الناصرة (14.5.2006): رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية اليوم بغالبية ستة قضاة مقابل خمسة وبقرار جاء في 263 صفحة، الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة والالتماسات الستة التي انضمت إليه، من ضمنها جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، والتي طالب الملتمسون فيها إلغاء قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل "قانون مؤقت" 2003، الذي ينتهك حق مواطني إسرائيل بلم شملهم مع أزواجهم وزوجاتهم الفلسطينيين من سكان الأراضي المحتلة.
قضاة الأغلبية الذي رفضوا الإلتماس وصادقوا على شرعية قانون المواطنة هم: القاضي ميشيل حيشين، ومريام ناؤور، وآشر جرونيس،و يوناتان عديئيل، وإليعيزير ريفلين، وأدموند ليفي. مخالفين بذلك رأي قضاة الأقلية وهم: رئيس المحكمة العليا أهرون براك، ودوريت بينيش، وإيلاه بروكاتشياه، وسليم جبران وإستر حيوت.
القاضي حيشين والذي قاد موقف الأغلبية قال إنّه ليس لدى مواطني الدولة أي حق دستوري يخوّل المحكمة إبطال قانون للكنيست يحرم أزواجهم "الأجانب" بحسبه من نيل مكانة قانونية في إسرائيل. الحق بكرامة الإنسان على حد قول حيشين لا يتضمن في طياته أي واجب دستوري يلزم الدولة بأن تتيح إدخال "الأجانب" المتزوجين من مواطنين إسرائيليين. وأضاف حيشين أن "واقع الحرب ضد السلطة الفلسطينية" يبرر القانون الهادف الى منع دخول عناصر معادية لأمن الدولة إلى إسرائيل، حسب تعبيره. أشار القاضي ليفي أن القانون غير دستوري إلاّ أنه يجب رفض الالتماسات لإتاحة الفرصة أمام الكنيست لتعديله. أما باقي قضاة الأغلبية فقد أقرّوا أن القانون يضرّ يمس بالحقوق الدستورية إلا إنّه نسبي .
في مقابل هذا، وفي تمثيله رأي الأقلية، أشار رئيس المحكمة العليا القاضي أهرون براك إلى أنّه : "يجري الحديث عن حق مواطني الدولة الإسرائيليين بالحياة العائلية والمساواة، الحقوق المنصوصة في الحق الدستوري لكرامة الإنسان حسب قانون الأساس... يحق للمواطن أن يمارس حياة عائلية مع الزوج الآخر في إسرائيل. هناك بيته وهناك مجتمعه، هناك جذوره التاريخية والثقافية والإجتماعية... انتهاك الحق هذا موجّه ضد المواطنين العرب في إسرائيل. ولذا، فإنّ نتيجة هذا القانون هي المساس بحق المواطنين العرب في إسرائيل بالمساواة." وأقرّ القاضي براك سويّة مع قضاة الأقلية أن القانون ليس نسبيًا كونه يمنع إمكانية الفحص العيني والفردي لكل حالة على حده، بل يصادر الحقوق بشكل جماعي وجارف. وبناءً على ذلك توصل القاضي براك سويّة مع باقي قضاة الأقلية إلى النتيجة القائلة أنّه يتوجب إلغاء القانون كونه غير دستوري.
في رد على قرار المحكمة أشار مركز عدالة إلى أنّه في هذا اليوم صادقت المحكمة عمليًا على القانون الأكثر عنصرية في دولة إسرائيل، والذي يمنع لم شمل العائلات على خلفية قومية - عربية - فلسطينية. ولأجل المقارنة يضيف مركز عدالة: "رفضت محكمة جنوب أفريقيا عام 1980 وفي أوج فترة الفصل العنصري، التصديق على أوامر مشابهة للقانون الإسرائيلي بسبب مناقضتها للحق في العائلة."
وأضاف المحامي حسن جبارين (مدير عام عدالة) أن المحكمة العليا اليوم أسست ثلاثة مسارات مواطنة على خلفية إثنية: مسارًا مباشرًا لليهود حسب حق العودة، ومسارًا وسطًا للأجانب حسب الإجراءات التدريجية، والمسار الأكثر صعوبة للمواطنين العرب.
أرغم هذا القانون منذ اقراره آلاف العائلات أن تفترق، أو أن تعيش خارج إسرائيل، أو أن تعيش في إسرائيل بشكل غير قانوني، مما يعرضها لتهديد مستمر من الاعتقال والطرد. وقد تم تقديم الالتماس من قبل مركز عدالة بواسطة المحاميين حسن جبارين واورنا كوهين وباسم عائلتين تضرّرتا من القانون، وبإسم السيد شوقي خطيب رئيس لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في إسرائيل، وأعضاء الكنيست العرب، محمد بركة ود.عزمي بشارة وعبد المالك دهامشة وطلب الصانع وعصام مخول وواصل طه ود. أحمد طيبي ود. جمال زحالقة.
وجاء في الالتماس أن القانون يمسّ وبشكل خطير بحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوصة في القانون الإسرائيلي وفي القانون الدولي مثل الحق بالمساواة والحق بالحرية والحق بالخصوصية الفردية والحق بحياة عائلية. يميّز القانون ضد مواطني الدولة العرب الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المواطنين الإسرائيليين الذين يتزوجون من الفلسطينيين والفلسطينيات من سكان المناطق المحتلة. وكان مركز عدالة قد قدّم الإلتماس فور إقرارالقانون في أواخر تموز 2003، والذي تبنى بذلك قرارًا سابقًا للحكومة الإسرائيلية من شهر أيار عام 2002. مدّدت الكنيست فترة تطبيق القانون منذ تلك الحين ثلاث مرات، على الرغم من تصنيفه "قانونًا مؤقتًا". وفي شهر تموز 2005 أدخلت الكنيست عدة تعديلات على القانون بحجة التسهيلات والسماح بلم شمل لعائلات فلسطينية من المناطق المحتلة وإسرائيل. الاّ أن هذه التعديلات تسمح على الأكثر، تقديم طلبات مكوث مؤقته في إسرائيل، وهي لا تمكّن تقديم طلبات للحصول على إقامة دائمة أو مواطنة كما أنها لا تمنح الحق في العمل، وامتيازات إجتماعية أو ما الى ذلك. لذا أوضح عدالة أمام المحكمة العليا أن هذه التعديلات المُدخلة على قانون لم الشمل تتضمن معايير اضافية مثل الجنس والجيل والتي تحظر بشكل جارف على كل الرجال الفلسطينيين دون سن ال- 35 سنة، وجميع النساء الفلسطينييات دون سن ال- 25 سنة من أن يقدموا طلبات مكوث مؤقتة في هذا الخصوص. لقد تم تحديد هذه المعايير بشكل اعتباطي دون الاستناد إلى اي معطيات عينية ملموسة. أضف إلى ذلك أن القانون المعدل يسمح بمنع كل فلسطيني من الحصول على مكانة في إسرائيل استنادًا إلى قرار أجهزة الأمن بأن احد أفراد عائلته يشكل خطرًا أمنيًا.
يُذكر أنّه منذ تقديم الالتماس، قبل حوالي الثلاث سنوات، عارض مركز عدالة مراتٍ عدة إدعاء الدولة بأن هذا القانون هو بمثابة وسيلة حماية أمنية شرعية. ادعت نيابة الدولة أمام المحكمة أنّ هذا القانون هو وسيلة ضرورية لحماية الأمن الاسرائيلي لانّ ضلوع الفلسطينيين الحاصلين على مكانة قانونية في الدولة من خلال اجراءات لم الشمل في عمليات "إرهابية"، آخذ بالازدياد. بيد أنّ الدولة استطاعت ان تشير إلى 25 فلسطينيًا فقط، من بين الآلاف الذين حصلوا على مكانة في اسرائيل من خلال اجراءات لم الشمل، الذين تم استجوابهم على يد الأجهزة الأمنية الاسرائيلية بتهمة الضلوع بعمليات إرهابية دون أن تأتي حتى بأي معلومات كاملة وواضحة حول ذلك. أجابت عدالة في هذا الصدد أنه حتى لو كانت هذه المعلومات حول ال-25 شخصًا صحيحة فإن الحديث يبقى عن عدد قليل جدًا من المشتبهين ولذا فإنّ الحديث يجري عن قانون غير نسبي للغاية. إضافة إلى ذلك فإن الدولة تملك آليات ووسائل مثل "الإجراء التدريجي" لمنح المكانة القانونية والذي يعطي الحكومة صلاحيات واسعة لإجراء فحوصاتها الأمنية وفحص السجل الجنائي للذين يتقدمون بطلبات لم الشمل ومنح مكانة قانونية في الدولة.
لاقى القانون أعلاه استياءً عارمًا من لجان حقوق الانسان في الأمم المتحدة التي طالبت إسرائيل بإبطال القانون. نذكر على سبيل المثال ما جاء في البند 21 للتعقيبات التلخيصية للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول إسرائيل عام 2003 ولجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري ((UN CERD، ولجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة (UN CEDAW) والبرلمان الأوروبي والفديرالية الدولية لحقوق الأنسان (FIDH)، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة مراقبة حقوق الانسان (HRW).
التماس 7052/03، عدالة وآخرون ضد وزير الداخلية وآخرين.