قدم مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن يوم الأربعاء - 9.5.2007 موقفهما القانوني إلى محكمة العدل العليا، وذلك في إطار المناقشات التي تجري في التماس أعضاء المجلس التشريعي من سكان القدس الشرقية، ضد سحب إقامتهم في إسرائيل. وأوضحت المؤسستان في موقفهما على أن قرار وزير الداخلية سحب إقامة أعضاء المجلس التشريعي تمس مسًا صارخًا بحقوقهم، حيث أن قانون الدخول إلى إسرائيل لا يمنح الوزير صلاحية سحب الإقامة الدائمة بذريعة "خرق الأمانة"، أو العضوية في برلمان أجنبي. كما أوضحتا أن إقامة الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية هي ذات مكانة خاصة تختلف في جوهرها عن مكانة المهاجرين. وكتب وجهة النظر هذه المحاميان عوديد فيلر ودان ياكير من جمعية حقوق المواطن، والمحامي حسن جبارين من مركز عدالة.
وقد جرى تقديم هذا الموقف القانوني بعدما وافقت المحكمة العليا، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، على قبول طلب مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن في تقديم موقفهما القانوني بسبب المسائل المبدئية التي تطرحها الممارسة المتطرفة في إلغاء مكانة مواطنين ومقيمين على خلفية "خرق الأمانة". وهذه المسائل لم تتم مناقشتها في المحاكم في إسرائيل، ولذلك طلبت المؤسستان، مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن، أن يعرضا على المحكمة العليا موقفهما المبدئي الذي يعارض سحب المكانة، مكانة مقيم، لكونها تنطوي على مس خطير بحقوق أساس. كما طالبت المؤسستان بعرض التعقيدات الخاصة للقضية أمام القضاة، نظراً لكونها تمس بسحب مكانة سكان القدس الشرقية بشكل عام، وسكان القدس الشرقية الذين انتخبوا للمجلس التشريعي الفلسطيني بشكل خاص.
وجاء في الموقف القانوني أن قرار وزير الداخلية يمس بالحق الدستوري لأعضاء المجلس التشريعي في البقاء ومواصلة العيش في وطنهم بدون التعرض لخطر الإبعاد. وأن إبعاد أي إنسان عن مكان إقامته الطبيعي يمس بحقوقه الدستورية وكرامته وحريته الشخصية وأملاكه. كما يمس قرار الوزير بحق أعضاء البرلمان، علاوة على المس بحقوق أبناء عائلاتهم، في العيش في كنف عائلاتهم، ومواصلة العيش في القدس الشرقية بدون خطر الإبعاد. كما يؤكد المحامون ثانية على أن إقامة الفلسطينيين في القدس الشرقية هي في أساسها إقامة نابعة من الولادة، التي تختلف في جوهرها عن الأنواع الأخرى من تصاريح الإقامة الممنوحة للمهاجرين. وأوضح مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن أن سكان القدس الشرقية لم يأتوا إلى إسرائيل ولم يكونوا في مكانة المهاجرين، ولذلك فإن إقامتهم غير مشروطة أبداً بأي شروط ولا يوجد أية شرعية لسحبها.
كما أشارت المؤسستان إلى أن الحديث هو عن مكانة مركبة بشكل خاص، كون القدس الشرقية هي منطقة محتلة بحسب القانون الدولي، وعليه فإن سكان القدس الشرقية هم مواطنون يحميهم القانون الدولي. وعلاوة على ذلك، فإن إسرائيل اعترفت، بدءاً من اتفاقيات أوسلو، بأن السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية هم جزء من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولذلك سمحت لهم بالانتخاب والترشيح للمجلس التشريعي الفلسطيني وانتخاب رئيس السلطة الفلسطينية. وفقط بعد أن تم انتخاب الملتمسين، ونظراً لكون نتائج الانتخابات لم ترض الحكومة الإسرائيلية، تقرر سحب إقامتهم من خلال المس بحقوقهم.
وجاء أيضاً أن سحب الإقامة بذريعة "خرق الأمانة" هي صلاحية متطرفة وجارفة، لا تمر في اختبار العدالة. فسحب الإقامة لهذا السبب هو وسيلة تعسفية تتميز بها الأنظمة الظلامية والشمولية. حيث يجب على الدولة عدم سحب إقامة إنسان بسبب شبهات ثارت حوله. كما جاء أنه لدى إسرائيل وسائل سلطوية كثيرة أقل خطورة من سحب الإقامة، في إطار القانون الجنائي، الإطار الوحيد لإدانة أعمال ممنوعة طالما وجدت أدلة تؤكد ارتكاب مخالفة ما.
كما أوضحت المؤسستان أن الصلاحية الجارفة في إلغاء الإقامة، التي يعتقد وزير الداخلية أنه مخول بها، تمنح شخصية سياسية صلاحية واسعة في المس بحقوق أساس وحقوق دستورية بشكل تعسفي. وهذه الصلاحية التعسفية يجدر ألا تسلم لشخص، وإنما بيد سلطة قضائية، على الأقل، تعمل بموجب تشريع رئيسي مفصل، يتم فيه تحديد المعايير الواضحة والإطار لسماع الإدعاءات.
وخلصت المؤسستان إلى أنه في هذه الظروف فإن سحب مكانة أعضاء المجلس التشريعي تمس مساً خطيراً بحقوق أساس، وتتجاوز واجبات السلطة في التصرف بحسن النية والإنصاف والاستقامة والمساواة.
تم تقديم وجهة النظر في إطار المداولات في المحكمة العليا 06/7803 (خالد أبو عرفة وآخرون ضد وزير الداخلية).