ردّت المحكمة المركزية في حيفا، في انعقادها كمحكمة لشؤون المياه، هذا الأسبوع (الأربعاء 13.9.2006) استئنافًا كان قدّمه مركز عدالة في 20.4.05 باسم أكثر من 100 عائلة عربية بدوية تقطن في القرى غير المعترف بها في النقب، ضد رفض مفوّض المياه تزويدهم بمياه نقية للشّرب. وينوي عدالة التقدّم باستئناف الى المحكمة العليا ضدّ هذا القرار.
وتمّ الادّعاء في الاستئناف الذي قدّمه عدالة باسم سكّان عرب من النقب، أنّ هؤلاء السكان يستحقون ممارسة حقهم الإنساني والأساسي في المياه، الذي جاء لضمان حدّ أدنى من ظروف العيش، والمضمّن في حقّ أساس: كرامة الإنسان وحرّيته، وكذلك في القانون الدوليّ. وفي ضوء ذلك، ادّعى عدالة، فإنّ تسويغات المحكمة لردّ الاستئناف لا تتصل بالقضية، بل إنّها تتطرّق إلى نقاش آخر، لم يطرحه عدالة، وهو يتعلّق بمسألة سياسيّة تدور حول تنظيم سكن المواطنين العرب في القرى غير المعترف بها.
فمثلاً، ضمن تسويغ رئيس المحكمة، القاضي رون شبيرا، للقرار، أشار، أيضًا، الى أن الاستئناف كأنما يتطرّق الى الارتباط بشبكة المياه، لكن خلفه تختبئ قضية واسعة بخصوص تنظيم "الاستيطان البدوي"، على حد قوله. وعلى أساس هذه الفرضية المخطوءة، قرّرت المحكمة أنه لا توجد لديه ولا لدى مفوّض المياه صلاحية للتدخل في الاعتبارات المتعلقة بتنظيم توطينهم. وتضيف المحكمة أنها لا تتجاهل مشكلة الغبن والتمييز التي يعاني السكان البدو منها، لكن في رأيها فإن هذه ليست الوسيلة لتنظيم مشكلة القرى غير المعترف بها. ومعنى هذا الأمر هو أنّ المحكمة اعترفت فعلاً بالحق في المياه كحق أساسي مشتق من الحق في الكرامة والحياة، رغم أنّها قررت أن هذا الحق غير مطلق وبالإمكان تقييده. وفي هذه الحالة يأتي تقييد الحق لأنّ هناك مصلحة عامة "واضحة في عدم تشجيع حالات استيطان غير قانونيّة إضافيّة".
وعبّرت مصادر في عدالة، كما ذُكر، عن استهجانها من استنتاج المحكمة هذا، وأكّدت أن الاستئناف لا يسعى بالمرّة إلى تنظيم مسألة التوطين، بل يدور حول الحقّ الأساسي لسكان القرى غير المعترف بها في المياه، فقط، حتى لو أن الدولة لم تنظّم مسألة توطينهم بعد. وتدّعي مصادر عدالة أيضًا أنّ قرار المحكمة يحول مفوض المياه عمليًا الى أداة بأيدي الحكومة، والتي تعمل على سلب المواطنين العرب البدو سكان القرى غير المعترف بها في النقب، بواسطة عدم توفير خدمات أساسية، مثل الحق في مياه شرب نقية.
ومن الجدير بالذّكر أنّ الاستئناف إلى المحكمة قدّم في حينه بواسطة المحامي مروان دلال باسم 6 مواطنين من القرى غير المعترف بها في النقب، ويمثل كل منهم عددًا كبيرًا من عائلات قرية غير معترف بها في النقب. وقبل تقديم الاستئناف قدم عدالة في العام 2001 التماسًا إلى المحكمة العليا بشأن استحقاق سكان عدد من القرى غير المعترف بها للمياه. وأقرّت المحكمة العليا في حينه، ضمن أمور أخرى، بأنّ الطريقة المناسبة لممارسة سكّان القرى غير المعترف بها حقّهم في المياه هي من خلال تقديم طلبات فردية للجنة تخصيص مياه الشّرب، إذ إنّها اللجنة المؤهّلة بالتوصية أمام مفوّض المياه بتوصيل خطوط المياه. في أعقاب توصية المحكمة العليا قدّم السكان طلبًا إلى اللجنة لكنها رفضته، ومن هنا نبعت ضرورة الاستئناف إلى المحكمة المركزية.
قدّم الاستئناف باسم الملتمسين الآتين: السيد عبدالله أبو مساعد، الذي يمثل 15 عائلة، من القرية غير المعترف بها تل الملح؛ السيد طويلع الغنامي، الذي يمثل 11 عائلة، من القرية غير المعترف بها قطامات؛ السيد إبراهيم الأطرش، الذي يمثل 10 عائلات؛ السيد سليم أبو القيعان، الذي يمثل 34 عائلة، من القرية غير المعترف بها أم الحيران؛ السيد عيد سلمان الأنباري، الذي يمثل 40 عائلة، من القرية غير المعترف بها تل عراد؛ السيد إبراهيم صبيح الهواشلة، الذي يمثل 18 عائلة، من القرية غير المعترف بها طلاع رشيد.
يُنظر 609/05 عبدالله أبو مساعد وآخرون ضدّ مفوّض المياه وآخرين. (صدر في يوم 13/09/06).