضة التي اندلعت في الأراضي المحتلة في نهاية الثمانينيات من المزاج العام في صفوف الفلسطينيين سكان إسرائيل، وأدت إلى حصول عملية تسييس إضافية لدى النساء العربيات. عززت العلاقات مع النشطاء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ومع الحركات الإسرائيلية من جهة، والقمع من قبل المؤسسة الإسرائيلية، عززت جميعها من وعي النساء العربيات لغياب العدالة الاجتماعية على أساس جندري.
ارتفع في تلك الفترة عدد النساء الفلسطينيات اللواتي خرجن للعمل ضد التمييز داخل المجتمع وضد التمييز الجندري في الحيزين الخاص والعام، وأقامت نساء فلسطينيات مجموعات جديدة وأقامت بعضهن نشاطات مشتركة مع الإسرائيليات. في النصف الأول من التسعينيات وبعد التوقيع على اتفاقيات اوسلو شاركت العديد من النسوة في النقاش الجماهيري العام حول مستقبل الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، وأقيمت جمعيات ومنظمات عملت على دفع حقوق النساء الى الأمام. تمحور عمل بعضها في تنمية الهوية المشتركة للنساء العربيات و تواصل بعضها الآخر مع مجموعات يهودية.
على الرغم من التوتر بين النضال القومي والنضال النّسوي، وافقت الكثير من النشيطات النسويات على عملية إخضاع النّسوي للقومي. ونشب النقاش في هذا الموضوع عندما اقترحت مجموعات نسائية تعديلا لقانون الأحوال الشخصية[6]، واستأنفن بذلك على السلطة المطلقة للمحاكم الشرعية والكَنَِسية. وعكس الجدل الدائر تزايد وعي النساء الفلسطينيات لغياب العدالة داخل المجتمع بمنأى عن المعركة ضد القمع القومي للفلسطينيين داخل دولة إسرائيل. ومع ارتفاع مستوى الوعي بدا سقف المطالب بالارتفاع وتغيرت نبرة الخطاب.
يشكل تنظيمان نسويان عربيان مثالا على خوض النضال على المستويين القومي والجندري. وعمل هذان التنظيمان على تعزيز الهوية القومية وعلى خلق مجتمع معافى يتحلى بمعايير متنورة.
التنظيم الأول هو الفنار- تنظيم عربي نسوي، الذي كان السبّاق في طرح ظاهرة قتل النساء على خلفية ما يسمّى شرف العائلة على جدول الأعمال العام. وادعى الفنار انه، وبعكس ما كان متعارف عليه حتى تلك الفترة، فإن قتل النساء اللواتي اتهمن بالمس بشرف العائلة لا يشكل ظاهرة تحظى بالإجماع، ويجب طرحها للنقاش العام. عمل الفنار لمدة قصيرة لكن تأثير نشاطه على المجتمع كان وما يزال غير مسبوق[7].
شكل التنظيم الثاني تحالفا لحركات نسوية ومنظمات لحقوق الإنسان. أقيم هذا الإئتلاف في منتصف التسعينيات لمحاربة الظاهرة التي قام الفنار بإثارتها وهي قتل النساء على خلفية ما يسمى بشرف العائلة. أثار هذا الائتلاف الذي سمي "البديل" اهتماما كبيرا داخل المجتمع الفلسطيني في إسرائيل وفي صفوف السلطات الحكومية بما في ذلك الشرطة والنيابة العامة.
عمل "البديل" على تعزيز معارضي ظاهرة قتل النساء على خلفية ما يسمى شرف العائلة، وعلى كسر جدار الصمت الذي أحاط بها. وناضل أعضاءها من اجل إجبار الشرطة على تبني سياسة صارمة ضد الأفراد الذين يهددون بتنفيذ جرائم قتل على خلفية شرف العائلة، وطالبوها بإنزال أقسى العقوبات بمن قتلوا نساء من عائلاتهن بتهمة انتهاك شرف العائلة. وطالب البديل سلطات الدولة بعدم التهرب من معاقبة هؤلاء بذريعة ان هؤلاء قاموا بأفعالهم في إطار " العقلية العربية" أو " الحضارة العربية "، وطالبوها بعدم الإحجام عن التدخل في المشاكل الاجتماعية الداخلية للمجتمع الفلسطيني.
عمل البديل[8]على فضح تقاعس سلطات الدولة من جهة، وتقاعس أصحاب القرار في المجتمع الفلسطيني من الجهة الأخرى. ولم يعتقد أعضاء البديل بوجود تصادم بين هذين المسارين، بل أنهما يكملان بعضهما البعض. كان لهذا الائتلاف تأثير كبير على العمل النسوي للنساء الفلسطينيات في إسرائيل.
وبجانب هذين التنظيمين البارزين تزايد عدد الجمعيات التي بدأت تعرض خدمات للنساء في ضائقة، وتعمل على زيادة الوعي في صفوف المجتمع لوضع النساء. حاولت هذه الجمعيات التأثير على المزاج العام بكل ما يتعلق بمكانة المرأة. وتعمل هذه الجمعيات في السنوات الأخيرة بالاعتماد على ثلاثة نماذج أساسية: النموذج المحافظ، النموذج اللبرالي والنموذج الذي يمزج بين المطالبة بفرض معاييركونيّة، وبين الاعتراف بمكونات ثقافية تاريخية لمجموعات سكانية مختلفة.
يَعتبر النموذج المحافظ الذي يستقطب نسبة عالية من النساء الفلسطينيات بأن الكتب المقدسة والأعراف الاجتماعية المتداولة تشكل سقف مطالب النساء وطموحاتهن. وتشكل جمعية "نساء وآفاق" الممثل الأبرز لهذا التوجه، وتعمل هذه الجمعية في إطار يتميز بحدود واضحة دون المحاولة لاختراقها. في حال نشوب خلافات بينها وبين رؤساء المؤسسة الاجتماعية الدينية الاسلامية، تدير الجمعية النقاش معهم من خلال تبني قواعد اللعبة المتعارف عليها، أي تلك التي تم تحديدها من قبل الرجال. وتعمل الجمعية في الأساس على رفع مستوى الوعي للنساء المسلمات بخصوص حقوقهن في المحاكم الشرعية واستنفاذ إمكانيات تفسير الآيات القرآنية بروح العصر والمكان[9].
ويتواجد النموذج اللبرالي على الطرف الآخر للخارطة، على الرغم من عدم إمكانية تطبيق هذا الوصف بشكل كامل على جميع الجمعيات التي تُنسب إليه. وتؤيد الجمعيات التي تنمي لهذا النموذج التعاون مع حركات نسوية أخرى، لان جميعها تتفق على وجود معايير مطلقة يجدر النضال من اجلها بغرض تحسين مكانة النساء، دون التمييز بين أساليب وأشكال القمع التي تعاني منها النساء في مواقع مختلفة ومن قبل مجموعات اجتماعية مختلفة[10].
إحدى الإسقاطات العملية لهذا النهج هو خلق حيز واسع للتعاون مع مجموعات أخرى. وترفض الأطر التي تتبنى المنهج النّسوي اللبرالي منح أهمية للانتماءات المختلفة للنساء ولموقعهن داخل المجتمع، وذلك بغرض ملائمة سبل النضال للظروف الحياتية المختلفة لطيف واسع من النساء.
مثال على هذا الملائمة هو الالتماس الذي قدمه مركز عدالة بهدف مساعدة النساء البدويات اللواتي يقطنّ في القرى غير المعترف بها في النقب من اجل الحصول على خدمات الطب الوقائي[11]. ويعكس التوجه الذي تمت بلورته في هذا الالتماس نموذج التعاون الثالث، الذي يمزج بين المطالبة بفرض معايير كونيّة، وبين الاعتراف بمكونات ثقافية تاريخية لمجموعات سكانية مختلفة. واعتمد الالتماس على الحقوق الأساسية وعلى التشريعات القائمة، لكنه اخذ بعين الاعتبار السلوكيات المحافظة والشوفينية التي تميز المجتمع البدوي. وكل ذلك بغرض المحافظة على صحة المرأة ونسلها.
عند تقديم الالتماس في نهاية العام 1997لم تعمل في القرى غير المعترف بها عيادت الأم والطفل، مما اضطر النساء الحوامل وأمهات الرضّع المشي على الأقدام لمسافات كبيرة بغرض الحصول على خدمات الصحة الوقائية وخصوصا تلك المتعلقة بالحمل. وزاد غياب خدمات الطب الوقائي في القرى غير المعترف بها من المخاطر المرتبطة بالحمل. في تلك الفترة سكن في القرى غير المعترف بها حسب التقديرات حوالي 70 ألف نسمة، وحصلت 16 حالة وفاة لكل ألف ولادة. وأُلحِقت بالالتماس شهادات لرجال ونساء بدو من سكان القرى غير المعترف بها، بالإضافة لشهادات من قبل مختصين في الصحة، حددت جميعها أن البعد بين البيوت التي تسكنها النساء وبين العيادات يُثَبِّتُ المكانة المتدنية للنساء.
بشكل عام لا يُسمح للنساء في المجتمع البدوي الخروج من قراهن. وتستطيع النسوة القيام بذلك فقط برفقة رجل من أبناء الحمولة. في الكثير من الأحيان شكّل خروج النساء بدون هذه المرافقة إلى المتابعة الطبية أو العلاج، خطرا على حياتهن، بذريعة أن خروجهن من القرى يشكّل انتهاكا لـ"شرف العائلة". إزاء هذا الوضع، لا تتمكن النساء البدويات من الحصول على معلومات حول وضع الجنين، أو مخاطر الحمل. هذا التعلق المطلق بالرجل لا يُبقى مكانا للمرأة البدوية للسيطرة على جسدها في هذه الظروف.
وكشف الالتماس- بما يتعلق بمكانة النساء البدويات- عدم وجود تَعارض بين مستويي النضال الذين تطرق لهما هذا المقال. النضال القومي والنضال الجندري. ففي هذين المستويين تجد النساء أنفسهن في أسفل السلم. ويستدل من التمييز الذي يعاني منه الفلسطينيون من قبل الدولة من ناحية وأشكال التمييز الداخلي كالزواج بالإكراه وتقديس العذرية وتعدد الزوجات والعنف، من الناحية الأخرى، يستدل من كل هذا أن هنالك شكل من أشكال الاتفاق بين واضعي السياسة في المؤسسة الاسرائيلية وبين زعامات الجمهور البدوي. ويحول هذا الاتفاق دون توفر القدرة للنساء بالسيطرة على حياتهن وأجسادهن[12].
يرتكز النموذج الذي اعتمده مركز عدالة لتقديم العون للنساء البدويات في الالتماس أعلاه على تحليل منابع المشاكل التي يعانين منها، وعلى بلورة الحل الذي يوفر إمكانية فرض معايير عامة على هؤلاء النسوة،وكل ذلك من خلال مراعاة الخلفية الاجتماعية والثقافية التي يعشنها. وعلى هذا غرار ذلك، يتوجب العمل على دعم وتطوير مصالح النساء في هذه الأيام. ويجب خوض وإدارة النضال من اجل الاستقلالية وحرية العمل بالارتباط بالانتماء القومي، من خلال توقي الكثير من الحذر وعدم اعتبار القوم قيمة مطلقة بحد ذاتها.
من هنا، فليس من الواقعي رعاية تيار يلائم النساء الفلسطينيات اللواتي يعانين من التمييز على أساس قومي وعلى أساس جندري، دون الأخذ بعين الاعتبار المركبات التاريخية والظروف البيئية المحيطة. وتتوفر الإمكانية لجميع المجموعات النسائية العمل سويّة لتطوير مصالحها المشتركة فقط عندما يتم اخذ هذه الظروف بعين الاعتبار.
* محامية وعضوة الهيئة الإدارية في عدالة.
[1] جاد إصلاح (2000)، النساء والسياسة، جامعة بير زيت.
[2] Yuvl-Davis N and Anthias F. 1989, Woman-Nation-State,
[4] Rouhana , H.(2003), Personal Status Laws and the Citizenship of Palestinian Women in Israel, M.A. Thesis submitted to
[5] Yuval-Davis, N. (1997), Gender and Nation.
[6] محضر مداولة في موضوع مشروع قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، الناصرة، 14.6.2000.
[7] Developments in the struggle against the murder of women for the sake of so-called ‘family honor’. El-Fanar Report.1994.
[8] نشرة البديل (آب 1999)، الناصرة.
[9] "نساء وآفاق"، جمعية مسجّلة ، كفر قرع، 2004.
[10] Raja Bahlul, Women &Democracy In Liberal Feminist Thought, Ramallah-1998
[11] ملف المحكمة العليا 97/7115 عدالة ضد وزارة الصحة.
[12] اسمير سامرة (خريف 1999)، "حول حدود السرد القانوني"، دفاتر عداله: سياسة القانون والهويات، المجلد الأول، ص 12-21.