مشاركون: |
المحامي جميل دكور، عمل في السابق في عدالة، يعمل مع الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) في نيويورك. |
د. إيلان سابان، محاضر في كلية الحقوق في جامعة حيفا. |
المحامي نمر سلطاني، طالب دكتوراه في القانون. |
السؤال الأول: ما هي تأثيرات قرار الحكم على القرارات المستقبلية للمحكمة العليا فيما يخصّ قضايا حقوق الإنسان؟
ج. دكور: لقد ضحّت المحكمة العليا، مع استثناءات نادرة بحقوق الإنسان الفلسطيني على مذبح الأمن الوطني. ولا تختلف هذه القضية عن غيرها، عدا عن كونها تُعيدنا إلى الأيّام التي كانت فيها السياسات والقوانين تميّز بشكل واضح، وتأخذ شرعيتها، في الأساس، من السلطة القضائية. المفهوم الجديد، والذي تجسد بشكل واضح، في عدة قضايا، في مجال حقوق الإنسان في الفترة الأخيرة، يقول أنّ المحكمة تسجّل نقاط لصالحها باعتبارها مناصرة لحقوق الإنسان، حتى في الحالات التي رُفضت فيها الالتماسات المقدمة للحصول على مساعدة قانونية (Legal Redress). وعلى الرغم من أنّ معظم القضاة في قضية المواطنة رفعوا من مكانة الحقّ في الحياة الأسريّة والحقّ في المساواة إلى درجة حقوق دستورية محميّة، إلا أنّ آلاف العائلات الفلسطينية ما زالت تعيش في حالة انفصال وتشرذم. وفي الوقت الذي يتحدث رئيس المحكمة العليا أهرون باراك في رسالة إلى أصدقاءه من جامعة "ييل" عن أنّ قرار الحكم من وجهة نظر الأغلبية لم يكن سوى هزيمة تقنية للقضاة من الأقلية، فإنّ باب المحكمة يُغلق في وجه الملتمسين، والذين تم تذكيرهم من جديد أنّ في إسرائيل نوعين من العائلات، لكلّ نوع درجة من الحقوق: درجة لليهود وأخرى للعرب.
إ. سابانفي الأجواء القاتمة التي تلفنا في أعقاب قرار الحكم، من الأفضل البدء بما هو إيجابي. إحدى نقاط الضوء المركزية هي أنّه في أعقاب قرار الحكم (وفي أعقاب قرار الحكم بخصوص قانون طال) تغيّر النظام الدستوري بشكل حقيقيّ. فقانون أساس: كرامة الإنسان وحريته تحوّل إلى وثيقة حقوق فعليّة (ولو أنّ ذلك في مجال الحقوق المدنية والسياسية). وتبيّن أنّ الحق في كرامة الإنسان قد أرسى الحق في المساواة والحقّ في حياة أسريّة (قريبًا سيتبيّن أنّه يحمي حرية التعبير دستوريًا، أيضًا). أما بخصوص الإسقاطات السلبيّة، فالمشكلة الأساسيّة تكمن في مركّب "العقاب الجماعي": التنازل عن الفرز الفرديّ بين أزواج قد يحملون تهديدًا أمنيًا وبين الغالبية السّاحقة جدًا للأزواج الفلسطينيين الأبرياء من أيّة شبهة. فالقاضي حيشين – الناطق بلسان قضاة الأغلبيّة – يخبرنا بأنّ "بذل مزيد من الوسائل أو جهود أكثر تمحورًا، لا تضمن هي الأخرى أمن سكان إسرائيل، ومعنى الأمر هو أنّ إلغاء الحظر الشامل في القانون واستبداله بنظام من الفحص الفردي، قد يؤدّي، بمستوى احتمال غير منخفض، إلى زيادة عمليات الإرهاب في إسرائيل: إلى قتل سكان الدولة والمسّ بهم". (التشديد ليس في الأصل). بكلمات أخرى، فإنّ القاضي حيشين يستبدل امتحانات التوازن التي نعرفها في حالات التصادم بين حقوق الإنسان وأمن الدولة، بامتحان يقترب من امتحان "النزعة الشريرة" الذي ودّعته المحكمة العليا بفخر في الخمسينيّات. بموازاته، يتحدّث اثنان من قضاة الأغلبية الآخرين (غرونيس وريفلين) عن تبنّي امتحان توازن أفقيّ بدلاً من عمودي: فهما يتحدّثان عن الحقّ في الحياة (لمواطني إسرائيل) في إزاء الحقّ في حياة أسريّة (للفلسطينيين مواطني إسرائيل). لكن، ومثلما كتب دووركين، مؤخرًا، في صحيفة "الغارديان" من باب توجيه النقد لتصريحات حكومية بريطانيّة: إن استعارات "التوازن" (الأفقي) بين مصلحة الأغلبية وبين حقوق الإنسان للأقليّة تقوّض "كلّ مفهوم الاعتراف بحقوق الإنسان. وهي تعادل تصريحًا مفاده أنّه لا يوجد شيء كهذا اسمه حقوق إنسان".
"[it] undermines the whole point of recognizing human rights; it is tantamount to declaring that there are no such things".
ن. سلطاني: من الصعب القول أنّه سيكون للقرار تأثير عام وعميق الأثر في قضايا حقوق الإنسان. بالمقابل، فإنّ التغييرات التي تحدث في الآونة الأخيرة في المحكمة العليا، طريقة تعامل القضاة، وما يكشفه القرار عن القضاة والمحكمة، تشكّل مصدرًا للقلق. يمثّل القرار في آن واحد نتيجة وعارضًا للمبنى الدستوري وللثقافة السياسية في إسرائيل. وقد أدّت التطورات في هذين المسارين خلال السنوات الأخيرة إلى تثبيت المكانة المتدنية للمواطنين الفلسطينيين، الأمر الذي ينعكس في المحكمة أيضًا. المجتمع الإسرائيلي (والصهيونية) يتجه نحو اليمين، وكذلك المحكمة. كما وتتحول المحكمة أسوة بالمجتمع نحو التطرف القومي أكثر فأكثر. تطورات مشابهة في المحكمة رافقت وصول النخب الجديدة في المجتمع، رئيس المحكمة العليا أهرون براك مثّل عقبة – للوهلة الأولى – "ليبرالية" (ضمن ما تسمح به الصهيونية طبعًا) أمام وجهات نظر يمينية في المحكمة. الرسالة التي يوصلها القرار الحالي هي أنّه يمكن تخطي هذه العقبة. يجيء هذا القرار في توقيت مثير متزامنًا مع تقاعد براك الوشيك. بهذا المعنى فإنّ القرار - الذي يؤكّد ظاهرة موجودة - يمثل رافعة لانتقاص إضافي في حقوق الإنسان وحقوق المواطن للفلسطينيين، كانوا مواطني إسرائيل أم لم يكونوا. يتحول الموطنون الفلسطينيون إلى أصحاب مكانة فارغة تقترب من حالة اللادولة (أيّة جنسية هذه التي لا تشمل الحق في حياة أسرية؟) هذا، في الوقت الذي ينتصر فيه الإدعاء الأمني - كجزء من أيديولوجية الدولة - مرة أخرى كتبرير غير محدود لكل إخلال خطير بحقوق الإنسان بخصوص العرب.
السؤال الثاني: كيف حسب رأيك، على منظمات حقوق الإنسان التحضير لكل ما يتعلق بالإستراتيجية القانونية، بعد قرار الحكم؟
ج. دكور: في الوقت الذي من المفيد فيه إعادة النظر في إستراتيجيات قانونية معيّنة، خصوصًا في الملفات التي من الممكن أن تثير آمال غائرة بالنسبة للحصول على مساعدة قانونية ذات فائدة واتخاذ خطوات مُصحّحة، فليس أقل أهمية أن يتم فحص الإستراتيجيات السياسية من جديد، وأن يُطرح السؤال حول الأطر التي من المناسب طرح النقاش عبرها بخصوص مظالم مختلفة. في العشر سنوات الأخيرة، نادت المحكمة العليا تحت رئاسة أهرون براك الحكومة عدة مرات الكفّ عن تطبيق عدّة جوانب تتعلق بمكانة المواطنة من الدرجة الثانية للفلسطينيين في إسرائيل. هذه المطالب قوبلت بالتجاهل عمومًا. أحد الملفات الأكثر أهمية والذي لا يزال معلقًا أمام المحكمة هو الالتماس ضدّ قانونية التعديلات في قانون التعويضات المدنية "مسؤولية الدولة". يحرم هذا التعديل الفلسطينيين سكان الأراضي المحتلة من الحقّ في طلب تعويضات على خلفية الإصابات والأضرار الناتجة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية. في هذا الخصوص يجب تذكير المحكمة أنّ أيّ ضريبة كلامية قضائية لن تكون ثمنًا كافيًا لإنقاذها من النقد والاستنكار الدولي. وكما أشار الناشط الأفرو-أمريكي من أجل إلغاء العبودية، فريدريك داجلاس، في أعقاب القرار سيء الصيت في قضية دريد سكوت، والتي فيها شرعنت المحكمة العليا الأمريكية العبودية: "تستطيعون أن تغلقوا أبواب محكمتكم العليا في وجه مطالب الرجل الأسود في العدل، ولكنكم لن تستطيعوا، والشكر لله، أن تغلقوا آذان العالم المناصر".
إ. سابان أكتفي لضيق المجال بنقطة واحدة فقط. فلو صحّ الادّعاء الذي تحوّل بحسبه قانون أساس: كرامة الإنسان وحرّيته إلى وثيقة حقوق فعليّة، فإنّ الدستور الإسرائيلي يكون قد تبلور إلى حدّ بعيد. صحيح أنّ فيه "ثغرة" واحدة كبيرة – فهو ليس محصّنًا (بوسع الكنيست أن تغيّر معظم قوانين الأساس، بما في ذلك قانون أساس: كرامة الإنسان وحرّيته، بأغلبيّة عادية). ولكن جميع المقترحات المعلنة بخصوص وضع دستور شامل (المسوّدة التي أعدّتها لجنة الدستور واقتراح المعهد الإسرائيلي للديمقراطية لدستور بالوفاق) تشمل "فقرة تغلّب" مشابهة لتلك التي في كندا. أي أنها تقترح ثغرة كبيرة ورسمية في تحصين الدستور، وهذا يتم في دولة ثقافتها السياسية أقلّ ديمقراطية بكثير من تلك التي في كندا. هذه الوضعيّة تقوّي، في اعتقادي، من تخبّطات منظّمات حقوق الإنسان في السؤال إلى أيّة درجة يجب دعم تلك الإجراءات المقترحة لوضع دستور شامل لإسرائيل. فكلّ الأوراق في تلك الإجراءات مكشوفة على الطاولة – شعار الدولة، الأرض، تعيين القضاة، مدى تحصين الدستور...- ولكن "الطاولة" هي طاولة الأغلبية السياسية – الكنيست. وعليه، تزداد قوة البديل المتمثّل بالإبقاء على الوضع الراهن، الذي تقوم المحكمة العليا فيه بضبط التطورات. في مجتمع معافىً أكثر، كان من الجدير الاعتماد على الكنيست؛ أمّا في المجتمع الإسرائيلي، في التوقيت الحالي، فيبدو أنّ الأمر هو مخاطرة كبيرة جدًا.
ن. سلطاني: نظرًا لأنّ الأمل بإحداث تغيير بواسطة المداولات بين جدران المحاكم محدود، وطالما لم يحدث تغيير بعيد المدى في الثقافة السياسية والقضائية عامة، وبما أنّه من المستبعد أن يحدث تغيير من هذا النوع في الوقت القريب، فإني أقترح أن تقوم منظمات حقوق الإنسان بالتركيز على خلق ذاكرة للمحكمة: ذاكرة من الفشل بالدفاع عن حقوق الإنسان، والخنوع لأيديولوجية اضطهاد. من الممكن الوصول إلى هذا من خلال إغراق المحكمة بالتماسات فردية وجماعية متكررة، تتعلق بأشكال مختلفة بقانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل. على القضاة أن يواجهوا من جديد وبشكل دائم "ديمقراطيتهم" المزعومة، وبشكل مشابه يجب تشكيل ذاكرة للمقاومة. ضحايا القانون يجب أن يحصلوا على تشجيع جماهيري للقيام بخرق القانون وعلى المنظمات غير الحكومية أن تمثلهم. لا يجب التشهير بأصحاب مناصب في السلطة التنفيذية فحسب، وإنما بأشخاص في الجهاز القضائي أيضًا، ومن بينهم القضاة الذين دعموا القرار الذي يمنع لم الشمل، ودعموا خطوات قمعية أخرى نُفذّت في المناطق المحتلة. مثلا، يجب الطلب بشكل مستمر من الجامعات في العالم وخاصة في الولايات المتحدة أن لا يقوموا بدعوة هؤلاء القضاة لإلقاء محاضرات. وإن تمت دعوتهم، رغم ذلك، فيجب مساعدة لجان الطلاب التقدميين بتنظيم فعاليات إحتجاج ضدّهم، وكذلك على لجان طلاب تقدميين في إسرائيل أن تبادر لفعاليات مماثلة. نهاية، على منظمات حقوق الإنسان أن تختار بحذر استراتيجياتها القانونية وأدواتها الخطابية: أولا، من الخطأ النضال ضد التبريرات الأمنية من خلال الاعتماد على المنطق الخاص لهذه التبريرات. بدلا من ذلك يجب الاحتجاج على "الأمن" كونه جزء لا يتجزأ من أيديولوجية الدولة. ثانيًا، يجب الامتناع عن ترجمة الكلمة العبرية للجنسية إلى "مواطنة" (Nationality). هذا الخطأ يعطي الانطباع أنّ إسرائيل تعرض المواطنة للجميع. قانون المواطنة الوحيد هو قانون العودة.
السؤال الثالث: ما هو تفسير حقيقة أنّ المحكمة العليا التي أعطت حكمها بخصوص عائلة قعدان، ومنعت رفع الحصانة عن أعضاء الكنيست العرب، وأمرت باستعمال اللغة العربية في المدن المختلطة، وأقرّت أنّ قرار الحكومة بخصوص مناطق الأفضلية يميّز ضد العرب، هي ذات المحكمة التي مرّرت قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، وكل هذا جرى في خلال سبع سنوات؟
ج. دكور: أولا، لم تطلب أي من هذه الالتماسات أن يتم إلغاء قانون سنته الكنيست مثلما حدث في تعديل قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، والذي تم قبوله بغالبية 59 عضو كنيست. لذلك يمكن القول أنّ المحكمة عملت ضمن قالب ضبط النفس القضائي وإعطاء الاحترام اللازم للسلطة التنفيذية، السلوك الذي يُسلك بشكل عام في الملفات المتعلقة بقضايا أمنية. ثانيًا؛ لم يكن لأي من هذه الالتماسات أي تأثير فوري على السياسة العنصرية الديموغرافية التي تتبعها إسرائيل. جميعها كانت في الأساس انتصارات رمزية، صاغها براك بأفضل لغة بلاغية، دون أن يجري تغيير الواقع على الأرض. لذلك، اضطرت عائلة قعدان لأن تتوجه ثانية إلى المحكمة العليا من أجل أن تطلب تثبيت حقّها الخاص في بناء بيت في كتسير؛ أعضاء الكنيست العرب استفادوا من مصادقة المحكمة على مشاركة قائمة يهودية عنصرية متطرفة في انتخابات الكنيست؛ اللغة العربية لا زالت تعاني من التهميش، ولا تزال الجهود المبذولة لنزع مكانتها كلغة رسمية ثانية مستمرة؛ وأخيرًا، فإنّ معظم القرى والمدن العربية لا تزال تعاني من نقص في الميزانيات، والحرمان من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
إ. سابان تدلّ قرارات الحكم المتباينة في المحكمة العليا على وجود حالة تراكُض داخليّة فيها، بين قضاة من المجموعة أ والمجموعة ب، لكن النزاهة تقتضي القول إنّ هذا التراكض موجود في كلّ قاضٍ. فبعد سنين من العزلة ومن "التعرّض للنيران من كافة الاتجاهات، أصيب قسم من القضاة بالإعياء من دور "الطفل الذي يغلق بإصبعه ثقب السدّ". وقد ظهر تعب كهذا في محاكم أخرى أيضًا، في فترات أخرى. لقد حدانا الأمل في أنّ محكمتنا العليا أكثر مناعة؛ ربّما أنّنا أخطأنا، وربّما ليس بعد. لربّما أنّ قصيدة والت ويتمان تفسّر واقع الأمر أفضل منّي. لربّما أنّها تقوم بالتحذير أفضل مني.
والت ويتمان، من قصيدة "أوراق العشب"
أجلس وأنظر
أجلس وأنظر في كلّ أحزان العالم وفي التوتّر والعار:
أسمع تنهّدات مكتومة متجهّمة خارجة من قلوب شبّان
يملؤهم السّخط، والندم على أفعال ارتُكبت: (...)
أرى استهتار المتغطرسين واستعلاءَهم
على الكادحين، الفقراء، الزّنوج وسواهم؛
أرى كلّ الشرور والمعاناة اللامحدودة؛ أجلس وأنظر،
أرى، أسمع وأُطرِق.
ن. سلطاني: كل هذه القرارات تمت صياغتها ضمن المقاييس الصهيونية للمحكمة. لم يزعزع أيٌّ منها الأسس الأيديولوجية للمحكمة. لقد شدّدت المحكمة طيلة الوقت على يهودية الإطار العام، قبل أن تقوم بمنح مواطني الدولة الفلسطينيين فتات حقوق. في الالتماس موضوع الحديث، اضطرت المحكمة لأن تواجه القضايا التي تقترب أكثر من الفارق بين الجنسية والمواطنة. وقرّرت أن المواطنة من حقّ اليهود فقط. أولئك الذين يؤمنون أنّ في استطاعة إسرائيل أن تكون دولة يهودية، وفي ذات الوقت ديموقراطية (مثل كل قضاة المحكمة العليا) يستطيعون معارضة هذا القانون، ولكنهم في نهاية الأمر مضطرون لأن يشرعنوا ويسمحوا بدرجة ما من التمييز. من هذا المنظور، فإنّ المداولات لا تبحث في المساواة أو التمييز، وإنما تبحث في مقدار التمييز الذي يجب تنفيذه ضد المواطنين الفلسطينيين، وفي الوسائل التي يتم تنفيذ التمييز عن طريقها. السؤال المطروح ليس عن حقيقة وجود التمييز، وإنما عن مقدار هذا التمييز وشكله. وفقا لذلك فإنّ القانون وقرار الحكم هما نتيجة حتمية للمنحدر المنزلق الممأسس ضد العرب. إذن، برأيي، فإنّ القرار يتناغم تمامًا مع المبنى القانوني والثقافة السياسية، حيث تشكل هذه المشكلة بعينها. أولئك الذين يقولون إنّ القانون هو غير دستوري حسب القانون الإسرائيلي، يتجاهلون الطبيعة الإشكالية للمبنى الدستوري. الجانب "المضيء" من القرار هو تمامًا الكشف عن هذه الإشكالية في طبيعة المبنى الدستوري: كلما كانت المحكمة متناسقة في قراراتها، كلما اتضح خضوعها التام لمنظومة الاضطهاد. لذلك، فإنّ المحكمة العليا تذكرنا بقرارات المحكمة العليا الأمريكية في فترة العبودية، أكثر مما تذكرنا بقرارها في قضية كارماتسو.