الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية: الوضع الراهن

في السنة الأخيرةاستخدمت السلطات الإسرائيلية الاعتقال الإداري بشكل واسع. ردًا على ذلك، أضربالسجناء الإداريين عن الطعام وانضم إليهم الأسرى السياسيين المحكومين. وقد تمتمعاقبة السجناء والأسرى المضربين وسلبت منهم حقوق مختلفة كمنعهم من زيارات عائلاتهملهم.
وفقًا للمعطياتالأخيرة الصادرة عن سلطة السجون في شهر شباط 2012، يقبع في السجون الواقعة تحتمسؤولية سلطة السجون الإسرائيلية19,561سجين،4,631منهم مصنفون ك "سجناء أمنيين". ومن بين السجناءالمصنفين كأمنيين هنالك4,275أسيرًا فلسطينيًامن سكان القدس الشرقية، الضفة الغربية وقطاع غزة، و 340 أسيرًا من الفلسطينيينمواطني إسرائيل وأسيران من هضبة الجولان. بالإضافة هنالك 14 سجينًا يهوديًا من ضمنالمصنفين كأمنيين. ومن بين الأسرى الفلسطينيين المصنفين كأمنيين من سكان الضفةالغربية وغزة هنالك 533 أسيرًا محكومين بالسجن المؤبد. وبحسب معطيات وتقارير صادرةعن منظمات حقوق إنسان تحتجز إسرائيل قرابة 320 فلسطينيًا سكان الضفة الغربية فيكسجناء إداريين[1]. كما يحتجز في السجون الواقعة في مسؤولية سلطة السجون 1355 أسيرا فلسطينيا الذينأدينوا بمخالفات "التواجد بشكل غير قانوني في إسرائيل"، وهم مصنفين كجنائيين.
 
كل الأسرىوالمعتقلين الفلسطينيين المصنفين كأمنيين يعانون من ظروف اعتقال صعبة، أقسى بكثيرمن ظروف اعتقال السجناء الجنائيين، بمن فيهم المحكومين بتهم مشابهة لكن لم تصنفهمسلطة السجون كسجناء أمنيين. وكانت المحكمة العليا قد أقرت في قرارات سابقة أن لسلطةالسجون الصلاحية للتفرقة بين السجناء الجنائيين والأمنيين واتخاذ خطوات خاصة معالأسرى الأمنيين[2].مع ذلك، أقرت المحكمة أنه يتوجب على سلطة السجون أن تجري الموازنة اللائقة بين حقوقالأسرى وبين الضرورة الأمنية التي من أجلها يتطلب تقييد حقوق الأسرى[3].
 
الأسرى "الأمنيين"
 
كثيرة هيالتقييدات المفروضة على الأسرى المصنفين كأمنيين والتي لا تسري على السجناءالجنائيين. حيث تقيد سلطة السجون زيارات العائلات للسجناء المعرفين كأمنيين، حيثيستطيع فقط الأقارب من الدرجة الأولى زيارتهم; يمنع الأسرى المصنفين كأمنيين منإجراء اتصالات هاتفية مع أي شخص حتى مع عائلاتهم; يمنع خروجهم من السجن لإجازات،وذلك حتى في الحالات الخاصة كوفاة قريب من الدرجة الأولى. كما يحرم الأسرى الأمنيينمن معالجة مشاكلهم الاجتماعية; لا يحصلون على خدمات التأهيل، ولا يستطيعون حتىالمشاركة في النشاطات التعليمية والتثقيفية التي تمنحها سلطة السجون للسجناءالجنائيين. في وقت الزيارات، يفصل حائط زجاجي بين السجين وزائريه سواء كانوا منأهله أم محاميه. بالإضافة لذلك، لا يحظى الأسرى المصنفين كأمنيين بعفو من رئيسالدولة ولا يحظى المحكومين بالسجن المؤبد منهم بتحديد مدة محكوميتهم.
وقد أساءت سلطةالسجون في السنة الأخيرة أكثر فأكثر ظروف اعتقال الأسرى المصنفين كأمنيين وفرضتعليهم تقييدات إضافية. وتشمل هذه التقييدات حظر على التعلم في الجامعة المفتوحةوإلغاء محطات التلفاز العربية التي سمح للأسرى بالماضي مشاهدتها. واشتكى أسرىعديدين من تقييدات أو حتى منع إرسال وتسلم البريد، كما اشتكوا من تكرار التفتيش فيغرفهم في الساعات المتأخرة من الليل، الذي يكون عادةً مصحوبًا بعنف شديد ضدهموإجراء تفتيش عارٍ على أجسادهم.
تشديد ظروفالاعتقال والإجراءات بحق الأسرى المصنفين كأمنيين تتخذ كخطوات عقاب جماعي وضغط علىالأسرى لحملهم على العمل مقابل قياداتهم لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المحتجز فيقطاع غزة جلعاد شاليط. في تموز 2011، أعلنت حكومة إسرائيل أنها ستتخذ سلسلة منالخطوات لتصعيب ظروف معيشة الأسرى وسلب حقوقهم. وبدأت هذه السلسلة بمنع الأسرى منالتعليم الأكاديمي داخل السجن[4].
يذكر أن جزءً منهذه الظرف تعتبر تعذيبًا وضربًا من ضروب المعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينةبما يتنافى مع تعليمات القانون الدولي، كالتفتيش العاري، استخدام العنف كعقاب،احتجاز أسير في العزل، رعاية طبية غير لائقة للأسرى المضربين عن الطعام، منع إجراءفحص من قبل طبيب مستقل ومنع اللقاء مع المحامي.
 
الاعتقالالإداري والعقوبة الجماعية
وفي السنة الأخيرةاستخدمت السلطات الإسرائيلية الاعتقال الإداري بشكل واسع. ردًا على ذلك، أضربالسجناء الإداريين عن الطعام وانضم إليهم الأسرى السياسيين المحكومين. وقد تمتمعاقبة السجناء والأسرى المضربين وسلبت منهم حقوق مختلفة كمنعهم من زيارات عائلاتهملهم.
في تشرين أول 2011تمت صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، التي أفرج في إطارها عن قرابة ألفأسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. لكن آمال السجناءالسياسيين بأن يلغى التشديد المفروض على ظروف اعتقالهم خاب وتبدد.
في الشهر الأخير،مارست سلطة السجون سياسة عقاب جماعية من نوع جديد – 76 من الأسرى المصنفين كأمنيين،غالبيتهم كم سكان الجليل والمثلث، نقلوا بشكل مفاجئ من قسم 4 في سجن الجلبوعالمحاذي لمدينة بيسان إلى سجن نفحة الواقع في منطقة معزولة في النقب. نقل السجناءإلى السجن البعيد سبب الكثير من المصاعب للأسرى ومس بشكل كبير في قدرة عائلاتهم علىزيارتهم، وخصوصًا الزوار المسنين والأطفال والمرضى.
بالإضافة إلىالإشكال في النقل ذاته وطريقة تنفيذه، ظروف مبنى قسم 4 في السجن الذي نقل إليهالأسرى هي ظروف مزرية، تمس في صحة وسلامة الأسرى. وقد أخبر الأسرى مركز عدالة أنهتم إسكان كل عشرة أسرى في غرفة واحدة صغيرة لا تتلاءم مع المعايير الدولة بشأنالمساحة السكنية الأزمة لكل أسير. كما أن المرافق الصحية في الغرف بحالة مزريةأيضًا، خصوصًا بسبب عدم الفصل بين الحمام والمرحاض. الغرف كانت متسخة، الفرشاتممتلئة بالحشرات والصراصير، والحيطان ممتلئة ببقع الرطوبة والعفن. الغرف كانتمخنوقة ومظلمة بسبب انعدام التهوئة والإضاءة الكافية. كما اشتكى الأسرى من نقص فينقاط الكهرباء داخل الغرف، انقطاع مقصود في التيار الكهربائي في ساعات محددة خلالالنهار وعن نقص في المعدات الأساسية كالخزائن، الطاولات والكراسي بعدد يتلاءم مععدد الأسرى في كل غرفة. كما أن الساحة التي يخرج إليها الأسرى في الاستراحاتاليومية كانت صغيرة ولا تتلاءم مع عددهم.
وقدتوجه مركز عدالة لمفوضية سلطة السجون فورًا بعد تلقي معلومات عن نقل الأسرى منالسجن، ومرة أخرى بعد تلقي معلومات عن الظروف في قسم 4 في سجن نفحة، الذي نقلالأسرى إليه، وطالب بإغلاق القسم بشكل فوري. لم ترد سلطة السجون على أي منالتوجهين. مع ذلك، في نهاية شهر آذار علم مركز عدالة أن الأسرى الذين احتجزوا فيقسم 4 تم نقلهم إلى قسم آخر في نفس السجن. وللأسف الشديد، تبين أن الظروف في القسمالجديد مشابهة للقسم السابق. بالإضافة لذلك، تبين أن قسم 4 لم يغلق بل نقل إليه 70أسيرًا سياسيًا من سجن رمون الذين يعانون الآن من نفس الظروف الصعبة في هذاالقسم.
النقل الجماعيوالمفاجئ ل 76 أسير من سجن الجلبوع إلى سجن نفحا البعيد، احتجازهم في قسم 4 الذيتسود فيه ظروف مزرية، نقلهم إلى قسم آخر في سجن نفحة ونقل 70 سجينا آخر من سجنرامون إلى قسم 4 في سجن نفحة كل هذه الخطوات تبدو كوسيلة جديدة من العقاب الجماعي.هذه الوسيلة تلاءم سياسة سلطة السجون تجاه الأسرى السياسيين، التي تتميز بفرض ظروفاعتقال مزرية، فرض عقاب جماعي وتعسفي وبالتعامل بشكل مهين مع الأسرى الذي على نحويمس بكرامتهم بشكل سافر ويشكل عقابًا قاسيًا وغير إنساني.
 


[1]بحسبمعطيات مركز الضميرhttp://www.addameer.org/atemplate.php?id=195
[2]في هذاالشأن ينظر إلى: م.ع.ع 80/221 درويش ضد سلطة السجون، قرارات المحكمة العليا ل ه (1), 536 (1980). 
 
[3]استئنافالتماس إداري، دولة إسرائيل ضد قنطار، قرار حكم (4) 492, 500, 503 (1996).