بتت المحكمة العليا (الهيئة القضائية: رئيس المحكمة العليا أهارون باراك، ميشيئل حشين وإلياهو ماتسا) اليوم الثلاثاء، 26.10.2004، في الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة في شهر أيار 2004، بواسطة المحامي مروان دلال، بإسم مؤسسة الحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والذي طالب فيه المحكمة تعريف المصطلح القانوني "الحاجة العسكرية المطلقة" الذي يستعمله الجيش كحجة لهدم البيوت في المناطق المحتلة.
واقترح القاضي أهارون براك للدولة فحص عمليات هدم البيوت التي قام بها الجيش في الأشهر الأخيرة في جنوب قطاع غزة خلال العملية العسكرية في المنطقة، وهذا بواسطة إقامة جسم لفحص الموضوع أو عن طريق الجيش.
وادعى المحامي عنار هلمان من نيابة الدولة، رداً على سؤال القضاة حول عدد البيوت التي هدمت، أن "ليس بحوزة الجيش أو الدولة معلومات دقيقة حول عدد البيوت التي هدمت وهذا لأن الجنود موجودين في حالة حرب وهم داخل الدبابات ومن الصعب عليهم عد البيوت التي تم هدمها".
أما القاضي براك، فقد قال في الجلسة، أن العالم بأجمعه يعتمد على المعلومات الواردة في تقارير الأمم المتحدة المختلفة وتقارير تنظيمات حقوق الإنسان. وأضاف أن "هذه التقارير تقرأ في العالم وهي الحقائق الموجودة أمامنا. نحن لا نعيش على جزيرة مفصولة عن العالم. بإمكاننا تجاهل الموضوع إلا أن المشكلة ستستمر. لماذا لا تجتهدوا لفحص فيما إذا كان يجب هدم البيوت التي هدمت؟" سأل القاضي براك وأضاف: "إذا رفضنا الإلتماس، سيكتب التاريخ استناداً على التقارير الدولية".
في المقابل ادعى محامي نيابة الدولة أنه ليس بالإمكان فحص كل شئ بعد مرور الوقت. فأجابه براك "تقارير الأمم المتحدة خطيرة جداً. كل العالم قرأ هذه التقارير ولا يوجد أي رد لإسرائيل".
وقد اعتمد مركز عدالة في رده الأخير الذي قدمه للمحكمة على تقارير دولية لتنظيمات حقوق إنسان دولية وإنسانية من الأمم المتحدة(الأونوروا- وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أوتشا- مكتب الأمم المتحدة للتنسيق في الأمور الإنسانية، منظمة هيومان رايتس واتش، تقرير مفوض لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان) التي تطرقت لهدم البيوت في المناطق المحتلة. فعلى سبيل المثال، جاء في تقرير أنوروا الذي نشر في 20.10.2004 أنه خلال العملية العسكرية في شمال قطاع غزة " أيام الندم" هدم 91 بيت وبقي 675 إنسان بدون مأوى.
وفي تقرير مفوض لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من يوم 12.8.2004، جون دوغارد، جاء تفصيلاً لعمليات هدم البيوت الواسعة التي يقوم بها الجيش. وجاء في التقرير أنه حتى اَب 2004 كانت رفح وخان يونس مركز لعمليات هدم بيوت واسعة. فعلى سبيل المثال، من 18.5.2004 وحتى 24.5.2004 هدم الجيش 167 مبنى و/ أو سببوا لهم الضرر الكبير. وسكن هذه البيوت 379 عائلة وهم عبارة عن 2066 فرد. وفي شهر أيار فقط، تم هدم 298 مبنى في رفح والتي سكنها 710 عائلة وهم عبارة عن 3800 فرد.
وكتب السيد دوغارد في التقرير أن أعمال الجيش هي خروقات جسيمة لوثيقة جنيفا الرابعة أي أنها جرائم حرب، وأن على المجتمع الدولي العثور على المسؤولين ومحاكمتهم.
يذكر أن الجيش الإسرائيلي ادعى في تصريحاته أن الهدف من وراء عمليات هدم البيوت في عملية " قوس قزح" (18.5.2004 حتى 24.5.2004) هي إيجاد القنوات وهدمها. وفي مؤتمر صحفي عقده الجيش الإسرائيلي يوم 24.5.2004 صرح أنه وجد ثلاث قنوات فقط.
ويذكر أيضاً، أنه كنيتجة لعمليات هدم البيوت في غزة هذه السنة، شرد 1360 إنسان كل شهر. ويصبح 45 إنسان، وهم لاجئين عادة، بدون مأوى كل يوم. وخلال السنوات الأربع الأخيرة، 24547 إنسان من غزة شردوا نتيجة عمليات هدم البيوت.
يذكر أن مركز عدالة ادعى في الإلتماس ان تعريف المصطلح القانوني "الحاجة العسكرية المطلقة" يجب ان يستند على القانون الدولي الإنساني، ووثيقة روما وهي دستور المحكمة الجنائية الدولية، وقرارات صدرت مؤخراُ عن المحكمة الجنائية الدولية بصدد يوغوسلافيا سابقاً. وادعى الملتمسون ان اللجوء الى هذا الاستثناء (الحاجة العسكرية المطلقة) يخضع الى قيود عديدة فرضها القانون الدولي على عملية هدم البيوت بواسطة ادعاء وجود "حاجة عسكرية مطلقة"، منها: واجب التمييز الواضح بين المدنيين والمباني المدنية وبين الاهداف العسكرية؛ عند وجود شك فيما اذا كان مبنى مدني ما زال كذلك ام تحول الى عسكري، واجب القوة المحتلة التعامل معه كمبنى مدني؛ يمكن هدم مبنى مدني يستغل لاهداف عسكرية فقط اذا كان الخطر العسكري الذي يشكله انيا وحتميا؛ على الضرر الذي تسببه عملية الهدم ان يتوافق مع الخطر العسكري الحتمي المدعى دون ان يتجاوزه؛ لا يجوز استعمال الاَت عسكرية لهدم البيوت وفقا لادعاء وجود "حاجة عسكرية مطلقة" والتي ستسبب ضررا بالغا ومتوقعا يفوق الخطر العسكري المدعى؛ لا يمكن اللجوء لادعاء "وجود حاجة عسكرية مطلقة" من اجل تحصيل تفوق عسكري يسهل عمل القوة المحتلة.
في نهاية الجلسة طلبت المحكمة من المحامي مروان دلال تقديم ورقة مفصلة حول نماذج لعمليات هدم البيوت من قبل الجيش الإسرائيلي في أماكن محددة من أجل الإستمرار في البت في الإلتماس.