عدالة: مشاريع القوانين لإغلاق الأونروا تنتهك القانون والمواثيق الدولية ويجب إلغاؤها على الفور

حذر مركز عدالة، في رسالة وجهها للسلطات الإسرائيلية، من أن المصادقة على مشروع قانون إغلاق ووقف عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وهي إحدى مؤسسات الأمم المتحدة، في البلاد والمناطق المحتلة ينتهك القانون والمواثيق الدولية، وكذلك يخالف التدابير المؤقتة التي أعلنتها محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية.

أرسل مركز عدالة في 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 رسالة إلى المستشارة القضائية للحكومة والمستشارة القانونية للكنيست يوضح فيها اعتراضه على مشاريع القوانين المقرر عرضها للمصادقة في الكنيست في القراءتين الثانية والثالثة، التي تهدف إلى منع عمل وإغلاق الأونروا- وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. من شأن مشاريع القوانين هذه أن تقوض بشدة الخدمات الأساسية والإنسانية المقدمة للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة- في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وطالب عدالة المستشارة القضائية للحكومة والمستشارة القانونية للكنيست بالعمل من أجل سحب مشاريع القوانين المقترحة على الفور والتوقف عن المضي قدما في محاولات تشريعها.

وكانت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست قد صادقت في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 2024 على مشروعي القانون، ومن المقرر أن يتم عرض هذان المقترحان على الهيئة العامة للكنيست في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2024. من الجدير بالذكر أن أعضاء الائتلاف الحكومي والمعارضة في إسرائيل يدعمون كلا المشروعين بغالبية قد تصل إلى 100 عضو كنيست من أصل 120.

 

اضغط هنا لقراءة رسالة عدالة [بالعبرية]

 

تقدم وكالة الأونروا، التي بدأت عملها في عام 1950، الخدمات الأساسية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين المسجلين في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، والأردن وسورية ولبنان. وتواجه الأونروا منذ فترة طويلة حملات تقودها مجموعات ومسؤولون إسرائيليون سعوا علنًا إلى طردها من القدس المحتلة في الماضي. يتم الآن استخدام هجمات 7 أكتوبر كذريعة لتنفيذ هذه الأجندة طويلة الأمد من خلال مشاريع القوانين هذه التي تم اقتراحها في أعقاب مزاعم إسرائيل حول تورط موظفي الأونروا في غزة في هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في البلاد. وأدت المعلومات التي قدمتها إسرائيل إلى الأونروا بهذا الشأن إلى قرار الوكالة بإنهاء عقود الموظفين على الفور، لكن المشرعين الإسرائيليين يصرون الآن على ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات من أجل وقف عمل الأونروا تمامًا.

 

حظر الأنشطة والتواجد في القدس الشرقية وتقييد المساعدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة

تسعى مشاريع القوانين إلى منع الأونروا من العمل داخل "المناطق السيادية" لإسرائيل، وتنص على أن الوكالة "لا يجوز لها إنشاء أي تمثيل، أو تقديم أي خدمات، أو القيام بأي أنشطة" داخل الأراضي الإسرائيلية. إذا تم إقرارها، فإنها ستؤدي إلى إغلاق المقر الرئيسي للأونروا في القدس المحتلة، وهو بمثابة المركز الإداري والتنظيمي لعملياتها في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي سيؤدي إلى وقف جميع خدمات وأنشطة الوكالة في القدس الشرقية. وتقترح مشاريع القوانين أيضًا منع السلطات الإسرائيلية من التواصل أو التعامل مع الأونروا أو ممثليها بشكل مباشر وغير مباشر. إضافة إلى ذلك، فإنها تنص على إنهاء الاتفاقية بين إسرائيل والأونروا، الموقعة في حزيران/ يونيو 1967، التي سمحت وسهلت عمليات الوكالة والتنسيق مع سلطات الدولة. بموجب الاتفاقية، التزمت إسرائيل بتسهيل "مهمة الأونروا قدر استطاعتها". وسيدخل القانون حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من إقراره، بينما يصبح إنهاء الاتفاقية ساري المفعول على الفور.

 

وجاء في الرسالة، التي أرسلتها المديرة القانونية لمركز عدالة د. سهاد بشارة، إن أنشطة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة تعتمد بشكل كبير على التنسيق المستمر مع السلطات الإسرائيلية في جميع جوانب عملها. ويشمل هذا التنسيق إنشاء مقر العمليات، والحصول على التأشيرات وتصاريح الإقامة والعمل للموظفين، والتنسيق مع جيش الاحتلال بشأن المسائل التشغيلية والإدارية، مثل تقديم المساعدات الإنسانية في الأراضي المحتلة، وتسهيل دخول ونقل الأدوية والإمدادات الأساسية. وشدد عدالة على أن القانون المقترح من شأنه أن يعرض عمليات الأونروا في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة للخطر الشديد، وسيتسبب في عواقب كارثية على اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون هناك.

 

جانب بالغ الأهمية في سياق عمل الأونروا يتعلق بالحرب الدائرة على قطاع غزة، والتي عمَّقت وما زالت تفاقم وتوسع الأزمة الإنسانية هناك. للأونروا دورا حاسمًا في تقديم المساعدات الإنسانية والمأوى للفلسطينيين في غزة. تقوم الوكالة حاليًا بإيواء العديد من النازحين داخليًا كما توفر الغذاء والخدمات الصحية الطارئة والدعم في العديد من المجالات الأساسية، بما في ذلك في مجال الأمن الغذائي ونظام الطوارئ الصحية والمعدات الطبية والأدوية والوقود وغيرها.

 

وشدد عدالة على أن تقليص أنشطة الأونروا في غزة ينتهك الإجراءات المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل. في 26 كانون الثاني/ يناير 2024، أصدرت المحكمة قرارها الأول بالإجراءات المؤقتة، والذي تضمن وجوب إسرائيل باتخاذ "تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية الضرورية لمعالجة الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة". وفي 28 آذار/مارس 2024، قضت المحكمة أيضًا بأنه يجب على إسرائيل أن "تتخذ جميع التدابير اللازمة والفعالة، دون تأخير، وبالتعاون الكامل مع الأمم المتحدة، لضمان توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية الملحة على نطاق واسع من قبل جميع الأطراف المعنية دون عوائق." بناءً على ذلك، جاء في الرسالة أن اقتراحات القوانين تتعارض مع قرارات محكمة العدل الدولية المذكورة أعلاه، ويمكن أيضًا اعتبار نتائجها انتهاكًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. إن وقف أنشطة الأونروا، وبالتالي منع المساعدات الأساسية التي تقدمها الوكالة للاجئين، وخاصة في قطاع غزة، يمكن أن يشكّل أيضًا جريمة حرب وفق اتفاقية روما التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، والتي تجرم الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب.

 

كما جاء في الرسالة أن مشاريع القوانين هذه تنتهك القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما المادة 2 (5)، التي تنص على أن تساعد جميع الدول الأعضاء الأمم المتحدة في أعمالها. إضافة إلى ذلك، فإنها تتعارض مع المادة 104، التي تمنح الأمم المتحدة الأهلية القانونية اللازمة لأداء وظائفها، والمادة 105، التي تضمن تمتع الأمم المتحدة وممثليها بالامتيازات والحصانات الأساسية لتنفيذ مهامهم ووظائفهم وكامل صلاحياتهم.

 

إدانات دولية لمشاريع القوانين

واجهت مشاريع القوانين المقترحة انتقادات واسعة النطاق من مختلف الجهات الدولية الفاعلة، بما في ذلك سفراء 123 دولة عضو في الأمم المتحدة، الذين أعربوا عن دعمهم للأونروا ومعارضتهم لتشريع القوانين. كما شدد المجلس الأوروبي على أن "الاستمرار في تنفيذ خطة عمل الأونروا هو أمر أساسي"، وأدان أي جهد لإلغاء اتفاقية عام 1967 بين إسرائيل والأونروا أو عرقلة قدرة الوكالة على القيام بتفويضها. كما أصدر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن رسالة مشتركة، حذرا فيها من أن "تفعيل مثل هذه القيود من شأنه أن يدمر الاستجابة الإنسانية في غزة في هذه اللحظة الحرجة ويحرم عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية من الخدمات التعليمية والاجتماعية الأساسية".

 

تعقيب عدالة:

"في خضم الإبادة الجماعية المستمرة التي تمارسها إسرائيل في غزة وحملة التهجير القسري التي تشنها في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، تتخذ إسرائيل خطوات لتفكيك شريان الحياة الحيوي لملايين اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة. إن المضي قدمًا في مشاريع القوانين هذه يكشف عن استراتيجية إسرائيل المخططة مسبقًا، والمتمثلة في إلحاق المعاناة بالفلسطينيين حتى الموت أو التهجير، مما يزيد من حدة الكارثة الإنسانية في غزة. لقد كانت الهجمات المستمرة على الأونروا نابعة من إنكار إسرائيل لحقوق الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، وقد تصاعدت هذه الجهود خلال الحرب على غزة إلى مرحلة جديدة شديدة الخطر، تتضمن أهدافها استخدام التجويع كسلاح مميت. وعلى الرغم من أوامر الاعتقال المعلقة الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد مسؤولين إسرائيليين بسبب أفعال ترقى إلى جرائم حرب، فإن هذه المبادرة لإغلاق الأونروا حظيت بدعم واسع النطاق بين المشرعين الإسرائيليين. بالتالي، يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل حاسم لمنع سن وتنفيذ مثل هذه القوانين الخطيرة”.

 

صورة: فلسطينيون يتجمعون لتلقي مساعدات غذائية في مدرسة تابعة للأونروا في مدينة رفح، 28 كانون الثاني 2024. تصوير: عبد الرحيم خطيب/فلاش 90