اعترفت المحكمة العليا بحقّ أهالي سخنين في الحصول على خدمات عامة في داخل مدينتهم، ومن ضمن ذلك الحصول على خدمات مكتب العمل، لكنّها نصحتهم بالتراجع عن الالتماس الذي تقدموا به ضد قرار إغلاق مكتب العمل في مدينتهم، على ضوء المناقصة التي نُشرت من أجل العثور على مبنى بديل، والتي فازت بها شركة عرضت مبنى لخدمة مكتب العمل في المنطقة الصناعية "ترديون"، والواقعة ضمن منطقة نفوذ المجلس الإقليمي مسجاف.
تمّ تقديم الالتماس ضدّ قرار اغلاق مكتب العمل في سخنين في يوم 25 نيسان 2006 بواسطة المحامية سوسن زهر من عدالة. وتم تقـدّيم الالتماس باسم الزوجين غنطوس، الزوجين حيادرة، ومركز عدالة نفسه، ضدّ وزارة الصناعة، التجارة والعمل وشركة "تورج هندساه 1993 م.ض."، التي فازت بالمناقصة. والملتمسون هم من سكان المدينة، ممّن يبحثون عن عمل ويتوجّهون إلى مكتب العمل في المدينة كل أسبوع.
جاء في الالتماس أنّ مكتب العمل في سخنين يعمل في المدينة منذ العام 1992. وهو يخدم نحو 58,000 نسمة يعيشون في خمس بلدات هي: سخنين، عرابة، دير حنا، كوكب أبو الهيجاء وشعب، وبينهم نحو 3,000 من الباحثين عن عمل والذين يعتمدون على خدمات المكتب، ويتوجب عليهم التواجد فيه كل أسبوع.
ادّعى الملتمسون أنّ قرار إغلاق مكتب العمل في سخنين هو قرار يفتقر إلى المعقولية بشدّة، كونه يمسّ بحقوق أساس رئيسية للسكان، بما في ذلك الحق في الكرامة والحدّ الأدنى للعيش والمساواة. فالسكان الذين يتوجهون للحصول على خدمات من مكتب العمل هم مواطنون عاطلون عن العمل، باحثون عن عمل، ويعيش معظمهم في مستوى إقتصادي – إجتماعي متدنّ جدًّا. وهكذا، فمن شأن العبء المالي الذي سيلقى على عاتقهم في أعقاب نقل مكتب العمل أن يمسّ بنظام عيشهم الأساسي، المضعضع أصلاً، حيث سيضطرّون إلى صرف جزء جدّي من المخصصات التي يحصلون عليها من التأمين الوطني في تمويل سفرهم بواسطة المواصلات العامة بهدف الوصول إلى المبنى الجديد لمكتب العمل ومن ثمّ العودة إلى بيوتهم.
إضافةً إلى ذلك، فإنّ نقل مكتب العمل ستُثقل على كاهل جمهور طالبي العمل، بمن فيهم كبار السن. فوتيرة وانتظام المواصلات العامة من البلدات العربيّة إلى المنطقة الصناعيّة في مسغاف منخفضان للغاية، الأمر الذي يضطر السكّان إلى السير مسافة أخرى إضافية (حوالي 600 متر) من محطّة الباص الى مكتب العمل، وذلك لعدم وصول خطوط الباصات إلى مبنى المكتب نفسه، وإنّما الى الشارع الرئيسي المحاذي للمنطقة الصناعيّة فقط.
وتضيف المحامية زهر أن إخراج مكتب العمل من مدينة سخنين الى منطقة نفوذ سلطة محلية أخرى يمسّ بحق السكان في ممارسة سكنهم داخل مدينتهم. فمن حقّ أهالي سخنين تلقي خدمات عامة في مدينتهم، من غير أن يضطروا للسفر إلى مدن أخرى، حتى لو كانت مجاورة، لغرض تلقّي الخدمات. إضافة إلى هذا، فمن حقّهم التمتّع بالخدمات في منطقة سكناهم. وتم الإدعاء في الالتماس أنّه نتيجة للقرار بنقل مكتب العمل من سخنين إلى منطقة "ترديون" سيتم وقف تقديم خدمة حيوية جدًا لسكان إحدى أكبر المدن العربية في دولة اسرائيل، ومعنى الأمر أنّ مدينة عربية كبرى في إسرائيل ليست مؤهلة لتوفير هذه الخدمة لسكانها. وعليه، فإنّ المغزى الجماهيري المترتب عن هذا القرار يمسّ بمكانة سكان المدينة جميعًا ويميّز ضدهم.
أشار الملتمسون، أيضًا، إلى أنّ نقل مكتب العمل الى مسجاف يخلق تمييزًا بحق سكان سخنين قياسًا بمدن أخرى ذات عدد مشابه من السكان، ونسبة مشابهة من طالبي العمل. مثلا؛ جميع المدن اليهودية التي ليس فيها مكاتب عمل تتواجد في خانة مرتفعة على السلم الإقتصادي – الإجتماعي الذي تضعه دائرة الإحصاء المركزية، ونسبة البطالة فيها منخفضة للغاية. وبهذا، فإنّ الحاجة إلى مكاتب عمل في تلك المدن منخفضة جدًا. بالمقابل، فإن غالبية المدن العربية التي ليس فيها مكاتب عمل، كسخنين، تتواجد في خانات متدنية على السلم الإقتصادي – الإجتماعي الذي تضعه دائرة الإحصاء المركزية، بل إنّها معرّفة كبؤر للبطالة تزيد النسبة فيها عن 18%..
وقد ادّعى المُلتمَس ضدّهم في ردّهم على الالتماس أنّ قرار إعلان مناقصة للعثور على مبنى عام صدر في أعقاب أمر بوقف عمل المكتب، أصدرته محكمة الصلح في عكا. وتمّ استصدار الأمر بناءً على طلب اللجنة المحليّة للتخطيط والبناء "ليف هجليل"، التي ادّعت أنّ المبنى الذي تمّ تأجيره لخدمة مكتب العمل في سخنين غير مرخّص للاستعمال لـ"غرض عام"، وعليه فمن غير الممكن مواصلة تشغيل مكتب حكومي في ذلك المبنى. وأشار المُلتمَس ضدهم في المحكمة العليا أنّه في أعقاب إصدار أمر الإخلاء المذكور، نشرت مديرية المباني العامة في وزارة المالية مناقصة للعثور على مبنى عام، فازت فيها شركة "تورج هندساه 1993 م.ض."، وبناءً على ذلك طلب المُلتمس ضدّهم شطب الالتماس.
إلتماس 3441/06 منال غنطوس وآخرون ضد وزارة الصناعة والتجارة والعمل وآخرين (قرار حكم من يوم 4.5.06، لم يُنشر بعد)