رسالة مفتوحة من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني قبيل عقد "قمة السلام" في القاهرة
التاريخ: 21 تشرين الأول/أكتوبر 2023
يجتمع اليوم عدد من القادة الإقليميين والدوليين في قمة القاهرة للسلام في العاصمة المصرية القاهرة، لمناقشة العنف القائم وسبل التهدئة والسعي إلى وقف إطلاق النار في غزة، والوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة بسبب الانتهاكات الإسرائيلية والعنف الواقع على أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون هناك.
شنت إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر حرباً عسكرية انتقامية واسعة النطاق على قطاع غزة، بهدف تدميره بالكامل، ومنذ ذلك الوقت استهدفت قوات الاحتلال وبشكل عشوائي السكان المدنيين، والبالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون نسمة، والبنية التحتية للقطاع، والمباني بما فيها السكنية والتجارية، والمرافق الطبية، والمساجد والكنائس، في حرب شاملة على السكان الفلسطينيين. وقد أفادت وزارة الصحة الفلسطينية حتى الساعة 4 مساءً من يوم الجمعة 20 تشرين الثاني إلى أن أكثر من 4,137 استشهدوا وأكثر من 13 ألفاً أصيبوا بجراح مختلفة في قطاع غزة، مع تواجد أعداد كبيرة من المفقودين تحت الأنقاض لم تستطع طواقم الإنقاذ الوصول إليهم وانتشالهم.
فرضت إسرائيل حصاراً وإغلاقاً كاملاً على القطاع مع استمرار الهجمات الجوية والبحرية والبرية، ما يشكل عقاباً جماعياً غير قانوني على أكثر من مليوني نسمة، وقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي: "نحن نفرض حصاراً مطلقاً على غزة، لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، ولا وقود، كل شيء مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وفقاً لذلك"، وطالب جيش الاحتلال في 13 تشرين الأول/أكتوبر أكثر من مليون مواطن من سكان شمال القطاع – ما يقارب نصف السكان – بإخلاء منازلهم والتوجه إلى منطقة جنوب وادي غزة.
حذرت منظمات فلسطينية بالسابق، من انتهاك إسرائيل للحظر المفروض على استخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة، وأشارت إلى أن "أمر الإخلاء" الذي أصدره الجيش يرقى لأن يكون جريمة حرب مكتملة الأركان تتمثل في التهجير القسري للسكان المدنيين، ومنذ 13 تشرين الأول/ أكتوبر حتى اليوم، واصلت إسرائيل قصف قطاع غزة بأكمله، بما في ذلك المناطق الجنوبية من رفح و خانيونس والوسطى، التي لجأ لها معظم الفلسطينيين بحثاً عن المأوى، مما يجعل عدم وجود مكان آمن في غزة حقيقة لا يمكن إنكارها، وما يشير أيضاً إلى أن أمر الإخلاء الإسرائيلي كان بهدف تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسراً وتقريبهم من الحدود مع جمهورية مصر العربية.
وقد أشار ثمانية خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة إلى أن "الحصار الكامل على غزة، المقترن بأوامر الإخلاء غير العملية والنقل القسري للسكان، يعد انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي وقاسياً بشكل لا يوصف".
رغم أوامر الإخلاء الصادرة عن الجيش الإسرائيلي والخطر المحدق بهم، قرر آلاف الفلسطينيين في شمال غزة البقاء في منازلهم، وأشار الكثيرين منهم إلى أن الأسباب الرئيسية لقرارهم هذا تكمن في عدم وجود ملاجئ أو مرافق كافية في جنوب غزة، بالإضافة إلى قلة وسائل النقل، والهجمات المستمرة ضد قوافل المدنيين النازحين خاصة على طريق صلاح الدين الواصل بين الشمال والجنوب.
وجدير بالذكر، أن أمر الإخلاء الصادر عن القوة القائمة بالاحتلال لا يعفيها من التزاماتها ومسؤولياتها بموجب القانون الإنساني الدولي تجاه حماية المدنيين والأعيان المدنية في شمال غزة.
وأفاد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ في تصريح له، أن هناك حاجة لدخول حوالي 100 شاحنة من الإمدادات الإنسانية يوميًا لتلبية احتياجات أكثر من مليوني نسمة من سكان غزة. فيما تثير التقارير حول التوصل لاتفاق بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية يقضي بالسماح فقط لـ 20 شاحنة تحتوي على الغذاء والماء والمساعدات الطبية ودون وقود بالمرور عبر معبر رفح، مخاوف كبيرة.
تجدر الإشارة إلى أن احتياجات غزة ما قبل الحرب في الأيام العادية، كانت حوالي 500 شاحنة تدخل بشكل دائم، بواقع 350 من معبر كرم أبو سالم، و150 من معبر رفح.
إن حالة الطوارئ الإنسانية في غزة (والتي هي من صنع الإنسان)، يمكن وقفها قبل أن تصل إلى نقطة اللاعودة، فقد حذر ثمانية خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة من وجود "حملة مستمرة تشنها إسرائيل وتؤدي إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة، بالنظر إلى التصريحات التي أدلى بها القادة السياسيون الإسرائيليون وحلفاؤهم، ما يشكل خطراً بوقوع إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني".
على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته واستخدام نفوذه للضغط على إسرائيل لإعادة إمداد وتوريد المياه والكهرباء إلى السكان المدنيين في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها بشكل مناسب إلى جميع مناطق غزة، بما في ذلك شمال غزة. كما يجب أن تتم العملية بمراعاة الالتزام بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلال وعدم التحيز والإنسانية.
وعليه، فإن مؤسساتنا تدعو المجتمع الدولي، وخاصة جمهورية مصر العربية، وكذلك جميع وكالات الأمم المتحدة الإنسانية المشاركة في عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلى:
- ضمان دخول وتسليم كميات كافية من المساعدات الإنسانية والإغاثية دون أي عوائق– بما في ذلك دخول وتسليم الغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية – وذلك تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا للسكان المدنيين في قطاع غزة.
- التأكيد على أن يتم تسليم المساعدات الإنسانية والإغاثية دون أي شروط وألا يقتصر تسليمها على المحافظات الجنوبية من القطاع. يجب ضمان وصول المساعدات لشمال غزة وأن يتم توزيعها بشكل عادل على جميع السكان والمستشفيات والمرافق المدنية الأخرى.
- الدعوة إلى إعادة إمدادات المياه والكهرباء لسكان قطاع غزة.
- الدعوة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وضمان الأمم المتحدة حماية أكثر من مليوني مدني/ة فلسطيني/ة في غزة يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي والإغلاق.
- الدعوة إلى حماية العاملين/ات في مجال المساعدات الإنسانية والمرافق الإنسانية واحترام مبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز ومبادئ العمل الإنساني التشغيلية.