وجه قضاة المحكمة العليا يوم الثلاثاء، 10.11.2004، نقداً لاذعاً لنيابة الدولة بخصوص قرار الحكومة، الذي أصدر في العام 1998، الذي صنف 553 بلدة كبلدات أفضلية وطنية أ بالتعليم ومنها 4 بلدات عربية فقط. وجاء هذا في الجلسة التي عقدت للبت في إلتماس عدالة ضد توزيع البلاد لمناطق أفضلية وطنية. وتكونت الهيئة القضائية من سبعة قضاة.
وقد قدم الإلتماس في أيار 1998 باسم عدالة وبإسم لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية، ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي، ضد رئيس الحكومة; وطالب عدالة في الإلتماس بوضع معايير ومقاييس تصنيف متساوية للبلدات التي سيتم ضمها للمناطق ذات "الأفضلية الوطنية". كما طالب عدالة بضم بلدات عربية إلى هذه القائمة.
وفي الجلسة، عللت النيابة موقفها مدعية بأن هذا التصنيف نابع من الحاجة لتشجيع الإستيطان في هذه المناطق لكونها تستقطب "مهاجرين يهود".
واعتبر القاضي سليم جبران هذا التصنيف تمييزاً صارخاً ضد البلدات العربية في ضوء وضع هذه البلدات. أما رئيس المحكمة العليا، القاضي أهارون براك، فقد قال "على ما يبدو هناك تمييز، وملقى على نيابة الدولة مهمة جدية بإثبات عدم وجود تمييز". أما القاضي ميشايئل حشين فتوجه لنيابة الدولة وقال "أريد أن أفهم ماذا تعنون بتقوية بلدات الضواحي؟ هل تعنون أنكم تريدون تهويد الجليل؟ إذا كان هذا ما تريدون فلا سبب للخجل".
يشار إلى أن برنامج مناطق "الأفضلية الوطنية" مُعَد لمساعدة السكان الأفراد من القرى السكنية ضعيفة التطور، من الناحية الاقتصادية، ويمنحهم ميزانيات وخدمات إضافية، مثلاً: إعفاءات إضافية للتعليم مثل مساعدة المعلمين بدفع قسط التعليم بقيمة 75%، دفع 100% من مصاريف المواصلات العامة للمعلمين، دفع 80% من أجرة البيت للمعلمين،مساعدة الطلاب بدفع رسوم امتحانات البجروت، إعفاء من دفع الضرائب، قروضات بشروط مريحة، ميزانيات لتطوير البنى التحتية، وغيرها.
وادعى مركز عدالة في الجلسة، بواسطة المحامي حسن جبارين، أن قرار الحكومة بتوزيع البلاد لمناطق أفضلية لا يعتمد على معايير مكتوبة وواضحة وأنه لا توجد صلاحية للحكومة باتخاذ قرار كهذا دون أن تعتمد على قانون مخول من الكنيست وذلك لأن هذا القرار يخص إمتيازات مالية لأفراد. وبين الإلتماس أن الحكومة صنفت مناطق يهودية كمناطق أفضلية قومية (أ) ولكنها استثنت القرى العربية المجاورة لها والموجودة في نفس المنطقة الجغرافية.
هذا وأضاف مركز عدالة أن عدم ضم بلدان عربية لمناطق الأفضلية، يشكل تمييزاً واضحاً على أساس قومي ضد البلدات العربية، خصوصاً وأنها الأكثر إحتياجاً لمثل هذه البرامج إذا قورن وضعها من الناحية الإجتماعية-الإقتصادية، بالبلدات اليهودية، فمثلاً وعلى الرغم من أن، بين الأربعة عشر تجمعاً سكنياً الأكثر فقراً في البلاد، أحد عشر منها هي قرى عربية، إلا أن أيا منها، لم يضَم في قائمة القرى ذات "الأفضلية الوطنية".
يذكر أنه في كانون الأول 2002 أصدرت المحكمة العليا أمراً مشروطاً مطالبةً النيابة العامة الرد على عدم ضم البلدات العربية لمناطق الأفضلية الوطنية". في كانون الأول 2003، وبعد عقد عدة جلسات لسماع الإلتماس وفي أعقاب قرار جديد للحكومة في هذا الصدد، إقترح رئيس المحكمة العليا، القاضي أهارون براك، على عدالة تقديم إلتماس جديد يحوي كل التطورات في القضية منذ سنة 1998. وقرر رئيس المحكمة العليا إصدار أمر مشروط فور تقديم الإلتماس. وبالفعل قدم مركز عدالة إلتماساً اَخر في كانون الثاني 2003. وأصدرت المحكمة العليا أمراً مشروطاً في الإلتماس فور تقديم الإلتماس، وفقه على النيابة أن تفسر لماذا لا تبطل قرار الحكومة أعلاه، أو لماذا لا تضم بلدات عربية لمناطق أفضلية (أ) في التعليم.
فيما بعد قدم مركز عدالة طلباَ اَخراً للمحكمة من خلال الإلتماس، طالب فيه المحكمة إصدار أمر مشروط للنيابة العامة بخصوص البلدات السبعة في النقب. وسوغ مركز عدالة طلبه بواسطة معطيات عن هذه القرى تثبت أنها الأكثر إحتياجاً لمثل هذه البرامج إذا قورن وضعها من الناحية الإجتماعية-الإقتصادية، بالبلدات اليهودية. كما استند مركز عدالة على تقرير لجنة التحقيق الرسمية لأحداث اكتوبر الذي تطرق للوضع المتدني لهذه القرى من الناحية الإجتماعية والإقتصادية ووجوب تحسين هذا الوضع.
في أعقاب ذلك، أصدرت المحكمة العليا أمراً مشروطاً في القضية أضافت فيه أن على النيابة العامة تفسير عدم ضم السبع بلدات العربية في النقب لمناطق أفضلية (أ) في مجال التعليم.
وستصدر المحكمة قرارها النهائي في الإلتماس لاحقاً.
م.ع.03/11163، اللجنة العليا لمتابعة قضايا الجماهير العربية وآخرون، ضد رئيس حكومة إسرائيل