وفد من السياسيين والأكاديميين يتوجه إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في دورة تعليميّة حول تجربة مناهضة الأبرتهايد هناك
وصل إلى جنوب أفريقيا يوم الأحد، 5 تشرين الأوّل 2008، وفدًا من سكرتيري الأحزاب العربية الممثلة في الكنيست ومجموعة من الأكاديميين والنشطاء السياسيين للمشاركة في دورة تعليمية مكثفة، استمرت أسبوعين، تشمل محاضرات وورشات عمل بمواضيع مختلفة تهدف إلى الإطلاع على تجربة جنوب أفريقيا في مناهضة الأبرتهايد، والنضال الذي قاده حزب المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) من أجل تحقيق المساواة للمواطنين السود في الدولة وتحويل جنوب أفريقيا إلى دولة ديمقراطية.
ضم الوفد كل من السيد عوض عبد الفتاح، السكرتير العام للتجمع الوطني الديمقراطي، والسيد أيمن عودة، السكرتير العام للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والمحامي أسامة السعدي، السكرتير العام للحركة العربية للتغيير، والسيد إبراهيم حجازي من الحركة الإسلامية، والسيد يوسف سواعد من الحزب العربي الديمقراطي، والسيدة عايدة سليمان من الجبهة، والسيدة إيناس حاج من التجمع، والسيدة تمام بدير من الحركة الإسلامية، ود. خالد أبو عصبة، ود. أمل جمال، ود. ثابت أبو راس والمحامية اورنا كوهين من "عدالة".
بدأ الوفد نشاطه بجولة في مدينة سويتو المجاورة لمدينة جوهانسبورغ، فزار النصب التذكاري لتخليد ذكرى 600 قتيل سقطوا خلال مظاهرات الطلاب التي شهدتها المدينة عام 1976 ضد نظام الأبرتهايد. ومن ثم قام الوفد بزيارة متحف المدينة الذي يوثق تاريخ الأبرتهايد، والذي أطلق عليه اسم هيكتور بيترسون، وهو أول طفل استشهد في أحداث 1976.
واستمع الوفد في اليوم الأول لمحاضرة وزير الثقافة والفنون، باولو جوردان، وهو من قياديي المؤتمر الوطني الأفريقي خلال فترة الأبرتهايد، والذي كان مسؤولاً عن الإعلام في المؤتمر. وتناولت المحاضرة الفترة التاريخية من بداية الكولونيالية وحتى إقامة المؤتمر الوطني الإفريقي، وتطرقت إلى الخلفية التاريخية السياسية والاجتماعية للسود والبيض في جنوب أفريقيا في هذه الفترة. أما المحاضرة الثانية فقد كانت محاضرة مفصلة من السيد إبراهيم إبراهيم القيادي في الحزب الوطني الأفريقي حول إقامة الحزب وتطوره بين السنوات 1912-1960 وحول انزلاق نظام الحكم في جنوب أفريقيا من نظام يميز ضد السود إلى نظام أبرتهايد رسمي. أما الوزير السابق روني كاسرلس فقد تطرق في محاضرته إلى الطرق المختلفة للنضال ضد الأبرتهايد. وقال السيد كاسرلس في محاضرته أن النضال ضد الأبرتهايد تكّون من أربعة مركبات أساسية وهي النضال الجماهيري والكفاح المسلح ونضال النقابات المهنية ونضال حركة التضامن العالمية. وتركزت المحاضرة على الفترة من سنوات الستين حتى انهيار الأبرتهايد بسنوات التسعين.
ومن المحاضرات الهامة التي استمع إليها الوفد كانت محاضرة للسيد فريد الشيخ وهو بروفيسور في علوم الدين الإسلامي، وهو قيادي في الحركة الإسلامية المشاركة في الجبهة الديمقراطية الموحدة في جنوب أفريقيا وهو معروف كناشط نسوي، الذي اشغل منصب مندوب المساواة بين الجنسين في حكومة جنوب أفريقيا الجديدة. وتطرق السيد فريد الشيخ في محاضرته لدور المسلمين في النضال ضد الأبرتهايد وإلى تشكيل جبهة مشتركة من ذوي وجهات نظر وتوجهات سياسية مختلفة للنضال ضد الأبرتهايد.
واستمع الوفد لمحاضرة حول نضال النقابات المهنية والنضال الجماهيري من السيد فيلي مديشه الناشط في الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا، وفي النقابات المهنية هناك في فترة الأبرتهايد، ورئيس اتحاد النقابات المهنية بعد انهيار الأبرتهايد. وتطرق السيد مديشه إلى سبل تنظيم النضال الجماهيري بمشاركة حشود غفيرة وذلك في ظل سياسة القمع القومي والطبقي التي اتبعها النظام السابق.
وقد حل الوفد ضيفًا على السفير الفلسطيني في جنوب أفريقيا السيد علي حليمة، الذي دعا الوفد إلى تناول الغداء في منزله الخاص. وناقش الوفد مع الوزير الظروف السياسية في المنطقة والأزمة الفلسطينية الداخلية وأمور أخرى محلية وإقليمية.
وتخللت الدورة زيارة يومية إلى مواقع ذات أهمية تعكس تاريخ النضال ضد الأبرتهايد مثل المحكمة الدستورية والتي بنيت على أنقاض أحد سجون الأبرتهايد، ومتحف الأبرتهايد، والساحة التي أقيمت عليها في السابق المحكمة العليا، والتي حوكم بها قادة المؤتمر الأفريقي لأحكام مؤبدة.
يُذكر أنّ هذه الزيارة جاءت بمبادرة كل من مركز "عدالة" ومركز أبحاث العلوم الإنسانية في جنوب أفريقيا (HSRC)، بالتنسيق مع حكومة جنوب أفريقيا ورئيس لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية في إسرائيل، السيد شوقي خطيب.
ويذكر أيضا أن هذه الزيارة هي الزيارة الثالثة التي تنظم بالتعاون بين "عدالة" ومركز أبحاث العلوم الإنسانية في جنوب أفريقيا، حيث ضمت الزيارة الأولى وفد من عوائل شهداء أكتوبر 2000 وممثلين عن "عدالة" ولجنة المتابعة بهدف تكثيف المرافعة الدولية حول أكتوبر 2000، وتدويل المطلب بإقامة لجنة تحقيق محايدة لتقصي الحقائق ومعاقبة المجرمين. أما الزيارة الثانية فضمت وفد من ممثلي الكتل العربية الممثلة في الكنيست ولجنة المتابعة ومركز "عدالة" وذلك من اجل الاطلاع والاستفادة من تجربة جنوب أفريقيا في صياغة دستور ديمقراطي للدولة يضمن المساواة لجميع المواطنين. وحظي الوفدان باهتمام إعلامي كبير في جنوب أفريقيا وفي البلاد.