قررت اللجنة الشعبية ضد التعذيب في إسرائيل وجمعية حقوق المواطن في إسرائيل ومركز "عدالة" خلال جلسة المحكمة التي انعقدت يوم الثلاثاء، 24 آذار 2009، سحب التماس مبدئي قدمته المؤسسات لإبطال قانون يمس بشكل صارخ بحقوق المعتقلين المشتبهين بقضايا أمنية، وذلك احتجاجًا على قرار المحكمة غير المسبوق وغير القانوني بالسماح لجهاز المخابرات العام ("الشاباك") بتقديم مواد سرية للمحكمة خلال نقاش حول دستورية قانون، دون إطلاع الملتمسين عليها.
تعني هذه الخطوة أن المحكمة كانت ستبت في الالتماس حول دستورية القانون بناءً على هذه المعلومات السرية دون إتاحة المجال أمام المؤسسات بالإطلاع عليها ومناقشتها والتشكيك بصحتها. وشددت المؤسسات الثلاث أن قرار الحكام غير قانوني ويمس بسلامة الرقابة القضائية على القوانين التي تمس في حقوق الإنسان. واتخذت مؤسسات حقوق الإنسان قرار سحب الالتماس رغم وحشية هذا القانون وذلك خشية أن يتحول اعتماد المحكمة على المواد السرية إلى سابقة قضائية تستخدم في جميع الالتماسات ضد دستورية القوانين التي تمس بحقوق الإنسان.
ويمكّن هذا القانون، في ظروف معينة، سلطات التحقيق من اعتقال أشخاص لفترة 96 ساعة من دون أيّة رقابة قضائيّة، بينما يتم، في الحالات العاديّة، اعتقال الأشخاص المشتبه بهم لفترة 24 ساعة أو 48 ساعة). ويمكن القانون السلطات من إجراء مداولات في قضايا المعتقلين، وعدم إعلامهم حول قرار تمديد اعتقالهم الذي صدر بغيابهم. وحذرت المؤسسات الملتمسة من أنّ هذا القانون يضع قواعد مرفوضة للتعامل مع المشتبه بهم، تمّ سنّها في إطار الحكم العسكري في المناطق المحتلّة، وتم تبنيها في القوانين الإسرائيليّة. وأشار الملتمسون إلى أنّ القانون يُستعمل على أرض الواقع ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ويميّـز ضدهم ويسلب منهم حقوق كونيـّة، وجميع الضمانات لإجراءٍ قضائي عادل، التي يستحقّها كل إنسان. إنّ هذا التمييز يُضاعف المس في حقوق الإنسان.
وقد سُنّ هذا القانون في العام 2006، كأمر مؤقّت، لمدّة سنة ونصف. في شهر كانون الثاني المنصرم، قرر الكنيست الإسرائيلي تمديد فترة سريان القانون لثلاث سنوات إضافيّة. واتضح في مداولات الكنيست أنّ وزارة القضاء تعتزم تحويل هذا القانون إلى قانون دائم.
وحذرت المؤسسات من أنّه إذا لم يلغى هذا القانون سيستمر سلب حقوق المعتقلين، في المرحلة الأولى بدون رقابة قضائية وفي المرحلة الثانية دون سماعهم ودون رؤيتهم ودون إتاحة المجال لمحاميهم بالترافع عنهم. وشددت المؤسسات أن هذا القانون يفسح مجالا واسعًا لتعذيب الأسرى.