بتت المحكمة العليا يوم الثلاثاء، 9.11.2004، في الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة في تشرين الأول 2003 (التماس 03/9289)، بواسطة المحامية سهاد بشارة ، ضد قرار دائرة أراضي إسرائيل ("المنهال") رقم 952، الذي ينص على منح تخفيض للجنود المسرحين او الذين ادوا "الخدمة الوطنية"، بقيمة 90% من سعر تأجير الإراضي للبناء لفترة طويلة في مناطق أفضلية "أ" و"ب"، التي لا يتجاوز عدد وحدات السكن فيها 500 وحدة سكنية. واحتوت القائمة الاولى للبلدات التي يسري عليها هذا القرار حوالي 423 بلدة يهودية في الجليل والنقب، ولا يوجد بينها أي قرية عربية.
في الجلسة ادعت المحامية سهاد بشارة ان شرط الخدمة العسكرية هو شرط مميز ضد مواطني الدولة العرب, الذين لا يخدمون في الجيش, على اساس انتمائهم القومي، وأن قانون استيعاب الجنود المسرحين من عام 1994 يستوفي جميع الحقوق الإجتماعية والإقتصادية التي تمنحها الدولة للجنود المسرحين، حيث ان الامتيازات المقرة في هذا القانون هي اشمل واوسع مما اقر في سابقة, قانون الجنود المسرحين عام 1984. عليه, وبما أن هذا المعيار غير حيادي، فأي امتيازات تعطى بالاضافة الى قانون استيعاب الجنود المسرحين, تعتبر مميزة ضد مواطني الدولة العرب وتهدف الى اخراجهم من دائرة المستحقين لهذه الامتيازات. ووجهت الهيئة القضائية خلال الجلسة (المكونة من سبعة قضاة) نقداً لنيابة الدولة حول قضية إدراج معيار الخدمة العسكرية المميز ضد المواطنين العرب, وطلبت من النيابة توضيح هذا الأمر للمحكمة. كما استفسرت هيئة القضاة حول معيار الوحدات السكنية (500 وحدة سكنية) والسبب من وراء إدراج هذا المعيار.
وأجابت النيابة العامة من طرفها انه في جوهر القرار هدفين, الاول: تدعيم البلدات الصغيرة في مناطق الافضلية, والثاني: منح دعم للجنود المسرحين الذين "يخاطرون في حياتهم" احيانا خلال خدمتهم العسكرية. في المقابل ادعت المحامية بشارة من عدالة أندائرة أراضي إسرائيل لم تجلب اي معطيات حول الوضع الاقتصادي-الاجتماعي لهذه البلدات, والتي تدعم هذا الادعاء, وعليه فان قرارها هو عشوائي. اضافة الى ذلك, فان قرار الحكومة بتقسيم البلاد الى مناطق افضلية, مميز ضد البلدات العربية ولا يشمل في مناطق الافضلية بلدات عربية المدرجة في اسفل السلم الاجتماعي-الاقتصادي والتي تعاني من كثافة سكانية عالية.
يذكر أنه في رد نيابة الدولة على الإلتماس، ادعت الأخيرة أنه بعد إجراء فحصاً اَخر لقائمة البلدات التي تسري عليها المعايير التي ذكرت في القرار، اتضح أن خطأً قد وقع في القائمة التي نشرت، ولم تدرج فيها بلدات عربية كان من المفروض أن تدرج. وعليه صرحت نيابة الدولة للعليا أن البلدات التي ستضاف إلى القائمة هي: العزير، رمانة، نين، الطيبة، مقيبلة، صندلة، شيخ دنون، عين الأسد، سلامة، كمانة، حسينية، راس العين، ضميدة، سواعد الحميرة ووادي الحمام. وأشار عدالة في هذا السياق ان زيادة بعض البلدات العربية الى القائمة ليس لها اي تأثير عملي, حيث أن معيار الخدمة العسكرية هو حاجزاً أمام سريان مفعول قرار دائرة اراضي اسرائيل عليها.
وأضاف مركز عدالة أن النيابة العامة فشلت في تفسير الرابط ما بين شرط الخدمة العسكرية والحاجة الى منح التخفيض او الامتياز وبين ماهية الامتياز الذي يهدف الى تشجيع السكن في الجليل والنقب. اضافة الى ذلك, لم تنجح النيابة العامة في تفسير عدم اعطاء الامتياز لجميع السكان. واضاف المركز ان التناقضات الداخلية في القرار تثبت عشوائيته وتطرفه. فعلى سبيل المثال، لا يوجد أي علاقة منطقية بين الهدف المعلن للقرار الذي ينص على تشجيع سكان الدولة للإنتقال للسكن في الجليل والنقب وما بين المعيار الذي يشترط منح تخفيض بسعر الأراضي بالخدمة العسكرية أو "الوطنية". فقد يستطيع جندي مسرح استئجار أراض لفترة طويلة,في البلدات الواردة في القائمة, تقريبا بدون مقابل,، وبعد خمس سنوات بيع حقوقه لأي شخص اخر, حتى لمن ادين "بالتهرب من إداء الخدمة العسكرية", بسعرها في السوق الحرة. وللمقارنة, سكان مركز البلاد الذين لم يخدموا في الجيش والمعرفين كمستحقين للسكن ومعنيين في الانتقال الى الجليل او النقب, لا يمكنهم الاستفادة من الامتياز. بهذا يؤدي قرار دائرة اراضي اسرائيل الى استغناء, عن طريق الصدفة, لافراد غير محتاجين في اماكن لا تعاني من ضائقة سكنية. وردت النيابة العامة في هذا السياق انه من المحبذ لو كان بالامكان اعطاء الامتياز لجميع السكان, الا ان اعتبارات اقتصادية وتقليصات في الميزانية, ادى الى الحاجة في تحديد مجموعة مستحقي الامتياز. علية ادعى عدالة, انه بموجب هذا المنطق, بالامكان حل جميع اشكاليات ميزانية الدولة بواسطة تحديد مجموعة مستحقي الخدمات بشكل عشوائي ومن خلال اعتبارات غير موضوعية.
يذكر انة بالرغم من طلب عدالة لاصدار امر محكمة يمنع سريان مفعول وتطبيق قرار دائرة اراضي اسرائيل, الا ان المحكمة لم تصدر امر كالمطلوب، إلا أنها أصدرت أمراً مشروطاً في الإلتماس.
ولاحقاً ستصدر المحكمة العليا قرارها النهائي في الإلتماس, بعد تقديم مستندات اضافية الى المحكمة.
يذكر ان التماس اضافي قدم الى المحكمة العليا ضد قرار دائرة اراضي اسرائيل رقم 952 اعلاه, على يد مؤسسة حقوق المواطن (التماس 03/10248) والذي وحد للسماع امام المحكمة مع التماس عدالة اعلاه.