بتت المحكمة العليا يوم الإثنين، 8.11.2004، في الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة في 24.12.2003 بإسم النائب د. عزمي بشارة بشأن قضية الخطابات السياسية التي ألقاها في مدينة أم الفحم (حزيران، 2000) وسوريا (تموز،2001). وقد قدم الإلتماس في أعقاب قرار محكمة الصلح في الناصرة، من يوم 12.11.2003، عدم الحسم في الإدعاءات الأولية وأهمها إدعاء سريان الحصانة على النائب بشارة وعدم قانونية استمرار الإجراءات الجنائية ضده.
وافتتح القاضي براك الجلسة بالإشارة إلى أهمية المسألة القانونية التي يطرحها الإلتماس، وأهمية الحسم في مسألة سريان أو عدم سريان الحصانة البرلمانية على النائب بشارة في المرحلة الأولية من المحاكمة وقبل المباشرة في المحاكمة الجنائية. وتوجه القاضي براك إلى نيابة الدولة مقترحاً عليها خيارين: الأول هو الموافقة على إرجاع القضية لمحكمة الصلح في الناصرة لكي تقرر في مسألة سريان أو عدم سريان الحصانة والخيار الثاني إبقاء حسم القضية في المحكمة العليا. وطلبت نيابة الدولة من المحكمة أن تمهلها 30 يوم للتشاور وتقديم ردها للمحكمة.
ووضح القاضي براك في الجلسة أنه من الممكن حسم مسألة سريان الحصانة البرلمانية أو عدم سريانها وفق لائحة الإتهام فقط. وأشار إلى أهمية الإدعاء الأولي بشأن الحصانة وقال إن الحصانة البرلمانية تحمي عضو البرلمان من السلطة وتعطية مساحة للعمل البرلماني من أجل منتخبيه من دون تدخل السلطة في عمله.
وكان المستشار القضائي للحكومة قدم في يوم 12.11.2001 لائحة إتهام ضد النائب عزمي بشارة بسبب خطاباته السياسية التي ألقاها في مدينة أم الفحم (حزيران، 2000) وسوريا (تموز،2001). واعتمدت لائحة الإتهام على أمر منع الإرهاب (1984) ووجهت له تهمة تأييد "منظمة إرهابية" من خلال الخطابين اللذين ألقاهما في أم الفحم وفي سوريا. ورفعت الكنيست الحصانة عن النائب بشارة قبل تقديم لائحة الإتهام ضده. ويذكر أنها المرة الأولى في تاريخ الكنيست التي ترفع فيها الحصانة عن نائب في الكنيست بسبب تصريحات سياسية لغرض تقديم لائحة إتهام.
ومع بدء المحاكمة في قضية الخطابات السياسية، قدم النائب عزمي بشارة لمحكمة الصلح في الناصرة، بواسطة مركز "عدالة"، أربعة إدعاءات أولية أمام محكمة الصلح، وفيها طالب بإبطال لائحة الإتهام ضده. وتتمحور الإدعاءات في أن الحصانة البرلمانية تسري على خطابات النائب بشارة، وخطاباته السياسية تندرج ضمن حرية التعبير السياسي وهي جزء من عمله كعضو برلمان وواجبه تجاه جمهور الناخبين. كما أنّ النائب بشارة ألقى خطابات مماثلة لخطابي أم الفحم وسوريا في الكنيست ذاتها قبل إلقائها من على هذه المنابر. وأشار الدفاع في إدعائه الثاني إلى الدوافع السياسية وغير القانونية للمستشار القضائي للحكومة من وراء تقديم لائحة الإتهام ضد النائب بشارة، الذي عقد إجتماعات تشاورية مع مكتب رئيس الحكومة والـ "شاباك" قبل تقديم لائحة الإتهام. كما أضاف الدفاع أن لائحة الإتهام لا تكشف عن وجود أية مخالفة ارتكبها النائب بشارة وأن النائب بشارة صرح نفس التصريحات في الكنيست.
وقد رفضت هيئة محكمة الصلح في الناصرة في يوم 12.11.2003 إبطال لائحة الإتهام وقررت متابعة الإجراء القضائي ضده، مؤجلة بهذا التطرق إلى الإدعاءات الأولية إلى مرحلة متقدمة في الإجراء القضائي.
في أعقاب ذلك، قدم مركز عدالة إلتماساً للمحكمة العليا في 24.12.2003 بإسم النائب بشارة ضد المستئار الفضائي للحكومة ومحكمة الصلح في الناصرة. وطالب مركز عدالة المحكمة العليا في الإلتماس إبطال قرار البرلمان الإسرائيلي من يوم 7.11.2001 بنزع الحصانة البرلمانية عن النائب بشارة وذلك نزولاً عند طلب المستشار القضائي للحكومة الذي أراد تقديم لائحة إتهام ضد النائب بشارة بسبب خطاباته السياسية. كما طالب مركز عدالة المحكمة إعتبار قرار المستشار القضائي للحكومة تقديم لائحة الإتهام ضد النائب بشارة قرار غير قانوني بسبب سريان الحصانة البرلمانية وتوقيف الإجراءات الجنائية التي فتحت ضده حتى الحسم في مسألة سريان أو عدم سريان الحصانة البرلمانية في هذه الحالة.
وادعى عدالة في الإلتماس أن قرار محكمة الصلح في الناصرة الإستمرار في الإجراءات الجنائية وعدم حسم هذه السألة يناقض بشكل مبدئي جوهر ومعنى الحصانة التي تمنح لأعضاء البرلمان. إذ أنه لا جدوى ولا معنى لإستمرار الإجراءات الجنائية ضد النائب د. بشارة ما دامت المحكمة لم تحسم مسألة الحصانة.
وادعى مركز عدالة في الإلتماس أن محكمة الصلح في الناصرة أخطأت بعدم قبولها الإدعاءات الأولية بدون أي تفسير وتأجيل البت في مسألة الحصانة.
ويذكر أن البند الأول (أ) من قانون حصانة أعضاء البرلمان، حقوقهم وواجباتهم، (1951) ينص على أن: "عضو البرلمان لا يتحمل مسؤولية جنائية أو مدنية وتسري عليه الحصانة أمام أي إجراء قضائي، في حالة قام بالتعبير عن رأيه أو التصويت خلال القيام بعمله كعضو برلمان".
وأشار مركز عدالة في الإلتماس إلى أخطاءٍ وقعت خلال عملية رفع الحصانة عن النائب بشارة. فعلى سبيل المثال، لم يعرض المستشار القانوني جميع الحقائق التي تدعم ما جاء في لوائح الإتهام أمام لجنة الكنيست عندما جلست الأخيرة لتبت في قضية رفع الحصانة عن النائب بشارة؛ لم يخبر المستشار القضائي أعضاء اللجنة عن توصية الشرطة بإغلاق الملف ضد النائب بشارة بسبب سريان الحصانة البرلمانية؛ لم يجلب المستشار القضائي لأعضاء اللجنة أو أعضاء البرلمان نص الخطابين الذين القاهما النائي بشارة في أم الفحم وسوريا ولم يوضح أن لائحة الإتهام تعتمد على النص الذي كتبته جريدة "معريف" والتي اعترفت فيما بعد أن ما نشرته ليس دقيقاً.
وادعى مركز عدالة أن لجنة البرلمان اعتبرت المسألة بعيدة عن حرية التعبير عن الرأي ولم تتطرق إلى الدوافع غير النزيهة التي كانت من وراء قرار المستشار القضائي تقديم لائحتي إتهام ضد النائب بشارة.
يذكر أنه حتى الاَن تم تأجيل الجلسات للبت في قضية النائب بشارة في محكمة الصلح حتى تقم العليا بإصدار قرار في القضية.
يجدر بالذكر أن إتحاد البرلمانيين العالمي أصدر قراراً في تشرين الثاني 2004، يعتبر أن قرار محكمة الصلح بعدم حسم مسألة الحصانة أولاً يناقض جوهر وهدف الحصانة البرلمانية.
وفي ردها على الإلتماس، ادعت نيابة الدولة أن المحكمة العليا غير مخولة للتدخل في قرار محكمة الصلح في هذه المرحلة، وأنه على العليا تمكين محكمة الصلح من إنهاء الإجراءات الجنائية كاملة ضد النائب بشارة. إضافة إلى ذلك، ادعت النيابة أن الحصانة البرلمانية لا تسري على من صرح تصريحات مؤيدة "لتنظيم إرهابي".
م.ع.03/11225، النائب عزمي بشارة ضد المستشار القضائي واَخرين