توجّه مركز عدالة في 18 تموز 2007 للمستشار القانوني للحكومة باستئناف على قرار وحدة التحقيق مع الشرطة ("ماحاش") عدم التحقيق في الشكوى الذي قدّمها السيد حسن سليمان العقبي في نيسان 2007 والذي طالب فيها بإجراء التحقيق مع أفراد الشرطة الذين اعتدوا عليه. وطالب مركز عدالة المستشار القانوني للحكومة بإبطال قرار "ماحاش" بإغلاق الملف، وإجبارها – أي ماحاش – على إجراء تحقيق شامل ومكثّف في القضيّة.
في الثامن عشر من نيسان 2007، حوالي الساعة العاشرة صباحًا، اعتدى شرطي من محطة الشرطة في رهط يُدعى يوأل بيرفيتسكي على السيد العقبي البالغ من العمر 66 عامًا، عندما حاول الأخير أن يستفسر لماذا قامت الدوريّة "الخضراء" التابعة لدائرة أراضي إسرائيل بتفكيك خيمة الاحتجاج التي أقيمت هناك (في رهط)، وأن يتأكد من حيازتهم على أمر من المحكمة لتفكيك الخيمة. قام الشرطي بيرفيتسكي بالهجوم على السيد العقبي من الوراء وربط يديه بعنف، فأصيبت يده وغطت الدماء كفة يده. والأنكى من ذلك أنّ لائحة اتهام قُدمت ضد السيد العقبي موجهة إليه تهمة التعرض لشرطي، بينما هو الذي تعرّض للهجوم وللعنف من أفراد الشرطة.
بعد هذا الحادث قام أفراد الشرطة باحتجاز السيد العقبي في محطّة الشرطة، بالرغم من عدم وجود أي علّة قانونيّة تدعي إلى توقيفه أو احتجازه. ولم يتم تقديم أية مساعدة طبيّة للسيد العقبي بالرغم من أنه طلب مرارًا وتكرارًا عرضه على طبيب قبل أن يقتادوه إلى محطّة الشرطة. وفقط بعد ساعات من احتجازه عُرض السيد العقبي على طبيب، استهزأ فيه واتهمه بأنّه يفتعل الألم ويكذب، وهذا قبل أن يفحصه. ومن ثمّ نقل السيد العقبي إلى المعتقل في النقب، وهناك أخذ أفراد الشرطة الدواء الشهري الذي يتناوله السيد العقبي منه، ولم يتلق في نهاية الأمر أي علاج طبي. وفي الصباح نُقل السيد العقبي إلى المحكمة للنظر في طلب الشرطة بتمديد اعتقاله، وفقط بعد أن أفرج عنه في نفس اليوم في حوالي الساعة السادسة بعد الظهر، نقله أخوه إلى مستشفى سوروكا لتلقي العلاج، وهناك قرر الأطباء وضع يده اليمنى في الجبس لمدّة أربعين يومًا.
قدّم السيد العقبي شكوى لـ "ماحاش" في 22 نيسان 2007، وبعد شهر قررت "ماحاش" إغلاق الملف، معللة ذلك "بأسباب تتعلق بعدم أهميّة الأمر جماهيريًا".
وادعت المحاميّة فاطمة العجو من عدالة في الاستئناف أنّ رد "ماحاش" يشير بوضوح إلى أنّ العاملين فيها لم يقوموا بالتحقيق أصلاً في الشكوى، فلم يُدعى السيد العقبي، مثلا، للإدلاء بشهادته، ولم تحقق "ماحاش" مع أي من أفراد الشرطة المتورطين في الحادث. وأكدت المحاميّة العجو على أنّ "ماحاش" أخلّت بواجبها عندما امتنعت عن التحقيق، فهي لم تحقق ولم تجمع المواد ولم تر الأهميّة الجماهيريّة التي تكمن في الكشف عن الحقيقة وفي معاقبة المسؤولين ومحاكمتهم. وبهذا، فإنّ ماحاش أخلّت بواجبها اتجاه الجمهور، مما يشير بوضوح إلى أنّها-أي "ماحاش"- لم تستخلص العبر مما جاء في تقرير لجنة التحقيق الرسميّة في هبّة أكتوبر (2000) الذي صدر في أيلول 2003.
تطرقت المحاميّة العجو في الاستئناف إلى الادعاء الذي أوردته "ماحاش" في ردها على كتاب الشكوى حول عدم أهميّة الأمر جماهيريًا. وادعت المحاميّة العجو أنّه غير واضح كيف ستمس محاكمة أفراد الشرطة الذين خالفوا القانون بالمصالح التي يطالب المجتمع بالحفاظ عليها. ففي الوقت الذي يطالب فيه المجتمع بالقضاء على ظاهرة عنف الشرطة ضد المواطنين، تقوم "ماحاش" بإغلاق ملفات دون التحقيق فيها.
وأشارت المحاميّة العجو إلى أنّ صلاحيّة المدعي التي تخوله بإغلاق ملف بسبب عدم وجود اهتمام جماهيري، وردت في البند 62 للقانون الجنائي. ووفقًا لهذا البند يحق للمدعي العام أن يفعل ذلك "إن اعتقد المدعي أنّ مواد التحقيق والأدلّة كافية لتقديم لائحة اتهام ضد شخص ما، ولكنّ المحاكمة عديمة الأهميّة بالنسبة للجمهور". ومن هنا شددت المحاميّة العجو أنّ قرار "ماحاش" بإغلاق الملف بسبب عدم أهميّة الأمر بالنسبة للجمهور، يؤكد أن "ماحاش" تعترف أنّ هنالك أدلة كافية لإدانة أفراد الشرطة، ولكنّها ترى أنّ الأمر غير مهم جماهيريًّا.
وجاء في خلاصة الاستئناف أنّ "ماحاش" تهربت من سرد الأسباب والاعتبارات التي قادتها إلى إغلاق الملّف والتهرّب من مسؤوليتها وواجبها بالتحقيق الجدي والمكثّف. ولم تكلّف "ماحاش" نفسها عناء تفسير قرارها، واختارت الطريق الأقصر فقررت أنّ الأمر غير مهم جماهيريا، وذلك لإخفاء إخفاقاتها وحقيقة عدم التحقيق في الشكوى بشكل جدي وحقيقي.