المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية تلاحق الطلاب الفلسطينيين بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي في ظل العدوان على غزة
منذ 7 تشرين الأول 2023، اتخذت الجامعات والكليات الإسرائيلية عددًا غير مسبوق من الخطوات لفصل عشرات من الطلاب الفلسطينيين بشكل دائم أو مؤقت بسبب منشورات لهم على وسائل التواصل الاجتماعي، غالبًا دون عقد أي جلسات استماع للطلاب. كما أصدرت بعض المؤسسات الاكاديمية أوامر بالإخلاء الفوري لبعض الطلاب من مساكنهم. ووصفت هذه المؤسسات منشورات الطلاب ب "دعم الإرهاب" أو "التعاطف مع التنظيمات الإرهابية" في حين أن الغالبية العظمى من هذه المنشورات عبرت عن تضامن الطلاب مع أهالي قطاع غزة وتنديدهم باستهداف المدنيين، وهي أفعال تقع في نطاق حرية التعبير.
هذه الإجراءات هي جزء من حملة قمع تعسفية ضد حقوق حرية التعبير للمواطنين الفلسطينيين في الداخل، والتي بدأت بعد التصعيد الدامي في 7 تشرين الأول 2023. وقد رصد مركز عدالة 96 حالة لطلاب في مراحل إجرائية مختلفة، ويمثّل 84 طالبًا وطالبة من 25 جامعة وكلية.
وترعى الشكاوى مجموعات طلابية إسرائيلية يمينية عنصرية في المؤسسات الاكاديمية تستهدف الطلاب الفلسطينيين. وقد أيّد وزير التعليم، يوآف كيش، علنًا الإجراءات التأديبية التي اتخذتها المؤسسات الأكاديمية ضد الطلاب الفلسطينيين. وأصدر رسالة تنص على أنه يجب على المدارس "إيقاف أي طالب أو موظف على الفور يدعم الأعمال الإرهابية الهمجية التي تشهدها دولة إسرائيل حاليًا" وأنه "في الحالات التي يوجد فيها تحريض بالفعل، يجب أن تصدروا قرارات بالفصل الدائم. "
وأصدر رئيس الاتحاد الوطني للطلبة في إسرائيل ردا على رسالة مؤسسة "أكاديميون من أجل المساواة"، جاء فيه أنه "منذ بداية الحرب، كنا وما زلنا نشاهد عشرات المنشورات والتعليقات التي تعبر عن الدعم القوي للإرهاب والتحريض على الإرهاب. ولن نتوقف حتى يتم إخراج هؤلاء الطلاب فورا من المؤسسات الأكاديمية... وفي هذه المرحلة، أود أن أشيد بالدول الغربية مثل ألمانيا وفرنسا التي منعت رفع الأعلام الفلسطينية وسأعمل على ضمان تبني هذه السياسة أيضًا في إسرائيل”.
كما نشرت العديد من المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية بيانات رسمية لها أعلنت فيها أنه “لن يكون هناك أي تسامح مع “دعم الإرهاب”، وقامت باستهداف الطلاب الفلسطينيين الذين عبّروا في منشوراتهم عن هويتهم الفلسطينية أو تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني في غزة.
وأرسل عدالة في 22 تشرين الأول 2023 رسائل عاجلة باسم لجنة متابعة قضايا التعليم في إسرائيل إلى مؤسسات أكاديمية في البلاد وعلى رأسها: جامعة حيفا، كلية "بتسلئيل" للفنون والتصميم وكلية الإدارة "مينهال"، جميعها اتخذت إجراءات تعسفية ضد الطلاب الفلسطينيين. وطالب عدالة بإلغاء جميع الإجراءات التي تهدف إلى إبعاد الطلبة عن تعليمهم الأكاديمي، وفي بعض الحالات حتى طردهم الفوري من المساكن الجامعية، بتجاوز واضح لنطاق صلاحيات هذه المؤسسات الأكاديمية في القانون، وانتهاك صارخ لحق الطلاب في التعبير عن الرأي والوصول إلى التعليم العالي ودون اتخاذ أي من الإجراءات اللازمة للحفاظ على حقوقهم. لا توجد صلاحيات قانونية للمؤسسات الأكاديمية لمراقبة وملاحقة الطلاب بسبب نشاطات لهم على حساباتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي نشاطات خارجة عن نطاق دراستهم الأكاديمية.
وأبرق رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، السيد محمد بركة رسالة إلى رؤساء المؤسسات الأكاديمية في البلاد وطالبهم بالحفاظ على حق حرية التعبير لجميع الطلاب، حتى في أشد الظروف، والعمل على تهدئة الأوضاع وخلق بيئة آمنة تشجّع على التسامح، تقبل الآخر والتفهّم في حرم الجامعات لإتاحة الإمكانية لتوفر نسيج اجتماعي ملائم لعودة الطلاب لمقاعد الدراسة.
وجاء في الرسالة التي أبرقها مركز عدالة نيابة عن السيد محمد بركة أن الإجراءات التي اتخذتها مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية ضد الطلاب الفلسطينيين، مواطني إسرائيل، تشكل انتهاكًا غير مسبوق لحقهم في حرية التعبير. كما جادل مركز عدالة أن الجامعات والكليات، في كثير من الحالات، نفذت إجراءات متسرعة وغير عادلة أدت إلى فصل الطلاب أو طردهم، دون تعيين جلسات استماع، وهو ما ينتهك بشكل صارخ حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة. وحرمت الجامعات والكليات الطلاب الفلسطينيين من فرصة الدفاع عن أنفسهم ضد الاتهامات. وجاء في نص الرسالة إن الجامعات فرضت قيودًا أكثر صرامة على حرية التعبير مما يسمح به القانون الجنائي، وفرضت رقابة على حرية التعبير دون أي اعتبار لغرض ومعنى وترجمة المحتوى وسياقه وتأثيره العام.
لهذه الإجراءات التعسفية تأثيرًا مرعبًا على حرية التعبير لدى الطلاب، وتشكل سابقة خطيرة حيث أصبحت الدراسات الأكاديمية مشروطة بالرقابة التي تمتد إلى ما هو أبعد من حدود المؤسسات التعليمية إلى الحيّز الخاص وتحديدًا حسابات الطلاب الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، خارج إطار التعليم الأكاديمي. ويأتي ذلك في الوقت الذي فشلت فيه الجامعات في القيام بدورها كحامية لحرية التعبير وسلامة طلابها، حيث يتعرض الطلاب الفلسطينيون لحملات عنصرية تحريضية على مختلف المنصات.
وعلّق مركز عدالة: "تشكل هذه الإجراءات التأديبية غير القانونية التي تفرضها المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية شكلاً تعسفيًا من أشكال الرقابة التي تحمل تداعيات خطيرة، وتنقل رسالة واضحة إلى الطلاب الفلسطينيين الملتحقين بالمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية مفادها أنهم ليسوا غير مرحب بهم فحسب، بل لا يُسمح لهم أيضًا بالتعبير عن أنفسهم وآرائهم، بغض النظر عن مدى شرعية هذه الآراء. إن حملة ملاحقة الطلاب الفلسطينيين التي ترعاها جهات يمينية عنصرية بدعم من وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، تؤكد مرة أخرى أنه داخل دولة إسرائيل تتم حماية الحقوق والمبادئ الديمقراطية حصريًا للمواطنين اليهود. وفي أجواء أكاديمية كهذه يتم تصنيف الطلاب الفلسطينيين باستمرار على أنهم "العدو" و"إرهابيون" ويتم التعامل معهم على هذا النحو، خاصة في أوقات الصراع".
وقال رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، د. شرف حسان: "هناك هجمة منظمة لأهداف سياسية تنظمها جهات يمينية عنصرية لملاحقة الطلبة العرب والضغط على المؤسسات الأكاديمية لطردهم من التعليم مستغلة الأوضاع الأمنية بالبلاد، حيث نشهد تواطؤًا خطيرًا لبعض المؤسسات الأكاديمية مع هذه الحملة. كان من الأجدر أن تقوم هذه المؤسسات بلعب دور إيجابي في التهدئة بالذات في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها الشعبين. تقوم هذه المؤسسات بخطأ فادح؛ بالذات أن هناك من يراقب الطلاب العرب ويعمل بشكل منهجي على ملاحقتهم. وفي المقابل، هناك نشر تحريضي وعنصري واسع النطاق من قبل طلبة ومحاضرين يهود دون رقيب. نخشى أن تؤدي هذه الحملات إلى اعتداءات وعنف ضد الطلبة ومحاضرين عرب ويهود ديمقراطيين. ندعو الطلبة والمحاضرين العرب لليقظة والحذر خصوصًا في مجال النشر على شبكات التواصل والتوجه لتلقي الاستشارة القانونية، خاصة وأن الملاحقات عنصرية وظالمة. كما ندعو المؤسسات الأكاديمية لوقف التعاون مع الحملات التي تستهدف الطلبة العرب والقيام بدور إيجابي للجم التحريض والعنصرية خصوصًا أن افتتاح العام الدراسي سيفتتح في الأسابيع القريبة".