أصدرت المحكمة العليا يوم 14.9.2004 قرارها المفصل بخصوص الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة وجمعية أطباء لحقوق الإنسان وتنظيمات حقوق إنسان أخرى في 26.8.2004 والذي طال فيه الملتمسون المحكمة إصدار أمر مشروط وأمر إحترازي يمنع سلطات السجون من مصادرة الملح من زنازين الأسرى المضربين عن الطعام.
يذكر أن إضراب الأسرى علق في 2.9.2004، ولكن العليا ردت الإلتماس في يوم 31.8.2004 وأعلنت في الجلسة أنها ستنشر قراراً مفصلاً فيما بعد. وكما هو معروف، في 15.8.2004 أعلن 1500 أسير سياسي عن إضرابهم عن الطعام إحتجاجاً على ظروف اعتقالهم السيئة في السجون الإسرائيلية. وانضم للإضراب لاحقاً المزيد من الأسرى حتى وصل عددهم لحوالي 3000 أسير. وأعلن الأسرى المضربون عن الطعام أنهم سيمتنعوا عن الأكل إلا أنهم سيستمرون في شرب الماء وأكل الملح. وبعد إعلان الأسرى عن الإضراب عن الطعام قامت سلطات السجون بمصادرة جميع أغراض الأسرى وبضمنها الملح.
وكتبت هيئة القضاة المكونة من رئيس المحكمة العليا، القاضي أهارون براك، القاضية أ. حيوت والقاضي ي. عديئيل، في قرارها أن "الأسر يحدد من قدرة الأسير على تحقيق حرية رأيه، وأن التقييدات المفروضة على حرية الرأي في السجن على الأسرى هي أكثر من التقييدات المفروضة على الإنسان الحر". وعليه قرر القضاة أنه "حتى لو افترضنا أن الإضراب عن الطعام هي وسيلة مشروعة للتعبير عن الرأي، فإن الإضراب عن الطعام غير معدود على حقوق الإنسان في الأسر". وأضاف القضاة أن "الإضراب عن الطعام يمس في إدارة السجن".
وجاء أيضاً في قرار المحكمة أن الإضراب عن الطعام يعتبر مخالفة لقوانين السجن ولهذا فيحق لسلطات السجون وفق البند 19 للنظام الداخلي للسجن أن تسلب من الأسرى المضربين عن الطعام تسهيلات كانت تمنحها لهم". مع هذا كتب القضاة في القرار أن هذه الخطوة يجب أن تكون نسبية وأن لا تشكل خطراً على صحة الأسرى وحياتهم. وأضاف القضاة أنهم اقتنعوا أن الخطوات التي اتخذتها سلطات السجون لم تمس بصحة الأسرى أو بحقوقهم الأساسية".
أما بالنسبة لقضية الملح، جاء في القرار أن "سلطات السجون واعية لأهمية الملح وتطرقت لهذه المسألة في أنظمة السجن المتعلقة بالإضراب عن الطعام. وتنظم هذه الأنظمة قضية تزويد الأسرى بالملح، كمية الملح والأوقات التي ستزود فيها الأسرى بالملح. كما تتطرق أنظمة السجن لقضية الفحوصات الطبية للأسرى المضربين عن الطعام، وتزويد الأسرى بالملح حسب الوضع الصحي لكل أسير وأسير؛ وفي هذه الظروف، وفي ضوء ادعاءات طبيب سلطات السجون، اقتنعنا أنه لا حاجة لأن نتدخل في عمل سلطات السجون وإجبارهم على تزويد الأسرى بالملح".
وبالنسبة لمصادرة الملح من زنازين الأسرى، كتب القضاة أن "الإحتفاظ بالطعام في الزنزانة هو ليس حقاً أساسياً للأسير، إذ أن سلطات السجون هي المسؤولة عن قضية تزويد الأسير بالطعام. ومن هنا فإن سلطات السجون لم تمس في حقوق الأسرى الأساسية عندما صادرت الملح من زنازين الأسرى وأنها مخولة لفعل ذلك ومخولة لسلب تسهيلات من الأسرى المضربين عن الطعام".
وقد ادعت المحامية عبير بكر في الإلتماس أن مصادرة الملح من زنازين الأسرى، الذين يعيشون على الماء فقط، ستضر بصحتهم وسلامتهم. ووفق الاَراء الطبية المختصة التي أرفقت للإلتماس فإن عدم تناول الكمية الكافية من الملح لها إسقاطات صحية خطيرة وقد تؤدي إلى الموت. ومن العوارض التي قد تظهر عند الأسرى نتيجة لعدم تناول الملح هي التقيؤ، الضعف الجسدي، أوجاع في الرأس، فقد السيطرة، وقف التنفس والموت.
"في هذه الظروف"، جاء في الإلتماس، "أي تأجيل في توفير الملح للأسرى المضربين عن الطعام، سيتسبب لهم بالضرر الكبير وسيمس بحقوقهم الدستورية بالحياة وسلامة الجسم".
وادعت المحامية بكر في الإلتماس أن إدعاء سلطات السجون حول انعدام الأضرار في حالة عدم تزويد الأسرى بالملح تناقض ما جاء في الاَراء الطبية المختصة التي أرفقت للإلتماس، والتي كتبت على يد مختصين في الطب الداخلي واعتمدت إلى مصادر مهنية.
وجاء في الإلتماس أن مصادرة الملح من زنازين الأسرى ورفض سلطات السجون تزويد الأسرى بالملح يمس بحقوق الأسرى الدستورية بالحياة، سلامة الجسم والكرامة. "طالما لم يذكر الأمر في القانون فإن النظام الداخلي في السجن لا يخول سلطات السجون بمثل هذا العمل"، جاء في الإلتماس.
يذكر أن أحد إدعاءات سلطات السجون كانت أن مصادرة الملح هو عقاب للأسرى على قرارهم بالإضراب عن الطعام والمدرج كمخالفة طاعة لأنظمة سلطات السجون. وادعت سلطات السجون أن أحد الأسباب من وراء إدراج الإضراب عن الطعام تحت مخالفات الطاعة هو قلقها على صحة الأسرى. وجاء في الإلتماس أن سلطات السجون تدعي من جهة أنها قلقة على صحة الأسرى ومن جهة أخرى تصادر الملح من زنازينهم، الأمر الذي يسرع من المس في صحتهم وسلامة أجسامهم.
وأضاف مركز عدالة أن من واجب سلطات السجون المسؤولة عن الأسرى وعلى سلامتهم، الحفاظ على سلامة الأسرى وصحتهم حتى وهم مضربين عن الطعام، إذ أن المبدأ الأول من مبادئ الأمم المتحدة بخصوص المبادئ الأخلاقية سارية المفعول على الطواقم الطبية في السجون تنص على واجب هذه الطواقم بالحفاظ على صحة الأسرى.
في يوم 29.8.2004 قدمت نيابة الدولة ردها الأولي على الإلتماس وادعت فيه أنه بحسب أنظمة القسم الطبي في سلطات السجون، تزود الأخيرة الأسرى المضربين عن الطعام، وفق أوامر الطبيب، بالفيتامينات والأملاح. وتزود سلطات السجون للأسرى مرتين لثلاثة مرات في اليوم. وجاء في الرد بالنسبة للأسرى الذين افتتحوا إضرابهم عن الطعام مؤخراً، أن سلطات السجون ستبدأ بتزويدهم بالأملاح بعد مرور أسبوعين على إضرابهم عن الطعام.
وكما ذكر سابقاً، قبلت المحكمة العليا ادعاءات نيابة الدولة وردت ادعاءات الملتمسين.