المحكمة العليا تنتقد بشدة إصرار بلدية بئر السبع على تحويل المسجد الكبير في المدينة إلى متحف عام وتأمر بتحويله الى متحف للدين الإسلامي يقام بالتشاور مع السكان العرب في المنطقة
أصدرت المحكمة العليا مساء يوم أمس الأربعاء 22 حزيران 2011 قرارها في الالتماس الذي قدمه "عدالة عام 2002 وطالب من خلاله بفتح المسجد الكبير في البلدة القديمة في المدينة أمام المصلين المسلمين سكان المدينة والبلدات المجاورة. وبعد مداولات قضائية استمرت قرابة عشرة أعوام، رفضت المحكمة موقف البلدية تحويل المسجد إلى متحف عام وأمرت بتحويله إلى متحف "للثقافة الإسلامية" وذلك رغم أن الملتمسون طالبوا بفتح المسجد أمام السكان المسلمين للصلاة. كما جاء في قرار الحكم أنه يحق للملتمسين التوجه إلى لجان التخطيط وطلب تغيير هدف استخدام المسجد من متحف لمكان صلاة. وفي حال رفض سلطات التخطيط طلبهم هذا بإمكانهم التوجه للقضاء مجددًا.
وقد وجه القاضي سليم جبران في قرار المحكمة انتقادات لاذعة لبلدية بئر السبع على موقفها الذي بموجبه مجرد فتح المسجد للصلاة سيؤدي إلى أعمال عنف وإخلال بالنظام العام. وكتب جبران في القرار: يصعب علي تفهم موقف البلدية أن استخدام المبنى للطقوس الدينية سيؤدي الى مساس بالنظام العام. وتسائل جبران هل تدعي البلدية أن الطقوس الدينية من طبيعتها تؤدي إلى قتال وصراع؟ أو أنهم يدعون أن الطقوس الدينية الإسلامية باللذات تتضمن شيئ ما الذي من شأنه أن يؤدي إلى صدام بين مجموعات التي لولاه لكانت العلاقات بينها طبيعية؟".
كما انتقد القاضي جبران بشدة إصرار بلدية بئر السبع على تحويل مبنى المسجد إلى متحف عام. وقال جبران أن قرار البلدية هذا يتجاهل تاريخ مبنى المسجد، تصميمه وأهميته الثقافية والدينية لجمهور المسلمين. وأضاف جبران: "برأيي الكثير من الإدعاءات التي ادعتها البلدية كان من المستحسن أن لا تطرح بتاتًا، فهذه الادعاءات تثير إحساس سيئ بالنسبة لنظرة بلدية بئر السبع ونظرة الدولة للجمهور المسلم الذي يعيش في اوساطنا".
وذكرت القاضية بروكاتشيا على بلدية بئر السبع التعامل ليس فقط مع الاعتبارات الموضوعية المتعلقة بالتخطيط والبناء بل عليها أخذ كافة الاعتبارات بالحسبان ومن ضمنها الاعتبارات المبدئية القيمية، المصالح الاجتماعية والاقتصادية والنواحي المتعلقة بحقوق الإنسان. وأضافت القاضية بروكاتشيا أنه "بكل ما يتعلق بالاعتبارات المبدئية المذكورة، أشكك ان البلدية منحتها أي اعتبار، حتى اعتبار ضئيل، للتطلعات الشرعية للمسلمين أن يعودو ويجددوا علاقتهم الدينية بالمسجد".
ووصفت القاضية بروكاتشيا القرار بتحويل المسجد إلى متحف للثقافة والديانة الإسلامية بدلاً تحويله إلى متحف عام بأنها القليل من ضمن الكثير الذي طالب به الالتماس. وأضافت أن هذه الخطوة من شأنها أن تحقق أهداف الالتماس، ولو بشكل جزئي، وذلك من خلال اعادة الصلة بين المجتمع المسلم والمسجد الكبير، كموقع ذات صلة بالقيم الثقافية وتاريخ هذا المجتمع".
وعقب المحامي عادل بدير على القرار بالقول انه كان بإمكان المحكمة أن تخطو خطوة إضافية إلى الأمام وانت تأمر بلدية بئر السبع ان تفتح المسجد أمام المصلين من سكان المدينة ومن عشرات الاف الزوار الذين يأتون الى المدينة يوميًا لتلقي الخدمات فيها. مع ذلك، قرار المحكمة اليوم يمنع تدهور اضافي في وضع المسجد وفي علاقة سكان المدينة العرب مع السلطات. وأضاف المحامي بدير:"بنيتنا الاستمرار بالعمل من خلال سلطات التخطيط والمطالبه بتحويل هدف المبنى من متحف إلى مسجد مفتوح للصلاة".
وقد قدم "عدالة" الالتماس في اَب 2002، بإسمه وبإسم جمعية مؤازرة وحماية حقوق البدو في إسرائيل، واللجنه الإسلاميه في النقب وثلاثة وعشرين من مواطني مدينة بئر السبع والنقب العرب، ضد بلدية بئر السبع، سلطة التطوير ووزير الشؤون الدينية. وقد ترافع عن الملتمسين في المحكمة كل من المحاميان مراد الصانع وعادل بدير من مركز "عدالة".
بني "المسجد الكبير"، وهو المسجد الأول في النقب، في العام 1906، وقصده سكان المدينة المسلمين وزائرو بئر السبع للصلاة حتى احتلال المدينة عام 1948. وقد مول بناء المسجد شيوخ القبائل في المنطقة. بعد العام 1948 حول المسجد إلى معتقل وقاعة محكمة من قبل السلطات الإسرائيلية حتى سنة 1953. وفي سنة 1953 حول المسجد إلى متحف النقب حتى سنة 1991، وبعدها أغلق وأخرجت منه معروضات المتحف. منذ 1991 حتى العام 2002، موعد تقديم الالتماس، بقي المسجد مهوجورًا ومهملاً ولم يستخدم لأي غرض. يذكر أنه منذ سنوات السبعين حتى موعد تقديم الالتماس، طالب سكان بئر السبع العرب وسكان البلدات المجاورة بفتح المسجد للصلاة ولكن البلديةترفض ذلك مطلقًا بل وأعلنت عن نيتها ترميم المسجد وتحويله لمتحف عام.