اختارت شبكة الصحف المحلية "هعير"، في ملحقٍ خاص نُشر في الشهر الفائت، المحامي حسن جبارين، مؤسس عدالة ومديرها العام، كأحد الأشخاص (من بين 50 شخص) الأكثر تأثيرًا في مجال التعليم في إسرائيل. فيما يلي ترجمة للتقرير الذي نُشر في صحيفة "كولبو".
قائمة الـ50 تطمح إلى عرض أكثر الأشخاص تأثيرًا على تعليم وتربية الأطفال في إسرائيل. مثل كل قائمة من هذا القبيل، ومثل قائمة السنة الماضية، تتميّز هذه القائمة بدرجة عالية من التعسّفية: يمكن لشخص آخر أن يشكّل قائمة أخرى- مشابهة أو مختلفة جوهريًّا. تؤمن شبكة الصحف المحلية "هعير" أنّ القائمة المعروضة هنا أعدّت بنيّة صافية وبعد تفكير موزون من قبل أشخاص يعرفون جهاز التربية والتعليم عن كثب، وهم مرتبطون به. إذا كانت كل هذه القائمة تعسّفيّة بدرجة كبيرة، فكم بالحري تحديد مواقع المشاركين فيها وتدريجهم: فالموضوع في المكان 25 على سبيل المثال، يمكن أن يوضع في المكان 26، والعكس صحيح. لقد أراد معدّو القائمة ومحدّدو التدريج أن يتركوا أثرًا في النفوس الناشطة – إلى أي مدى يضع هؤلاء بصمتهم في الجهاز، حسب رأي معدّي القائمة. بالإضافة إلى ذلك: غالبية المشاركين لا يمثّلون أنفسهم فقط، وإنّما أيضًا، ولربما في الأساس، زملاءهم - الأشخاص أو التنظيمات، الذين يحملون سويّة المسؤوليّة عن ظاهرة نموذجيّة، جديدة أو قديمة في مجال التربية والتعليم؛ لو أنّهم لم يكونوا ممثّلين، فمن الممكن أن لا يُذكروا البتّة. إنّ مصطلح "مؤثّرون" بحدّ ذاته يستوجب التوضيح: التأثير ليس بالضرورة تأثيرًا إيجابيًّا؛ هناك أشخاص مؤثّرون في الاتجاهين، إيجابًا وسلبًا، وليس أمام معدّي القائمة سوى الأمل في أن يكون المؤثّرون إيجابًا أكثر من أولئك المؤثّرين سلبًا، ونحن لم نُحصِ حقيقةً. هناك أشخاص تعتبر مساهمتهم مختلطة- للإيجاب وللسلب، ولكلّ قارئ ومهتمّ أن يحكم بنفسه إلى أيّ جهة ترجحُ الكفّة، وهل حُسِم الأمر أم لا.
المحامي حسن جبارين |
المحامي الذي ألزم وزارة التعليم بضم بلدات عربية أيضًا لقائمة البلدات التي صُنفت كمناطق أفضلية قومية وكاد يؤدّي بذلك إلى إقالة 1500 معلّم، ينتظر اليوم الذي لا تعود فيه حاجة للمركز الذي يقوده |
نلمس كثيرًا في السنوات الأخيرة تأثير جهاز القضاء على مجريات الأمور في المدارس وفي سياسة التعليم. فقد صدر، في السنوات الأخيرة، العديد من القرارات الهامة عن المحاكم وخصوصًا المحكمة العليا، التي حسمت مسائل مبدئيّة في سياسة التعليم التي كانت طيلة سنوات في مركز الجدل الجماهيريّ والمهنيّ.
هذا ما حدث، مثلاً، في مسألة دمج أطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة في التعليم العامّ بدلاً من ذلك الخاصّ – فقد تمّ توجيه معظم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، طيلة سنوات، بشكل تلقائيّ، إلى مؤسّسات التعليم الخاصّ، رغم وجود أبحاث دلّت على الفائدة المترتّبة من دمجهم في التعليم العامّ، ووجود ضغط جماهيريّ حادّ من الأهالي ذوي الشّأن، واستمرّ هذا الأمر إلى أن صدر قرار المحكمة العليا في القضيّة. وهذا ما حدث، أيضًا، هذه السنة، بخصوص ممارسة انتهجتها وزارة التعليم طوال سنوات، وميّزت عمليًا ضد المدارس في البلدات العربية عبر الصياغة التي تبدو وكأنّها حيادية "مناطق أفضليّة قوميّة". وبفعل التماس تقدّم به مركز عدالة، ممثّلاً بمديره المحامي حسن جبارين، وكذلك بفعل إهمال غير قليل في سير عمل وزارة التعليم، تعرّض جهاز التعليم برمّته لهزّة كادت تتسبّب بفصل 1500 معلّم.
فقد وضعت الدولة قائمة ببلدات ذات تفضيل، خصوصًا بلدات حدودية وطرفيّة، وهو ما منحها امتيازات جدّية في مجالي التعليم والرفاه. وحين قُدّم الالتماس، عام 1998، لم تكن في هذه القائمة أيّة بلدة عربية. وعلى امتداد السنوات الطويلة التي نوقش فيها هذا الالتماس، أدخلت الدولة أربع بلدات عربية كيلا تُتّهم بالتمييز. إلا أنّ المحكمة العليا قبلت في العام 2006 موقف الملتمسين من عدالة بأنّ عدم ضم البلدات العربيّة هو أمر مُميّز، وأمَرَت وزارتي التعليم والرفاه بإلغاء التعريف "أفضليّة قوميّة" وتوزيع الامتيازات الناجمة عنه خلال سنة واحدة من يوم صدور القرار. وانقضت الأشهر تلو الأشهر من دون أن تحرّك وزارة التعليم ساكنًا لتسوية الأمر، إلى أن تسارع رؤساء الحكم المحلّي، قرب نهاية أيّار المنصرم، وذلك حين فهموا أنّهم لن ينالوا الميزانية الإضافيّة لمناطق الأفضلية، فأرسلوا رسائل فصل إلى نحو 1500 معلّم. هنا، جاءت مظاهرات المعلّمين وتهديدات رؤساء الحكم المحلي بعدم افتتاح السنة الدراسية القادمة، وهو ما جعل الدنيا تسودّ في أعين وزيرة التعليم. ولولا أن المحكمة العليا استجابت لطلب الوزارة إرجاء تطبيق القرار قليلاً، فمن غير الواضح كيف كان جهاز التعليم سيصمد أمام هذه الهزّة.
أسّس حسن جبارين مؤسسة عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقليّة العربية في إسرائيل – عام 1996، وهو يقوده منذ ذلك الحين. يحمل اللقب الأوّل في الحقوق والفلسفة من جامعة تل أبيب واللقب الثاني في الحقوق من الجامعة الأمريكية في واشنطن. يدرّس اليوم في كلّيّتي الحقوق في جامعتي تل أبيب والقدس.
منذ إقامة عدالة قدّم المركز العديد من الالتماسات في مجال حقوق التعليم للسكّان العرب في إسرائيل – ابتداءً بالمطالبة بإقامة حضانات وتنظيم السفريات للعرب اللبدو في القرى غير المعترف بها، مرورًا بالتماس لتمكين طفل عربيّ من اللد بالتسجّل في مدرسة يهودية وحتى التماس طالب بإلغاء تعيين ممثّل جهاز الأمن العام (الشاباك) كنائبٍ لمدير قسم التعليم العربي. إنّ جبارين يوافق بالطبع على أنّ اليوم الأنجح في حياة تنظيمه سيكون ذلك الذي لا تعود فيه حاجة إليه، والذي يزول فيه التمييز المتجذّر بشدّة تجاه التعليم العربي في جهاز التعليم. حاليًا، يبدو أنه لا يزال لديه الكثير ممّا يجب القيام به.