مركز عدالة يقدم اعتراضًا على مُخَطَّط مركز مدينة القدس الشرقية المحتلة: سيؤدي المخطط إلى تدهور كبير بالوضع الحالي السيء أصلاً
قدم مركز عدالة، نيابة عن 322 فلسطينيًا من سكان القدس الشرقية المحتلة، وبالشراكة مع الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس، في 14 أيلول 2021، اعتراضًا الى لجنة التخطيط والبناء في القدس ("لجنة التخطيط")، وذلك على "مخطط مركز مدينة القدس الشرقية والذي يحمل الرقم :0465229-101" ("المخطط").
في اعتراضه، أكّد مركز عدالة أن الخطة تتجاهل الاحتياجات الراهنة والمستقبلية للسكان الفلسطينيين في القدس الشرقية. بل إنه يفرض قيودًا بعيدة الأمد على مجمل تطوّر السكان الفلسطينيين وفي جميع مجالات حياتهم، بما في ذلك الإسكان والاقتصاد والتوظيف والتجارة والتعليم والثقافة والنقل.
قدّمت لجنة التخطيط في تشرين الأول 2020 المخططَ الذي يغطي مساحة تقارب 689 دونما والمتاخمة لمنطقة باب العمود جنوبا، ولحي الشيخ جراح ووادي الجوز من جهتي الشمال والشرق. تضم المنطقة في الوقت الراهن 976 وحدة سكنية، ويبلغ عدد سكانها 6100 مواطن فلسطيني، وهي تشمل أيضًا الشوارع الرئيسية شارع نابلس وشارع صلاح الدين وشارع الزهراء. وتشكّل مركزاً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً للفلسطينيين عامةً، بمن فيهم سكان المدينة الفلسطينين والذين يبلغ عددهم حوالي 367000.
هذا وقد تمّ إسناد اعتراض عدالة برأيي خبيرين قّدّما تحليلاً عاماً للخطة وأوجه قصوراتها، وتحليلاً للمواصلات والمرور. كما سلّط مركز عدالة الضوء على العيوب الرئيسية في الخطة، بما في ذلك عملية بَلْورَتِها غير التشاركية، والتي اكتملت دون أية مشاورات جوهرية مع السكان الفلسطينيين، ودون مراعاة احتياجاتهم الراهنة والمستقبلية على السواء.
برؤية شاملة، يجدر فهم الخطة ضمن السياسة الإسرائيية الأوسع لعزل الأحياء والتجمّعات الفلسطينية في القدس الشرقية والهيمنة عليها وتهجيرها، إذ يتمّ استخدام التخطيط البلدي أداةً في منع التوسع الحضري لهذه التجمّعات؛ وسعياً لإعاقة تنميتها الاقتصادية واستقلاليّتها؛ وتقييد مناليّة الفرص التعليمية أمام سكانها؛ وتقييد حريتهم في الحركة والنقل الحر للبضائع؛ ومصادرة المؤسسات والحيّز المجتمعي، بما في ذلك الأسواق والمستشفيات والمدارس ودور العبادة.
إنّ أهداف المشروع السياسي الأوسع لإسرائيل في القدس واضحة؛ وهي تشديد القبضة على القدس لتكون بمثابة "العاصمة المتكاملة والموحدة" لدولة إسرائيل، ولضمان السيطرة اليهودية الديموغرافية والمناطقيّة. إذ أنّه ومنذ العام 1967، كانت سياسات الأراضي والتخطيط الحضري من بين الأدوات العديدة التي استخدمتها إسرائيل ووكلائها لتهجير الفلسطينيين من القدس الشرقية. كما طبّقت الحكومة الإسرائيلية سياسات واسعة النطاق لتغيير الواقع الديموغرافي والمكاني في القدس الشرقية تحت ستار الإجراءات البلدية المنتظمة ووفقًا للمخططات والمبادئ التوجيهية الرسمية.
لقد صادرت إسرائيل أكثر من 35٪ من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية لصالح المستوطنات اليهودية، وأعلنت عن 22٪ منها "مساحات خضراء" بحيث لا يستطيع الفلسطينيون البناء فيها. حاليًا، فقط 13٪ من المساحة الإجمالية للقدس الشرقية مخصصة للاستخدام السكني للفلسطينيين البالغ عددهم حوالي 367000 نسمة، كما أنّ معظم المساكن في هذه المنطقة تقع في بنايات مكتظة بالسكان، ولا تلبي احتياجات الإسكان بشكل معقول. في المقابل يتم إعادة توجيه الأراضي بشكل أساسي لبناء وتوسيع المستوطنات ولخدمة العدد المتزايد من المستوطنين، الذين يبلغ مجموعهم أكثر من 225000 أو حوالي 40٪ من سكان القدس الشرقية، ويعيشون في 13 مستوطنة أو "حي" استيطاني.
ستكون التداعيات الإجمالية للخطة هي إحداث تدهور كبير حتى قياساً بالوضع الحالي. كما تكشف البنود الاساسية للمخطَّط، فإنه يهدف إلى فرض مجموعة متنوّعة من القيود على احتياجات التطوير والبناء في التجمعات الفلسطينية، لدرجة تجعل مهمّة التطوير مستحيلة. كما يلحق المخطط أضرارًا بالممتلكات القائمة؛ وتقليص حجم التجارة وسوق العمل؛ كما سيغلق المنطقة أمام وسائل النقل وحركة مرور المركبات؛ ويضعضع البنية التعليمية والثقافية في المنطقة، ويتيح المصادرة التعسفية وواسعة النطاق للأراضي، وبالتالي يصادر أُسُسَ وآفاق التنمية المستدامة للفلسطينيين في القدس الشرقية، والذين يحظون بوضعيّة سكان محميين بموجب القانون الدولي. هكذا يشكّل المخطط أداةً سياسيةً في خدمة المصالح الاسرائيلية غير الشرعية في إدامة الاحتلال وسيطرتها على السكان الفلسطينيين وتقييد أفاق تطورهم.