لجنة الأمم المتحدة تدين الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة لحقوق الأطفال الفلسطينيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة وتدعو إلى محاسبة إسرائيل
يرحب مركز عدالة بالملاحظات الختامية بشأن إسرائيل، الصادرة في 19 أيلول 2024 عن لجنة الأمم المتّحدة المعنية بحقوق الطفل. تتشكّل اللجنة من 18 من الخبراء والخبيرات المستقلين في مجال حقوق الإنسان والقانون، وتشرف فعليًا على تطبيق الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل. صادقت إسرائيل على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في عام 1991، وتخضع لمراجعة دورية حول مدى امتثالها للاتفاقية.
تأتي هذه المراجعة عقب جلسات عقدتها اللجنة في الثالث والرابع من أيلول 2024، حيث مثّلت المحامية لبنى توما مركز عدالة في الجلسات. قدم مركز عدالة تقريرين مفصلين إلى اللجنة، أحدهما في كانون ثانٍ 2023 والآخر في آب 2024.
انقر/ي هنا لقراءة الملاحظات الختامية للعام 2024 للجنة حقوق الطفل بصدد إسرائيل (باللغة الإنجليزية).
انقر/ي هنا لقراءة تقرير عدالة لعام 2024، وهنا لقراءة التقرير لعام 2023 (التقارير باللغة الإنجليزية).
أعربت اللجنة في الملاحظات الختامية عن موقفها الصارم ضد الإبادة الجماعية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل في غزة واستهداف الأطفال الفلسطينيين، وأشارت إلى أنها تشعر بقلق بالغ إزاء الأعداد المرتفعة للأطفال في غزة الذين يتعرضون للقتل والتشويه والتهجير القسري والتّجويع بسبب الهجمات العسكريّة الإسرائيليّة. وفقا للتقارير المقدّمة للجنة "لقد نزح سكان غزة مرات عديدة نتيجة للهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي شنتها الدولة الطرف [إسرائيل] على غزة، باستخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في مناطق مكتظة بالسكان ومنع وصول المساعدات الإنسانية. لقد نزح ما لا يقل عن مليون طفل، وأتمّ الإبلاغ عن 21 ألف طفل في عداد المفقودين، في حين فقد 20 ألف طفل أحد الوالدين أو كليهما، وبات 17 ألف طفل غير مصحوبين بذويهم أو مفصولين عن أهاليهم وعائلاتهم في غزة، كما ولاقى العشرات حتفهم نتيجة لسوء التغذية، ويواجه 3،500 طفل خطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء". كما حثت اللجنة إسرائيل على الامتثال للأوامر المؤقتة لمحكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وضمان المساءلة عن انتهاكاتها للجنة حقوق الطفل، مطالبةً إياها بضمان وصول المساعدات الإنسانية للأطفال دون قيود.
بالإضافة، اعتمدت لجنة حقوق الطفل نتائج محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الذي يقرّ بعدم شرعية الاحتلال، ولا سيما في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وينص على أن سياسات إسرائيل تنتهك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بما في ذلك التمييز العنصري والفصل العنصري (الأبرتهايد). ودعت اللجنة إسرائيل إلى الامتثال للآراء الاستشارية والفتاوى القضائية الصادرة عن محكمة العدل الدولية. كما أعربت عن قلقها إزاء "التمييز المستمر في القانون" ضد الأطفال الفلسطينيين في إسرائيل، والأطفال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وغيرهم. وطالبت اللجنة إسرائيل بـ "إنهاء مثل هذه التشريعات والتدابير التي ترقى إلى مستوى الفصل العنصري أو الأبرتهايد"، مستشهدة على وجه التحديد بقانون أساس- القومية لعام 2018، والذي طعن فيه عدالة ومنظمات أخرى أمام المحكمة العليا الإسرائيلية.
عكست الملاحظات الختامية للجنة حقوق الطفل العديد من الانتهاكات التي أكد عليها عدالة في تقاريره، ومن خلال تواصله مع أعضاء اللجنة. تناولت اللجنة على وجه التحديد تشريعين يطعن فيهما عدالة أمام السلطات الإسرائيلية، حيث دعت إسرائيل إلى الإلغاء الفوري للتشريعات التي تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، مشيرة بشكل خاص إلى "التعديلات على قانون المقاتلين غير الشرعيين، الذي يتيح الاحتجاز لمدة تصل إلى 20 يومًا دون مذكرة اعتقال، ويحرم المعتقلين من اللقاء بمحامٍ لتلقي الاستشارة القانونية لمدة تصل إلى 75 يومًا". وتشير معلومات إسرائيلية رسمية إلى أن العديد من الأطفال قد تم احتجازهم بموجب قانون الاعتقال الإداري الذي ينتهك مجموعة واسعة من أحكام القانون الدولي، ويهيئ الظروف لانتهاكات الحظر المفروض على الإخفاء القسري. وقد تقدمت العديد من منظمات حقوق الإنسان، من بينها اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل وعدالة، بالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد هذا التعديل، حيث لا تزال القضيّة قيد النّظر. كما أبدت اللجنة قلقها إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحداث، والتي من شأنها أن تسمح بسجن الأطفال الفلسطينيين الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا إذا أدينوا بارتكاب أعمال تُعرّف بأنها "أعمال إرهابية"، وحرمان الأطفال المشتبه بارتكابهم مخالفات أمنية من الحق في التمثيل القانوني. في تقريره إلى لجنة حقوق الطفل للعام 2024، أشار مركز عدالة إلى مخاوف مشروعة من أن يتم تطبيق هذا القانون بطريقة لا تحترم حقوق الأطفال الفلسطينيين وبأن تستهدف إسرائيل بشكل سافر القاصرين الفلسطينيين.
سلطت لجنة حقوق الطفل الضوء أيضًا على الظروف القاسية في السجون ومرافق الاعتقال الإسرائيلية، معربة عن قلقها العميق إزاء التقارير التي توثق تعذيب الأطفال الفلسطينيين وسوء معاملتهم خلال الاعتقال والاحتجاز. وأشارت اللجنة على وجه التحديد إلى ممارسات "الحبس الانفرادي؛ والصدمات الكهربائية؛ وتقييد الأيدي والأرجل؛ والحرمان من الطعام أو الماء أو الوصول إلى المرحاض؛ والتعرض لدرجات قاسية من العنف اللفظي والجسدي، بما في ذلك الضرب والتعرية من الملابس والعنف الجنسي والترويع النفسي". في هذا السياق، وعلى مدى الأشهر الحادية عشر الماضية، طعن مركز عدالة قانونيًا في المعاملة اللا-إنسانية والمهينة للفلسطينيين - سواء مواطني الداخل الذين صنفتهم إسرائيل على أنهم "سجناء أمنيون" أو سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة – وبالاستخدام المفرط وواسع النطاق للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاعتقال.
فيما يتعلق بالتعليم، دعت اللجنة إلى اتخاذ تدابير فوريّة "لمعالجة الفصل بين الطلاب على أسس عنصرية أو عرقية، والتفاوت في منالية التعليم الجيد"، وشددت على حق الأطفال الفلسطينيين، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في تلقي تعليم يحترم هويتهم الثقافية ولغتهم وقيمهم. ويشمل ذلك "إلغاء الحظر على استخدام الكتب المدرسية والمناهج الفلسطينية، وإلغاء الحظر المفروض على الجهات المعنية بتفعيل البرامج التعليمية التي لا تعترف بالطابع اليهودي للدولة و/أو تحيي ذكرى النكبة". وكان مركز عدالة قد أثار هذه المخاوف في تقريره إلى لجنة حقوق الطفل للعام 2023، والذي أكّد فيه على تحديه وتصدّيه المستمر للسياسات التي تحظر التعبير عن الهوية الفلسطينية في المؤسسات التعليمية.
كما طالبت اللجنة إسرائيل، وبشكل حازم، بإلغاء قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (أمر مؤقت)، الذي يحرم آلاف الأُسر الفلسطينية من لم الشمل، مما يؤدي إلى فصل الأطفال عن ذويهم لفترات طويلة. ويقوم مركز عدالة بالطعن في الحظر المفروض على لم شمل الأسر الفلسطينية، وذلك أمام المحكمة العليا الإسرائيلية وللمرة الثالثة في عقدين من الزمن.
في ضوء الخلاصات التي توصلت إليها لجنة حقوق الطفل، يطالب مركز عدالة إسرائيل بالتطبيق الفوري لاتفاقية حقوق الطفل والامتثال الكامل لملاحظات اللجنة الختامية. كما يطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات حازمة لمحاسبة إسرائيل على أعمالها الوحشية المستمرة ضد الأطفال الفلسطينيين. ويحث مركز عدالة الدول الأطراف في الاتفاقية على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتطبيق توصيات اللجنة ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المنهجية لحقوق الأطفال الفلسطينيين. إضافة إلى ذلك، يطالب عدالة بإجراء تحقيق مستقل ونزيه وشفاف في جميع الانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال الفلسطينيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومحاسبة الجناة وتحقيق العدالة للضحايا.