ردّ المستشار القانوني للحكومة، يوم الأحد 20.5.2007، على رسالة مركز "عدالة" من آذار الفائت بخصوص تصريحات جهاز الأمن العام ("الشاباك") ورسالته للسيد علاء حليحل، رئيس تحرير صحيفة "فصل المقال"، بخصوص تدخّل "الشاباك" في مسألة إصدار وثائق سياسية وقضائية عن هيئات عربية، والذي جاء فيه أنّ "الشاباك مُطالب بإحباط نشاطات تآمرية من عناصر معنية بالمس بطابع دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، حتى لو كان نشاطهم يتمّ بوسائل تتيحها الديمقراطية".
وجاء في ردّ المستشار القضائي للحكومة أنّه أرفق ردّ رئيس الشاباك، يوفال ديسكن، وأنّه يوافق كليًا على مع ما جاء فيه: "رسالة رئيس "الشاباك" أعِدّت بالتنسيق مع المستشار القضائي للحكومة، وبموافقته، والموقف المفصل فيها مقبول على المستشار القضائي للحكومة"- هذا ما جاء في الرسالة الموجهة إلى مركز "عدالة" من راز نزري، مساعد رئيسي للمستشار القضائي للحكومة، وزاد: "نحن نود أن نوضح أيضًا، ونشدد، على أنه عمومًا، وفي الحالات الحساسة في المجال المطروح أعلاه، تجري نشاطات "الشاباك" من خلال التنسيق والتشاور مع الجهات ذات العلاقة في الجهاز القضائي".
ومن ناحيته فصّل ديسكن في الرسالة وظائف الشاباك وصلاحياته وطرق العمل المتاحة أمامه للقضاء على ""النشاطات التآمريّة" التي تستهدف النظام الديمقراطي وأجهزته". ووضح ديسكن أنّ المصطلح "تآمر" يضم أيضًا أي عمل "تآمري" يهدف إلى تغيير المبادئ الأساسيّة القائمة عليها الدولة من خلال إبطال طابعها الديمقراطي أو طابعها اليهودي.
وادعى ديسكين أنّ هناك ثلاثة طرق عمل متاحة أمام الشاباك في هذه الحالات وهي استخدام أدوات البحث من خلال تجميع مواد من مصادر ظاهرة وتحليلها وفق هذه المصادر؛ استخدام الأدوات "التجميعيّة" من خلال استعمال أدوات تمس في الحق في الخصوصيّة كالتنصت على المكالمات وما إلى ذلك؛ وأخيرًا استخدام أدوات تطبيق القانون وقمع الأعمال "التآمريّة" من خلال التحقيق والتفتيش وغيرها من الوسائل.
ووضح ديسكين في الرسالة أنّه في حالة الفعاليات الظاهرة والعلنيّة التي يقوم بها العرب، سيستخدم الشاباك طريقة الردع ولن يستخدم الطريقة الثانية (أي التنصت على المكالمات وما شابه)، ويستطرد ديسكين ويدعي أنّه إن كان هنالك أساس للشك أنّ الفعاليات القائمة لها طابع "تآمري"، إذًا فهذا يبرر استخدام الأدوات "التجميعيّة" التي ذكرت أعلاه (التنصت على المكالمات وما شابه)، وهذا بهدف كشف المخفي من وراء هذه الفعاليات وضمان عدم مخالفة القانون.
ولخّص ديسكين رسالته بالقول أنّ "الشاباك يملك الشرعيّة في استعمال أدوات "تجميعيّة" إذا وُجد أساس للشك بأن مؤسسة معينة تعمل بشكل سري أو إن كانت فعاليات هذه المؤسسة تشكل أساسًا لفعاليات غير قانونيّة. "هذه الفعاليات غير القانونية تبرر استعمال الطريقة الثالثة المتاحة أمام الشاباك وهي أدوات القمع مثل التحقيق والاعتقال".
وعقّب مركز عدالة على هذه الرسالة بالقول أنّ المستشار القانوني للحكومة يدعم موقف الشاباك ورئيسه ولا يستنكر تصريحاته القائلة بأنّ العرب هم "خطر استراتيجي". ويستهجن مركز عدالة اعتبار المستشار القانوني للحكومة تصريحات الشاباك تصريحات قانونيّة، وتصنيفها تحت خانة التصريحات المسموحة والشرعية وفقًا لحريّة التعبير.
"يظهر من الرسالة أنّ المستشار القانوني للحكومة يعطي الضوء الاخضر للشاباك، ليقوم الأخير بالتحري وراء العرب، حتى إن كان ما يفعلونه بعيدًا كل البعد عن "أمن الدولة". هذا يقوي الإعتقاد الممأسس الذي يعتبر العرب هدفًا للتحري الأمني، وخطرًا استراتيجيًا دائم".
ويفحص عدالة في الوقت الحالي إمكانية التوجه للمحكمة العليا وإجبار المستشار القضائي للحكومة على وضع تعليمات واضحة تمنع الشاباك من التدخل في حياة المواطنين السياسية في هذه الدولة.
في شهر آذار 2007 نشرت وسائل الإعلام تقارير حول جلسة خاصة عُقدت في مكتب رئيس الحكومة، حيث أنذر فيها رئيس الشاباك من "زيادة خطيرة في تطرّف عرب إسرائيل". وفقًا للتقارير، فإن رئيس الشاباك سوّغ ذلك في الجلسة بالقول "إن زيادة تطرّف مواطني إسرائيل العرب هو خطر إستراتيجي على وجود الدولة".
وتبيّن من تقارير وسائل الإعلام أن "تحذيرات وإنذارات" رئيس الشاباك التي طُرحت في تلك الجلسة، جاءت على أثر صياغة وثائق سياسية وقضائية من قبل هيئات عربية، إذ تطرّقت، فيما تطرقت، إلى تغيير المبنى الدستوري لدولة اسرائيل. الوثائق العربية هي: "الرؤية المستقبلية" الصادرة عن لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في إسرائيل؛ "الدستور الديمقراطي" الصادر عن عدالة؛ وثيقة مركز مساواة بخصوص "وثيقة النقاط العشر"؛ و"وثيقة حيفا" وشيكة الصدور عن مركز مدى-الكرمل.
على أثر هذه التقارير، توجّه السيد علاء حليحل، رئيس تحرير صحيفة "فصل المقال"، إلى قسم الإعلام في مكتب رئيس الحكومة مطالبًا بتلقّي إجابات بشأن تلك التقارير وخصوصًا بصدد تدخّل الشاباك في كلّ ما يتعلق بإصدار الوثائق العربية.
وجاء في ردّ الشاباك أنّه "بحكم مسؤوليته، فإن الشاباك مطالب بإحباط نشاطات تآمرية من قبل عناصر معنية بالمس بطابع دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، حتى لو كان نشاطهم يتمّ بوسائل تتيحها الديمقراطية، وهذا بحكم مبدأ "الديمقراطية الدفاعية"".
بعد استلام هذا الرد توجه المحامي حسن جبارين، مدير مركز عدالة، للمستشار القانوني للحكومة وطالبه بفتح تحقيق جنائيّ بشبهة ارتكاب مخالفة جنائيّة كما هو منصوص عليها في البند 144 من قانون العقوبات، في كلّ ما يتعلّق بالنشر التحريضي الذي نُشر نتيجةَ، وعلى أثر الجلسة التي انعقدت في مكتب رئيس الحكومة بخصوص الوثائق العربية، بما في ذلك تدخّل الشّاباك. كذلك طالب عدالة المستشار القانوني للحكومة بإصدار تعليمات واضحة وخطيّة توضّح المحظور والمسموح بموجب القانون، بهدف منع تدخّل الشاباك، مستقبلاً، في قضايا شبيهة بالحالة الراهنة.
وشدد مركز عدالة في الرسالة إن الوثائق العربية التي صاغتها هيئات سياسية ومؤسسات حقوق إنسان، لم تتم في الخفاء، بل كانت علنيّة، هدفها المعلن والصريح هو إحداث تغيير في البنية الدستورية لدولة إسرائيل، وهي جزء من حقّ المواطنين العرب الشرعيّ في العمل بالوسائل الدستورية لغرض تغيير وضعهم في دولة إسرائيل.
كذلك ادعى عدالة إنّ تدخّل الشاباك هذا مخالف للصلاحيات التي مُنحت له في التشريع الأساسي. فقانون جهاز الأمن العام 2002 يعدّد، بوضوح، صلاحيّات الشاباك، التي هي في أساسها صلاحيّة الحفاظ على أمن الدولة "في وجه تهديدات الإرهاب، التخريب، التآمر، التجسّس وكشف أسرار الدولة...". وجاء أنّ نشاط الشاباك غير القانوني والخارج عن نص القانون مخالف لقيم الديمقراطية.