أصدرت المحكمة العليا ( الهيئة القضائية: بينيش، ليفي وعديئيل) يوم الثلاثاء، 19.10.2004، أمراً مشروطاً في الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة في اَذار 2004، ضد دائرة أراضي إسرائيل ، وزارة الصناعة، التجارة والعمل، ووزارة الزراعة لمنعهم من رش المحاصيل الزراعية في القرى غير المعترف بها في النقب. وأمرت المحكمة الدولة من خلال هذا الأمر تقديم تفسيراتها خلال شهرين لماذا لا يتوقفوا عن عمليات رش المحاصيل الزراعية في النقب. وأبقت المحكمة على الأمر الإحترازي الذي أصدرته فور تقديم الإلتماس والذي يمنع دائرة أراضي إسرائيل من رش المحاصيل الزراعية في القرى غير المعترف بها في النقب، وذلك حتى إصدار قرار اَخر.
وقدم مركز عدالة الإلتماس بواسطة المحامي مروان دلال من عدالة بإسم عدالة وبإسم أربعة مواطنون عرب بدو من النقب، أطباء لحقوق الإنسان، المنتدى للتعايش في النقب، شركة النقب من أجل الإنسان والأرض- م.ض.، بستان للسلام، جمعية الدفاع عن حقوق العرب البدو في إسرائيل، الجمعية العربية لحقوق الإنسان وجمعية الجليل.
ومنذ أكثر من سنتين، بدأت دائرة أراضي إسرائي برش المحاصيل الزراعية في النقب، إدعاءً منها أن العرب البدو في النقب يقومون بزراعة أراض تابعة للدولة. ومن هنا تدعي دائرة أراضي إسرائيل أن الهدف من وراء رش المحاصيل هو منع العرب البدو من "الزحف" نحو أراض أخرى في النقب.
وفي السنوات الأخيرة رشت دائرة أراضي ما يقارب أل- 20000 دونم من المحاصيل الزراعية. ويذكر أن العرب البدو في النقب يعتاشون على هذه المحاصيل.
وتقوم دائرة أراضي إسرائيل برش المحاصيل بدون أي إنذار مسبق، وتستعمل مادة بإسم راندوب – قاتلة للأعشاب لهدف رش المحاصيل في النقب.
وادعى مركز عدالة في الجلسة اليوم أن رش المحاصيل الزراعية في النقب يشكل خطراً على حياة المواطنين والحيوانات والمحاصيل الزراعية التي هي مصدر المعيشة الوحيد للعرب في النقب. بالإضافة، تمس هذه العملية بحقوق السكان الدستورية للحياة، الصحة والكرامة.
كذلك ادعى مركز عدالة أن المعلومات المكتوبة على هذه المادة التي تستعملها دائرة أراضي إسرائيل للرش تظهر مدى خطورته. فعلى سبيل المثال، تمنع تعليمات الإستعمال إستعماله من الجو، كما أنها تحذر من أي تماس بين هذه المادة والإنسان.
وبالمقابل ادعت نيابة الدولة أمام المحكمة أن سياسة رش المحاصيل الزراعية هي سياسة مفيدة وفعالة لحل مشكلة "الزاحفين" البدو على الأرض. وجلبت نيابة الدولة رأي لمختص من وزارة الصحة جاء فيها أن عملية الرش لا تعود بالضرر الصحي على السكان. وأضافت نيابة الدولة أنه لا يوجد أي مؤشر يدل على أن عمليات الرش ضرت صحياً بأي أحد.
وفي رده، ادعى المحامي دلال أنه لا يجب الإعتماد على الرأي المختص الذي اعتمدت عليه نيابة الدولة، إذ أنه كاتبه قام بنسخ أقسام كبيرة منه من الموقع الإلكتروني للشركة التي تصنع هذه المادة. وأضاف المحامي دلال أنه من بين أل 16 مرجع الذي اعتمد عليهم كاتب الرأي المختص، عشرة مراجع نسخت من الموقع الإلكتروني للشركة التي تصنع الدواء، بدون أن يذكر ذلك في رأيه .
وخلال الجلسة اقترح القاضي ليفي على الملتمسين أن يدفع السكان البدو رسوم استئجار لدائرة أراضي إسرائيل، بدون أي علاقة لمسألة ملكية الأرض، وذلك حتى تتوقف دائرة أراضي إسرائيل عن رش المحاصيل الزراعية. ورفض المحامي دلال هذا الإقتراح، مدعياً أنه حتى لو كان بيد دائرة أراضي إسرائيل قرار حكم يجبر السكان البدو إخلاء الأرض، فهذا لا يخولها برش المحاصي لتحصيل حقها في الأرض. إذ أن القانون الذي يتطرق لرش المحاصيل (من أجل حمايتها) يمنح هذه الصلاحية لوزير الزراعة فقط ولأسباب صحية وبيئية لا غير.
وأرفق مركز عدالة للإلتماس اَراء من مختصين تثبت مدى خطورة المواد المستعملة للرش والأضرار الكامنة في إستعمالها. فعلى سبيل المثال شرح د. إلياهو ريخطر، محاضر في الجامعة العبرية ورئيس القسم للطب البئيي، عن خطورة هذه المواد المستعملة للرش. وذكر أن هذه المادة ممكن أن تسبب لولادة أطفال معاقة وقد تتسبب بمرض السرطان.
ومن جهة أخرى حذر د. أحمد يزبك، خبير في المواد السامة، من خريحي معهد التخنيون، من إستعمال هذه المواد كونها تسبب لطفح في العينين والجلد، إجهاض، الشعور بالتقيؤ وصعوبة في التنفس.
ويذكر أن مركز عدالة وأطباء لحقوق الإنسان كانوا قد توجهوا مراراً وتكراراً لدائرة أراضي إسرائيل مطالبينها بإيقاف رش المحاصيل، كونها عملية غير قانونية تنجم عنها أضراراً جمة للمواطنين ومصادر رزقهم. في جوابها، ادعت دائرة أراضي إسرائيل أن الرش لم يسبب أي أضرار في الماضي ولن يسبب أضرارا في المستقبل.
وأضاف المحامي مروان دلال في الجلسة أن رش المحاصيل الزراعية يناقض أيضاً القانون الجنائي الذي يتطرق لإستعمال المواد السامة.
يذكر أن الأراضي في تلك المنطقة، التي يتطرق إليها الإلتماس، هي الاَن في مراحل التسوية، إي أن لدائرة أراضي إسرائيل لا يوجد حقوق على الأرض. فسكان المنطقة البدو يدعون الملكية على الأرض، فيما تدعي دائرة أراضي إسرائيل وجوب تسجيل هذه الأراضي كملك للدولة.