قدّمت تسع مؤسسات حقوق إنسان من إسرائيل ومن الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة التماسًا لمحكمة العدل العليا، هذا الصباح، طالبت فيه إلغاء تعديل قانون الأضرار المدنيّة (مسؤوليّة الدولة)، الذي يمنع مواطنين فلسطينيين من طلب تعويضات من دولة إسرائيل جرّاء أضرار ألحقتها بهم قوّات الأمن الاسرائيليّة حتى تلك الأضرار التي لحقت بهم خارج إطار العمليّات العسكريّة.
وقدّم الإلتماس "مركز الدفاع عن الفرد" و"عدالة" و"جمعيّة حقوق المواطن" بإسم المؤسسات الثلاث وبإسم مؤسسة "الحق" من الضفة الغربيّة و"المركز الفلسطيني لحقوق الانسان" في غزة و"بتسيلم" و"أطباء لحقوق الانسان" و"اللجنة العامة ضد التعذيب في أسرائيل" و"شومري مشباط - حاخامون من أجل حقوق الانسان"، بواسطة المحامييْن حسن جبارين وأورنا كوهين من "عدالة" والمحامي غيل غان- مور من "مركز الدفاع عن الفرد" والمحامي دان يكير من "جمعيّة حقوق المواطن".
ويحرم التعديل الأخير على قانون الأضرار المدنيّة، الذي صادق عليه الكنيست في نهاية شهر تموز الفائت، سكان المناطق المحتلة ورعايا "الدول المعادية" وناشطين وأعضاء في "منظمات تخريبيّة" من الحق في تلقي التعويض جرّاء الاضرار التي سببتها لهم قوات الأمن، بما فيها تلك التي سببتها لهم خارج إطار العمليّات العسكريّة ( باستثناء بعض الحالات الهامشيّة).
ويخوّل القانون المعدّل وزير الدفاع بالإعلان عن كل منطقة خارج حدود الدولة "كمنطقة مواجهة"، حتى لو لم تحدث فيها أيّة عمليّة عسكريّة، ويحرم هذا الاعلان كل من يصاب في هذه المنطقة من الحق في طلب تعويضات في المحكمة. ويسري القانون تراجعيًا على الأضرار، التي حصلت منذ تاريخ 29.9.00 وعلى الدعاوى التي لا تزال قيد البحث في المحاكم.
وشددت المؤسسات في الإلتماس على أن القانون ينتهك بشكل فظ مبادئ القانون الإنساني الدولي ومبادئ قانون حقوق الانسان الدولي الساريّة على المناطق المحتلّة. كما يمس بالحقوق الأساسيّة مناقضًا ما جاء في قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته. وعليه، ادعى الملتمسون أنّ القانون ليس دستوريًا. وأضاف الملتمسون أنّ هذا القانون يبعث برسالة أخلاقيّة خطيرة ومتطرفة، بحسبها لا قيمة لحيوات المصابين من سكان منطقة المواجهة أو لحقوقهم ، لأن المحكمة لن تسعفهم ولأن من سبب لهم الضرر لن يطاله أي عقاب، وبناءً علية، فإن القانون غير أخلاقي وعنصري. وجاء في الالتماس أيضًا أنّ بنود القانون تلغي، عمليًا، الرقابة على عمليّات الجيش في المناطق المحتلة وتشجع عدم إجراء تحقيقات وعدم محاكمة المسؤولين عن حالات وفاة أو اصابة، بما فيها تلك الحالات التي حدثت نتيجة لإطلاق النار عشوائيًا أو تعمدًا. كذلك يشجع القانون عدم محاكمة المسؤولين عن حالات التنكيل والتعذيب والسرقة وهدم الممتلكات المدنيّة. وبهذا يمس القانون في الحقوق الأساسيّة في الحياة وسلامة الجسد والمساواة والكرامة والملكيّة، ويمس في الحق الدستوري بالتوجه للمحاكم. وشدد الملتمسون على أن المس في الحقوق الأساسيّة في هذه الحالة هو في غاية الخطورة، كون القانون يحرم الفلسطينيين من تلقي تعويضات على انتهاك حقوقهم الأساسيّة وبالتالي فهو يحرمهم من هذه الحقوق.
وطالب الملتمسون المحكمة "العليا" أن تقر بأن قانون أساس: كرامة الانسان وحريّته يسري على كافة سكان المناطق التي تقبع تحت السيطرة الاسرائيليّة. وقد جاء في قرارٍ أصدرته المحكمة "العليا" في الآونة الأخيرة بشأن قانون خطة فك الإرتباط أنّ قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته يسري أيضًا على المستوطنين في المناطق المحتلة. وشدد الملتمسون أن الاقرار بأن قانون الأساس لا يسري على الفلسطينيين في المناطق المحتلة من شأنه أن يخلق نظام أبارتهايد - فصل عنصري- دستوري.
بالإضافة تطرّقت المؤسسات لأحد الإدعاءات المركزيّة التي طرحها المبادرون للقانون، والذي بحسبه على كل طرف أن يتكفل بأضراره: تتكفّل دولة اسرائيل بالأضرار التي لحقت بمواطنيها ويتحمّل والجانب الفلسطيني الاضرار التي لحقت به. وجاء في الالتماس أنّه لا مثيل لهذا المبدأ الجارف في القانون الدولي، وأنّ هذا المبدأ يستند الى الفرضيّة التي توازن بين القوى الإسرائيليّة والقوى الفلسطينيّة وتعتبرهما دولتين مستقلتيْن، أو على الأقل كيانين سياسيين، لا يوجد بينهما علاقة سيطرة وتبعية. وادعى الملتمسون أن هذا المنطق يتجاهل حقيقة العلاقات بين الطرفين، إذ أنها علاقة بين دولة محتلّة وسكان محميين يقبعون تحت الاحتلال، ويتوجب على الدولة المحتلّة أن تلتزم بقواعد القانون الانساني الدولي وقانون حقوق الانسان الدولي وأن توفر الحماية للمدنيين في المنطقة المحتلّة.