23 عامًا على هبّة أكتوبر: تعميق سياسات الإعدامات الميدانيّة، وتفشّي الجريمة المنظّمة
ثلاثٌ وعشرون عامًا مرّوا على اندلاع أحداث "هبّة القدس والأقصى"، إثر تعدّي أريئيل شارون، رئيس المعارضة آنذاك، وقيامه بزيارة استفزازية للحرم القدسيّ الشريف، بمرافقة العشرات من رجال الأمن، ممّا دفع بالآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في شتى أنحاء الوطن بالخروج في مظاهرات غضب احتجاجية، أسفرت عن قتل وجرح الكثيرين جراء إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلية النارَ عليهم. استشهد في هذه الأحداث من داخل الخطّ الأخضر 13 شابًا: محمد جبارين، أحمد صيام جبارين، رامي غرة، إياد لوابنة، علاء نصار، أسيل عاصلة، عماد غنايم، وليد أبو صالح، مصلح أبو جراد، رامز بشناق، محمد خمايسي، عمر عكاوي ووسام يزبك.
ومع ذلك، وبعد مرور 20 عامًا على تقديم استنتاجات لجنة أور، التي ذكرت أنه "يجب على الشرطة أن تغرس في عناصرها قيمة مفادها أن الجمهور العربي ليس عدوًا لهم، ولا ينبغي معاملتهم على أنهم عدو". وبعد مرور 23 عامًا على "هبّة القدس والأقصى" التي نحيي ذكراها في هذه الأيام، لا زالت المؤسسة العسكرية والأمنية بمختلف أجهزتها وفروعها تقتل الفلسطينيين يوميًا في كافة أماكن تواجدهم دون مساءلة ودون عقاب. إنّ هذه السياسة، والتي لم تنتهي عند تلك الأحداث، استمرت؛ ومنها بحالات قتل إياد الحلاق من القدس، يعقوب أبو القيعان من النقب وعشرات الحالات من الإعدامات الميدانيّة التي تنتهي دون أي محاسبة أو مساءلة.
لم تكتفِ المؤسسة الإسرائيلية بإدامة العنف الممنهج ضد مواطنيها الفلسطينيين المتمثل في استعمال العنف المفرط والأدوات غير القانونية لتفريق المظاهرات والتجمعات وانتهاك حق الاحتجاج والحق في التعبير عن الرأي، بل طوّرت أشكال القمع والظلم تجاه مواطنيها الفلسطينيين من خلال سياسة ممنهجة تتمثل بعدم كبح جماح الجريمة وانتشار العنف والتي تفتك بالمجتمع العربي داخل الخطّ الأخضر. وصل عدد ضحايا العنف الذي يعيشه مجتمعنا الفلسطيني في الداخل حتى الآن إلى 193 قتيل - خلال تسعة أشهر، وهي تعتبر من أعلى النسب في العالم في القتل الجنائي داخل مجتمع.
ثمة علاقة تجمع بين ثقافة العداء الشُّرَطي تجاه المواطنين الفلسطينيين وبين عدم أخذ دورها في مكافحة الجريمة المتفشية اليوم في المجتمع الفلسطيني داخل الخطّ الأخضر، والتي تؤدي إلى تمزيق المجتمع وهدم الأسر الآمنة واستباحة دم المدنيين العزل بشكل يومي.
بهذه الطريقة تنضم الشرطة إلى أذرع الدولة الأخرى التي تديم "وصمة التمييز ضد مواطنيها العرب، بمختلف أشكالها وتعابيرها" التي أوصت لجنة أور الدولة العمل على إزالتها. إن الترسيخ الممنهج والمتعمد لهذا التمييز في كافة مجالات الحياة هو ما يغذي المنظمات الإجرامية التي لا تحرّك الدولة ساكنًا ضدها.
تأخذ الشرطة دورها في هذه المؤسسة الاستعمارية في تعاملها مع السكان الأصليين كأداة قمع. ولذا فهي مرتبطة ارتباطًا عضويًا بمسألة عدم المحاسبة عقب أحداث هبّة أكتوبر في حينه وحتى مسألة الجريمة اليوم، ومن أجل فهم سياسة أجهزة الأمن الإسرائيلي، علينا وضعها في إطار السياسة الاستعمارية العنصرية
في الذكرى الـ23 لهبة القدس والأقصى، يجدد مركز عدالة العهد على الاستمرار في الدفاع عن حقوق أبناء شعبنا ، وتسليط الضوء على الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.