ضمان المساءلة عن التعذيب والمعاملة الوحشية، اللإنسانية والمهينة: توجّهات جديدة وعبر مقارنة
في 4 -5 نيسان 2011، عقد كلّ من مركز "عدالة"، "أطبّاء لأجل حقوق الإنسان" (إسرائيل) و"مركز الميزان لحقوق الإنسان" (غزة) ورشة مهنيّة دولية حول موضوع ضمان المساءلة عن التعذيب والمعاملة الوحشية، اللإنسانية والمهينة: توجّهات جديدة وعِبر مقارنة، في القدس لمدّة يومين. نظّمت الورشة بالتعاون مع، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.
العديد من المؤسسات الأهلية الفلسطينية والإسرائيلية شاركت في الورشة، ومنها: "اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل"، "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فرع فلسطين"، "بتسيلم"، "الضمير"، "الحق" و"جمعية حقوق المواطن" في إسرائيل. كما شارك العديد من المختصين من الهلال الأحمر، جمعية "محامون بلا حدود"، "يونيسيف" و "المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان".
هدفت ورشة العمل إلى إعطاء فرصة للمشاركين العاملين في مجال قضايا التعذيب لمناقشة التحديات الآنية، العبر المقارنة، أفضل الممارسات ومساعي المرافعة. وشدّدت ورشة العمل على مسألة التعذيب والمعاملة المهينة للسجناء والسكان المدنيين الفلسطينيين من قبل إسرائيل، وشارك المختصون الدوليون بدورهم في النقاش عبر الحديث عن تجاربهم في أماكن أخرى ومقارنة مدى تطابقها مع السياق الإسرائيلي- الفلسطيني.
بروفسور مانفرد نواك، صحفي سابق في الاتحاد الأوروبي متخصّص في قضايا التعذيب (2004- 2010) وقائد لواء سابق، قام في اليوم الأول لانعقاد الورشة، 4 نيسان، بعرض استنتاجاته من عمله، كصحفي في الاتحاد الأوروبي، وزيارته لعدة دول والصعوبات التي واجهها ضمن عمله في الدخول إلى السجون ومرافق الاحتجاز. من خلال عمله كصحفيّ للاتحاد الأوروبي لمدّة ست سنوات، لم يتمكّن بروفسور مانفرد نواك وفريقه من الدخول إلى أي سجن أو مرفق احتجاز في الشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا، باستثناء الأردن. ورغم الطلبات المتكرّرة، فإنّ إسرائيل لم تستجب لأيّ طلب قدّمه بروفسور نواك للسماح له بزيارة الدولة.
أمّا في اليوم الثاني، 5 نيسان، فقد اختتمت ورشة العمل بحديث قدّمه الطبيب ستيفان أكسيناكيس، وهو طبيب نفسانيّ، ولواء سابق في الوحدات الطبية للجيش الأمريكي وناشط في "أطبّاء لأجل حقوق الإنسان" (الولايات المتحدة). شدّد دكتور أكسيناكيس في حديثه على واجبات ومسؤوليّات المختصين الطبّيين في سياق التحقيق. كما تحدّث عن تجربته الخاصة في العمل مع عمر خضر، وهو مواطن كندي معتقل في غوانتنامو لمدّة تزيد عن 8 سنوات، بعد أن اعتقلته القوّات الأمريكية في أفغانستان.
جميل دكور، مدير برنامج حقوق الإنسان في اﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ومحام سابق في مركز "عدالة"، تحدث عن الجهد الذي يبذله اﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ في العقد الأخير، لضمان المساءلة عن أعمال التعذيب التي قام الجيش الأمريكي بارتكابها أو تأييدها بدعم من القادة السياسيين والمستشارين الحكوميين كجزء من "الحرب على الإرهاب" خلال إدارتي بوش واوباما.
ومن ضمن المواضيع التي تمّ طرحها في ورشة العمل ما يتعلق منها بعملية تعريف التعذيب. إذ ذكر المشاركون أن أوجه التعذيب تغيّرت اليوم في إسرائيل، وان العديد من حالات التعذيب نابع عن استخدام وسائل التعذيب النفسي.
وكان من ضمن العقبات التي ذكرها المشاركون هي الحصول على أدلة تثبت خضوع الفرد للتعذيب، خصوصًا في حال كان الأذى الجسدي غير ملحوظ بشكل كافٍ، حتى إن كان التعذيب نتيجة لحرمان من النوم، لظروف سيئة جدًّا في الزنازين ولعدم السماح لهم بالحصول على محامٍ وعلى علاج طبي، أو لعدم السماح بزيارات من أفراد الأسرة لفترات طويلة من الزمن، فضلا عن وسائل أخرى.
وتناولت ورشة العمل موضوع تأثير التعذيب ليس على الضحيّة فحسب، وإنّما على عائلات الضحايا أيضًا، وكذلك تأثيره على الجنود والمحققين المتورّطين بصورة مباشرة في استخدامهم لوسائل التعذيب وتعاملهم المهين والوحشيّ مع الضحايا، وأثر ذلك على المجتمع ككل. وأمّا بخصوص الخطوات المستقبلية للعمل على مناهضة التعذيب، فقد طرح العديد من المشاركين العمل على حملات تثقيفية موجّهة لمختصين طبيين لمساعدتهم على فهم أفضل لالتزاماتهم في تسجيل جميع الحالات المشتبه بها والإبلاغ عنها، فضلا عن العمل القانوني عن طريق التحقيقات الجنائية والدعاوى المدنية، وحرية طلب المعلومات، وآليات العدالة الإقليمية والدوليّة.
لقراءة المقابلة مع الطبيب إكسينيكاس في جريدة هاَرتس،أنقر\ي هنا