نحو 100 من طلاب القانون العرب يشاركون في مخيّم عدالة الأوّل من نوعه حول القانون وحقوق الإنسان
شارك عشرات من الناشطين والقانونيين المعنيين بمجال حقوق الإنسان، في مخيّم هو الأوّل من نوعه نظّمه مركز عدالة على مدى ثلاثة أيام (بين 14-16.9.06) في واحة السلام، وضمّ نحو 100 من طلاب القانون العرب. وسعى هذه المخيّم إلى تعزيز الوعي لدى جيل المستقبل من المحامين والمحاميات لموضوع حقوق الإنسان، والاستفادة منه في مجال القضاء الخاصّ، أيضًا.
تحدّث في المحاضرة الافتتاحيّة مدير عام عدالة، المحامي حسن جبارين، الذي تناول في حديثه أهمية العمل في المحاماة من أجل التغيير الاجتماعيّ. وتطرّق المحامي جبارين إلى عدد من الالتماسات البارزة التي قدّمها عدالة، والتي أثارت نقاشًا جماهيريًّا عامًّا، وزادت من الوعي الجماهيريّ حول موضوع الحقوق الجماعيّة للأقليّة العربية في إسرائيل.
وكان النقاش الأوّل الذي طُرح على طلاب القانون، وقام بتوجيهه د. ثابت أبو راس، المحاضر في جامعة بن غوريون وعضو إدارة عدالة، قد تناول نماذج مختلفة لمؤسسات حقوقية تعمل على المرافعة القانونيّة. وكان من ضمن المندوبين الذين شاركوا في ندوة النقاش كل من المحامية سحر فرنسيس من مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في المناطق المحتلة، والتي أطلعت طلاب القانون على نشاطات مؤسّسة الضمير من أجل حماية الأسرى الفلسطينيين، وخصوصًا في ضوء الخروقات الفظّة لحقوق المعتقلين في المحاكم العسكريّة الإسرائيلية الموجودة في المناطق المحتلة، والبروفيسور كنث مان، المرافع العام القطري (السابق)، ومؤسس مكتب المرافعة العامة في إسرائيل، الذي تطرّق في حديثه، ضمن أشياء أخرى، إلى مساهمة المرافعة العامة في ضمان تمثيل المعتقلين والمتهمين في الجنائيات، مقارنةً بالوضع الذي كان قائمًا قبل تأسيسها. كذلك، فقد أطلع السيد مان طلاب القانون على بعض المعضلات التي تواجهها المرافعة العامة في ملفّات ذات طابع مبدئي. فعلى حدّ تعبيره، إنّ مثل هذه المعضلات تضطرّه أحيانًا إلى الوصول إلى حل وسط من أجل ضمان المصلحة العينية للمتّهم الذي يمثّله.
وتطرّق المحامي دان يكير، المستشار القانونيّ لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل، ضمن أمور أخرى، إلى النشاطات القضائية التي تقوم بها جمعية حقوق المواطن، وإلى الالتماسات المبدئية الكثيرة التي تمّ تقديمها من خلالها، ومن ضمنها تلك الالتماسات التي تناولت دفع حقوق الأقلية العربية في الدولة. كما قام مندوب ورشة حقوق الإنسان والمواطن في جامعة تل أبيب، المحامي دوري سفيباك، هو أيضًا، بتعداد مجمل الالتماسات التي عملت عليها الورشة، والدور الذي تؤديه ورشات حقوق الإنسان من خلال تشجيع الطلاب على العمل في هذا الموضوع مستقبلاً.
وتخلّلت المخيّم ندوة نقاش أخرى تناولت دمج حقوق الإنسان مع مجالات قانونيّة أخرى. وعرض المحامي أفيغدور فيلدمان الذي شارك في هذه الندوة، أمام الطلاب، توثيقًا مفترضًا لإعادة تمثيل قتل الجنديّ أولغ شحايط على أيدي أحد المتهمين الذي اعترف، على حدّ الزعم، بالقتل، لكن تبيّن لاحقًا أنه بريء من كل التهم. وحلل المحامي فيلدمان خلال العرض الكشوفات التي يظهرها فيلم اعادة تمثيل الجريمة، ومن خلالها عرض أمام الطلاب خطر إدانة الأبرياء في الدولة استنادًا الى اعترافهم فحسب، لأن هناك إمكانية لأن يكون الاعتراف كاذبًا وتم أخذه تحت ضغط مارسته جهة التحقيق.
وعرض المحامي محمد دحلة، رئيس ادارة عدالة سابقًا، في الندوة نفسها، الاستراتيجيات القانونية التي انتهجها خلال تمثيله فلسطينيين من المناطق المحتلة، في التماس الى المحكمة العليا ضد مسار جدار الفصل (التماس بيت سوريك). ثم تحدث المحامي سليم وكيم عن حقوق العرب في الأراضي، عارضًا أمام الطلاب الصعوبة القضائية الكامنة في تمثيل ملفات ترتبط بالأراضي، خاصة في ضوء حقيقة أن التشريع الاسرائيلي هو الذي ساهم، بين أشياء أخرى، في سلب الأراضي من العرب. وتحدث المحامي وكيم أيضًا عن عدد من النجاحات التي تحققت في هذا المجال. أما المحامي يوسي وولفسون، من مركز الدفاع عن حرية الفرد، فقد تحدث عن العلاقة التبادلية بين حقوق الانسان والأضرار، وعن وجوب استخدام قوانين الأضرار من أجل دفع حقوق الانسان. وتطرق المحامي وولفسون في معرض حديثه، أيضًا، الى أهمية استعمال دعاوى الأضرار ضد عناصر الأمن، التي من شأنها أن تساعد في النضال ضد عنف الشرطة والجيش. وقد أدار النقاش د. ميخائيل كريني، المحاضر في قسم القانون في الجامعة العبرية في القدس.
أما ضيف الشرف على المخيم، فقد كان قاضي المحكمة العليا السيد سليم جبران، الذي تطرق في محاضرته الى دور المحامي في دفع حقوق الانسان، والجزء الهام الذي تقوم به جمعيات حقوق الانسان في هذا الصدد. واستغل الكثير من الطلاب الفرصة، حيث وجهوا للقاضي أسئلة كثيرة تتعلق بدور القاضي والصعوبات التي يواجهها. وتطرق القاضي جبران أيضًا الى مراحل حياته الشخصية، منذ أن كان محاميًا شابًا وحتى وصوله الى كرسي القضاء. وكذلك، فقد قدم مشورات للطلاب بشأن كيفية المرافعة والمثول أمام المحكمة.
ندوة النقاش الأخيرة تناولت موضوع الاعلام والقانون وحقوق الانسان، وشاركت فيها جهات تعمل في هذا المجال بمختلف جوانبه. فقد عرضت السيدة خلود مصالحة من مؤسسة اعلام معطيات محتلنة حول صورة العربي في الاعلام العبري. أما الصحفي يوآف شطيرن، المراسل لشؤون العرب في صحيفة "هآرتس" والذي حاز مؤخرًا على جائزة من الاتحاد الأوروبي على سلسلة تقارير أعدها حول أم الفحم خلال الانتخابات للكنيست الـ 17، فقد تحدث عن صعوبات تغطية القضايا المرتبطة بحقوق الجمهور العربي في الاعلام العبري، عن الاغتراب السائد بين العرب واليهود في الدولة وعن أهمية التعاون مع الاعلام بصدقية ومواكبة. وتطرقت السيدة لوريت أشقر، محررة نشرة أخبار هوت، الى الصعوبات التي ينطوي عليها عمل العربي في قسم أخبار اسرائيلي والى مراكمة العراقيل في عملها منذ حرب لبنان الثانية، وخاصة في كل ما يتعلق بحريّة التعبير في اطار نشرات الأخبار اليومية التي تحررها. وتحدثت المحامية عبير بكر من عدالة، والتي تولت مسؤولية تنظيم المخيم، فقد تحدثت عن الجانب القضائي في ضمان حقوق الأقليات في الإعلام وعن واجب الدولة في ضمان تمثيل لائق للعرب في الاعلام، إن كان ذلك في مواضيع التغطية او على مستوى التشغيل في قنوات الاعلام الاسرائيلية. وقد أسندت المحامية بكر اقوالها على التشريع الاسرائيلي وأيضًا على حقوق الأقلية في اللغة، حرية التعبير، الكرامة والمساواة.
ونُظمت في ختام المخيم أربع ورشات تناولت مجالات مختلفة: ورشة حول القانون والنساء والحقوق الاجتماعية وأدارتها المحامية سوسن زهر من عدالة. ورشة أخرى أدارتها المحامية سهاد بشارة ومخططة المدن هناء حمدان من عدالة، وقد تطرقت الى موضوع الحق في الارض، وتضمنت عرض فيلم حول وضع سكان القرى غير المعترف بها في النقب. وورشة أدارتها المحامية عبير بكر تناولت القانون الجنائي والمكانة القانونية للسجناء الفلسطينيين السياسيين. وقد أدار المحامي عادل بدير، وهو من عدالة أيضًا، ورشة تناولت الحقوق الثقافية والدينية.
هذا وقد تضمن برنامج المخيم نشاطات اجتماعية متنوعة، تناولت هي الأخرى مجال حقوق الانسان. بين هذه النشاطات جرى عرض فيلمين وثائقيين: فيلم "صرخة أكتوبر" الذي يتناول أحداث أكتوبر 2000 (إخراج: جولي جال)، وفيلم "أولاد آرنا"، الذي يروي قصة حياة أطفال فلسطينيين من مخيم اللاجئين جنين، منذ ولادتهم وحتى قتل قسم منهم خلال اجتياح الجيش الاسرائيلي للمخيم (في عملية "السور الواقي") في العام 2002 (إخراج: جوليانو مير خميس). وأيضًا، قدّم الثنائي شماس نحاس عرضًا سياسيًا-اجتماعيًا ساخرًا.