شددت المؤسسات أن عزل المعتقلين ومنع اللقاء بينهم وبين محاميهم هو احد أساليب التنكيل المركزية التي يتم الإبلاغ عنها في إطار منظومة التحقيقات التابعة للشاباك.
وجاء في ورقة الموقف أن حق المعتقل في لقاء محاميه وان يكون ممثلاً بواسطة محام، هي من الحقوق الأساسية المشتقة من الحق في الحرية، الكرامة والحق في الإجراء القضائي العادل. وقد اعترفت المحكمة العليا الإسرائيلية بمكانة هذا الحق، حتى أنها ألغت أدلة واعترافات جنيت من المتهمين خلال انتهاك هذا الحق. لكن الاعتراف بحق المتهمين بلقاء محاميهم تجاوز عن المعتقلين المصنفين كمعتقلين أمنيين، وغالبتهم المطلقة من الفلسطينيين. حيث تميز القوانين الإسرائيلية التي تسري داخل إسرائيل وقوانين الجهاز القضائي العسكري التي تسري على سكان المناطق المحتلة، تميز بين السجناء العاديين والسجناء المصنفين كأمنيين، الأمر الذي يتيح لجهاز الأمن العام (الشاباك) استغلال صلاحياته بشكل واسع لمنع لقاء هؤلاء المعتقلين مع محاميهم.
وأضافت المؤسسات أنه عندما يتعلق الأمر بمعتقل المتهم بمخالفات أمنية في الجهاز القضائي العسكري، يكون الشاباك مخولاً بمنع لقاء المعتقل مع محاميه لمدة عشرة أيام، وبإمكان رئيس المحكمة المركزية المصادقة على تمديد منع اللقاء لمدة تصل إلى 21 يومًا. وبإمكان أصحاب مناصب معينة في الشاباك تمديد المنع لما مجمله 30 يومًا. وبإمكان القضاة العسكريين (أصحاب الخلفية القانونية منهم فقط) إصدار أمر يمنع لقاء المتهم مع محاميه لمدة 30 يومًا إضافيًا ورئيس المحكمة العسكرية مخول بتمديد المنع لمدة 30 يومًا آخرًا. وبالتالي، بالإمكان اعتقال والتحقيق مع شخص لمدة ثلاثة أشهر دون أن يقابل محام. وبما أن غالبية المعتقلين من المناطق المحتلة مشتبهين بتهم تعتبر وفق القوانين العسكرية كتهم أمنية، يصبح الاستثناء الذي يتيح منع اللقاء بين المعتقل ومحاميه هو القاعدة.
وفي حين أن تدابير منع اللقاءات بين المعتقلين الأمنيين والمحامين هي أكثر خطورة في المناطق المحتلة، إلاّ أن التدابير الموازية التي تطبّق في إسرائيل على المعتقلين المشبوهين بمخالفات أمنية، والتي تشمل مواطنين ومقيمين لا ينطبق عليهم التشريع العسكري، تمسّ هي الأخرى مسّاً خطيرًا وكبيرًا بحقوق المعتقلين. فالبنود ذات الصلة في قانون الإجراءات الجنائية في هذا السياق وتطبيقها يمسّان بشكل خطير بالحقوق الأساسية، في الوقت الذي لا يفترض فيه أن تشكل طبيعة المخالفة سببًا لتبرير المسّ بالمعتقل الذي تتوفر له قواعد الدفاع في القانون الجنائي.
شددت المؤسسات أن عزل المعتقلين ومنع اللقاء بينهم وبين محاميهم هو احد أساليب التنكيل المركزية التي يتم الإبلاغ عنها في إطار منظومة التحقيقات التابعة للشاباك. الحق في اللقاء مع محام هو احد الضمانات الهامة لوجود إجراء قضائي عادل ومنع تعذيب المعتقلين والتنكيل بهم. في هذه الظروف تزداد المخاوف من تشويش القدرات الذهنية للمعتقل، الإدلاء بشهادات كاذبة وإدانة الأبرياء.
كما أنه غالبًا ما يرافق منع اللقاء مع المحامي ممارسات أخرى تنتهك حقوق المتهم، كالتداول القضائي بغياب المتهم أو محاميه أو غياب كليهما، إجراء جلسات بأبواب مغلقة، إخفاء معلومات عن المعتقل بخصوص استمرار منع اللقاء وتمديده، عدم إبلاغ المعتقل عن كونه ممثل بواسطة محام، وهكذا. الاستخدام المتراكم لمجمل هذه الوسائل يخلق وضع يكون فيه المعتقل بعزلة مطلقة عن العالم الخارجي، الأمر الذي يهدف إلى كسر معنوياته وإرغامه على التعاون مع المحققين وتقديم كل المعلومات المطلوبة، وتزيد الاحتمالات في هذه الحالة أن يصبح المتهم ضحية للتعذيب. هذه هي الغاية الحقيقية من منع اللقاء ومن بقية الوسائل التي تهدف إلى عزل المعتقل، وهي غاية غير مناسبة بل مرفوضة.
وعلاوة على خطورة ترتيبات منع اللقاءات بين المعتقلين ومحاميهم خلال مجرى التحقيق, ذكرت المؤسسات ان ثمة أيضًا تشريع مستحدّث وصارم يمنع اللقاءات بين المحامين والاسرى الفلسطينيين المحكومين، ويؤدي إلى تعرّض الاسرى للتنكيل والمعاملة غير اللائقة من جانب سلطة السجون.
وأوردت المؤسسات في الورقة موقفها القاضي أنه حتى في الحالات التي يكون بها المعتقلين متهمون بمخالفات خطيرة، يجب الحفاظ على حقهم بلقاء محاميهم بهدف حماية حقهم بالإجراء القضائي العادل، منع استخدام أساليب تحقيق مرفوضة واستخدام التعذيب ومنع استصدار اعترافات كاذبة. واضافت المؤسسات أنه يجب إلغاء التصنيف والفجوات الكبيرة التي خلقها الأمر العسكري بين "الأمنيين" و"الجنائيين" والذي يلغي حقوق غالبية المعتقلين الفلسطينيين. كما يجب وقف استخدام الأدلة السرية لتبرير منع اللقاء. يجب توسيع المنع المطلق على استخدام التعذيب خلال التحقيق ليشمل حق المعتقلين بلقاء محاميهم في أي وقت خلال التحقيق وإدراج جميع هذه المحظورات في قانون رئيسي.