بتت المحكمة العليا يوم الأحد، 5.9.2004، في الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة، جمعية حقوق المواطن، قانون- المركز الفلسطيني للدفاع عن حقوق الإنسان والبيئة، بتسيلم- مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة، أطباء لحقوق الإنسان، اللجنة ضد التعذيب في إسرائيل ومركز الدفاع عن الفرد، في أيار 2002 لمنع الجيش من إستعمال الفلسطينيين كدروع بشرية أو كرهائن.
وانتقد رئيس المحكمة العليا، القاضي أهارون براك، الإجراء الجديد الذي يستعمله الجيش والذي أطلق عليه "إجراء الإنذار المسبق"، واقترح على الجيش إبطاله. وبحسب هذا الإجراء يسمح للجيش الإستعانة بالمدنيين خلال العمليات العسكرية إذا رأى الضابط المتواجد في المكان أن "الإستعانة" بالمدني لا تشكل خطراً على حياته وذلك بعد موافقة المدني الذي ستتم الإستعانة به. وصرح القاضي براك في الجلسة أن المدنيين في أغلب الحالات سيوافقون لإستعمالهم دروعاً بشرية خوفاً من الجيش.
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهتها المحكمة للاجراء العسكري المذكور، الا انها لم تصدر امرا يمنع استعماله حتى الانتهاء من البت في القضية. وقررت المحكمة في نهاية الجلسة منح النيابة العامة مهلة 90 يوما لكي تقدم للمحكمة ردا حول تطبيق الاجراء "انذار مسبق".
وادعى المحامي مروان دلال من عدالة في الجلسة أنه خلافاً لإدعاء الجيش الاسرائيلي فإنه ما زال يستخدم المدنيين كدروع بشرية، وأن إدعاء "الإستعانة" بالمدنيين بعد موافقتهم غير قانوني لان القانون الدولي يمنع القوة المحتلة من التوجه الى مدنيين في الارض المحتلة وطلب مشاركتهم في عمليات عسكرية. كما انه لا يمكن توقع مثل هذه الموافقة لا سيما ان المدنيين الفلسطينيين يعتبرون الجيش الاسرائيلي قوة محتلة ومعادية. واضاف المحامي دلال ان الامر العسكري "انذار مسبق" هو شرعنة غير قانونية لاستعمال مدنيين خلال عمليات عسكرية. كما تم لفت انتباه المحكمة للقرارات الصادرة عن المحكمة الدولية في صدد الجرائم التي ارتكبت في يوغوسلافيا سابقا والتي منعت استعمال مدنيين من قبل القوة المعادية كدروع بشرية، لا سيما وضعهم في مواقع خطرة. واكدت قرارات هذه المحكمة ان موقف القانون الدولي الانساني واضح بمنعه وضع اي مدني في حالة تعرضه للخطر، دون اي علاقة لتحقق الخطورة.
يذكر أن المحكمة العليا كانت قد أصدرت أمراً إحترازياً في الإلتماس في اَب 2002 منع من خلاله الجيش إستعمال المدنيين كدروع بشرية أو كرهائن. لكن الجيش الإسرائيلي استمر في استعمال المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية أو كرهائن محقراً بهذا قرار المحكمة. وقدم مركز عدالة مراراً للمحكمة العليا افادات عن حالات خرق فيها الجيش أمر المحكمة. وفي شهر تشرين الثاني 2002، قدم الملتمسون طلبا للمحكمة لاصدار امر يغرم الجيش الاسرائيلي لكي يلتزم بقرار المحكمة الذي يمنعه من استعمال مدنيين فلسطينيين كدروع بشرية او كرهائن. الا ان المحكمة لم تصدر اي قرار بصدد هذا الطلب.
حضر الجيش الاسرائيلي اجراء "الإنذار المسبق" في شهر كانون اول 2002. وفي جلسة المحكمة التي عقدت في كانون ثان 2003، قلصت المحكمة من امرها الصادر في اب 2002، وسمحت باستعمال الاجراء المذكور. وفي نيسان 2004 قدم الملتمسون الى المحكمة طلبا لاصدار امر يمنع الجيش الاسرائيلي من اتباع هذا الامر العسكري حتى قرار نهائي في الملف.
وكان الجيش الاسرائيلي قد خرق الامر الاحترازي الذي يمنعه من استعمال مدنين فلسطينيين كدروع بشرية او كرهائن في 27 حالة على الاقل، نجح الملتمسون الوصل الى افادات توثقها. وقدم مركز عدالة، يوم 16.8.2004، طلبا اضافيا لتغريم الجيش الاسرائيلي لكي يطبق قرار المحكمة الا ان المحكمة لم تعط اي قرار في هذا الطلب ايضا. وارفق مركز عدالة للطلب قائمة بهذه الحالات، والتي كان قد قدم للمحكمة افادات بصددها في فترات مختلفة. وادعى المحامي دلال في الطلب أن إسقاطات خرق الجيش لأوامر المحكمة يشكل خطراً جديا على حياة المدنيين وسلامتهم ويمس بكرامتهم، وهي حقوق اساسية منصوص عليها في وثيقة جينيف الرابعة من سنة 1949. هذا وجاء في الطلب أنه في حالة عدم استجابة المحكمة لمضمون الطلب فإن مبدأ سريان سلطة القانون على كل مؤسسات الدولة سيفقد اي معنى له.
وادعى مركز عدالة، بواسطة المحامي مروان دلال، أن الجيش يواصل تحقير قرار المحكمة العليا الذي يمنعه من إستعمال الفلسطينيين المدنيين كدروعٍ بشرية أو كرهائن. وأرفق مركز عدالة للطلب ثماني شهادات جديدة جمعها مركز بتسيليم من فلسطينيين استعملهم الجيش الإسرائيلي كدروعٍ بشرية أو كرهائن خلال عملياته العسكرية. وتتراوح تواريخ هذه الحوادث بين شهر كانون الثاني وتموز من هذه السنة (2004).