إنّ صياغة
الدستور هي سيرورة فكريّة يحاول من خلالها كاتبو الدستور صياغة مستقبل متخيّل
للمجتمع. يتعامل الدستور الديمقراطي الذي اقترحه مركز "عدالة" مع الدولة
المتخيلة في نطاق حدود الخط الأخضر كدولة ديمقراطية ثنائية القومية ومتعددة
الثقافات. ويرى الدستور
الديمقراطي أنّ حق العودة هو حق دولي لا يتعلق بقوانين دولة إسرائيل،
ولذلك أكّد في المقدمة على حق العودة وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194. هل يمكن، مع
كل هذا، إدراج هذا الحق في بنود داخليّة لدستور دولة متخيلة؟ البند 39 من
الدستور الديمقراطي بشأن إعادة الأملاك الشخصيّة، ينص على ما يلي: "لكل
شخص صودرت أرضه الحق في إعادة أملاكه وفي تعويضه على فترة سلب حريته في
التملك". ولا ينحصر الحق هنا في "لكلّ مواطن أو ساكن" فقط،
وإنما "لكل شخص" لكي يسري هذا البند على جميع اللاجئين الفلسطينيين وعلى
جميع العرب ممن ليسوا فلسطينيين (سوريين، لبنانيين ومصريين صادرت إسرائيل أملاكهم
في العام 1948). كما أنّ استعمال عبارة "لكلّ شخص" جاء لتشديد الحق
الفردي في مسألة حق العودة. هل جميع اللاجئين الفلسطينيين معنيّون بأن يكونوا
مواطنين في هذه الدولة المتخيلة؟ ينصّ البند 15، وهو البند الأهمّ في الدستور على
أنّ "قوانين الجنسية والهجرة ستستند إلى مبدأ منع التمييز"، كما
أنّ الجنسية تُمنح وفق الدستور الديمقراطي على أساس إقليمي: "لكل من وُلِد ضمن مناطق حدود دولة إسرائيل على أن يكون أحد والديه وُلِد أيضًا داخل حدود الدولة...
لكل من وُلِدَ لوالدين أحدهما مواطن دولة إسرائيل... لزوج/ه مواطن/ه إسرائيلي/ه...". عمليًا، يمكّن هذا البند من منح الجنسية لكل
لاجئ فلسطيني، وذلك بتعريفه للمواطن على أنه كل من وُلد في حدود الدولة المتخيلة
التي يعرفها الدستور الديمقراطي، أي حدود 1967- هذا من جهة. ومن جهة ثانية فإنه
يلغي الامتياز الحصري المحفوظ لليهود في مسائل الهجرة.
|