عدالة: "الحرس القومي" - ميليشيا مسلحة تحت غطاء القانون أقيمت لقمع ومحاربة الفلسطينيين في الداخل
في أرسل مركز عدالة بتاريخ 2 نيسان 2023 رسالة عاجلة إلى كل من المستشارة القضائية للحكومة، رئيس الحكومة ووزير الأمن القومي، يطلب فيها إلغاء إقامة ما يسمى بـ"الحرس الوطني"، معتبرًا أن هذا الجسم ما هو إلا ميليشيا مسلحة جاءت تحت غطاء قانوني لمحاربة الفلسطينيين في الداخل، وتعزّز من وجود نظامي تطبيق قانون مختلفين، واحد للفلسطينيين وآخر للإسرائيليين.
وجاء في الرسالة التي أرسلها المحامي عدي منصور أنّ إقامة هذه الميليشيا ينتهك أولًا مبدأ فصل السلطات وسلطة القانون وتطبيقه، إذ أنّه ينقل صلاحيات تطبيع القانون للمواطنين، ويخلق نظام مختلف لتطبيق القانون يخرج عن إطار تعليمات، صلاحيات وأوامر الشرطة، ويعمل حصريًّا ضد الفلسطينيين في الداخل وهو جزء من ملامح نظام الفصل العنصري (ابارتهايد) الذي يتشكل في إسرائيل منذ سنوات.
وبحسب الاقتراح الذي تمت المصادقة عليه يوم أمس الأحد، يشكل "الحرس الوطني" جسمًا مستقلًا يتبع وزارة الأمن القومي ومن يقف على رأسها، وهو مكوّن من عناصر في حرس الحدود ومتطوعين لا يعرف أحد توجهاتهم، ويعمل كجسم لتطبيق القانون ويملك صلاحيات الشرطة، لكنه ليس جزءًا منها، بل جسمًا مقابلًا لها.
ورغم الصياغة المحايدة التي قدمها وزير الأمن القومي المتطرف، المدان بدعمه للإرهاب والذي صرح للإعلام بدعمه المجازر ضد الفلسطينيين، يبقى المعنى الحقيقي لـ"تقوية السيادة" و"محاربة الإرهاب والجرائم على خلفية قومية" هو استهداف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل. وهو ما نستدله أيضًا من الاتفاق الائتلافي بين حزب "عوتسماه يهوديت" وحزب الليكود الحاكم، والذي وصف "الجرائم على خلفية قومية" كصفة خاصة للفلسطينيين (البند 91 و92 من الاتفاق). وفي شرح الاقتراح للقانون، كتب أن الجسم جاء لـ"تقوية السيادة في الأمان المعنية، وتعزيز الإحساس بالأمن للجمهور ومن أجل محاربة الإرهاب والجرائم على خلفية قومية". وأن سبب إقامة هذا الحرس "نبع من الدروس التي تعلمناها من أحداث حارس الأسوار (اسم العملية الأمنية خلال هبة الكرامة في أيار 2021)، حيث كان الاستنتاج أنه يجب إقامة قوّة مدرّبة تستطيع العمل في العديد من الأماكن في وقت واحد، وتستطيع التعامل مع الإخلال بالنظام وحالات الطوارئ".
كذلك، فإن عذر "تقوية السيادة" هو الطريق لتعزيز قوات الشرطة الموجودة في البلدات العربية في النقب والجليل ضمن إطار محاربة الجريمة المنظمة (البند 32 في الاتفاق) وبزيادة هذه القوات في شرق القدس المحتلة (البند 156-157 من الاتفاق الائتلافي).
هذا التغيير معناه، على أرض الواقع، إقامة نظامين لتطبيق القانون وقوتين شرطويتين مختلفتين تميّز على أساس عرقي، نظام يعمل ضمن إطار الشرطة للمواطنين عامة وتطبق القانون وفق ما تنص عليه اللوائح وكتاب القوانين العامة (وهو بحد ذاته قامع للفلسطينيين بالداخل، ويميّز ضدهم بشكل مستمر)، ونظام آخر مخصص للعمل ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل كجسم مستقل، مكون من ميليشيات مسلحة مدنيّة تحمل صلاحيّات شرطويّة وتابعة بشكل مباشر لوزير الأمن القومي. إقامة جسمين منفصلين يعملان وفق نظام التمييز العنصري والعرقي مخالف للقانون بشكل واضح وينتهك مبدأ المساواة أمام القانون.
وكذلك ينتهك إقامة هذا الجسم القانون الدولي كون إقامته جاءت على خلفية تمييز عنصري مرفوض بانتهاك للمعاهدة الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري ، وهو ينتهك أيضًا القانون الإسرائيلي ، ، بما في ذلك قرار (בג"ץ 6698/95) عادل قعدان ضد سلطة أراضي إسرائيل.
وحتى لو غضضنا النظر عن الدوافع العنصرية لإقامة هذا الحرس، فمن غير المعقول نقل صلاحيات رجال الشرطة التي جاءت من القانون إلى متطوعين مدنيين وتزويدهم بالسلاح والتدريب خاصة وأنهم يمتثلون لأوامر الوزير، وكما رأينا جميعًا خلال هبة الكرامة، إذ برز التعاون بين الشرطة والمدنيون المسلحون في كثير من الأماكن، حيث عمل المدنيون كميليشيات مسلحة منظمة وكانت النتيجة قتل مواطنين فلسطينيين بدم بارد وعدم تقديم أي مجرم منهم للمحاكمة، بل ومنحوا حصانة قانونية كما حدث في قضيّة الشهيد موسى حسونة من مدينة اللد.
في الصورة: الشرطة الإسرائيلية ترافق مستوطنين أثناء هجومهم على مواطنين فلسطينيين في مدينة اللد، 12 أيار 2021. تصوير: أورين زيف