في أعقاب الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة والمركز لحماية الفرد، أعلن ضابط منطقة الجنوب في الجلسة التي عقدت يوم الأربعاء 7.7.2004 في المحكمة العليا للبت في الإلتماس، عن تجميد الأمر الذي يشترط زيارة مواطني الدولة لأهلهم في غزة ببقائهم فيها لمدة ثلاثة شهور، يمنع خلالها المواطن من الرجوع إلى إسرائيل. بالإضافة، أعلن ضابط منطقة الجنوب أن الطلبات التي ستقدم لزيارة غزة ستفحص بشكل فردي وأنه سيقوم بفحص ضرورة هذا الأمر. في أعقاب ذلك، لم تبت المحكمة العليا في قانونية هذا الأمر وقررت الهيئة القضائية (رئيس المحكمة العليا القاضي أهرون براك والقضاة جرونيس وجبران) أن كل إدعاءات الملتمسين محفوظة لهم وباستطاعتهم الرجوع للمحكمة في حالة قرر ضابط منطقة الجنوب تجديد الأمر.
يذكر أن مركز عدالة وهاموكيد- المركز لحماية الفرد قدما الإلتماس في 31.5.2004، ضد ضابط منطقة الجنوب، مطالباً فيه العليا بإبطال الأمر الاَنف ذكره. وقد أصدر ضابط منطقة الجنوب هذا الأمر مؤخراً بهدف "التخفيف من الضغط في معبر إيرز". وتوجه مركز عدالة ومركز حماية الفرد للمستشار القضائي لمكتب ضابط منطقة الجنوب، مباشرةَ بعد إصدار الأمر، مطالبين إياه بالتدخل الفوري لإبطال هذا الأمر، إلا أنهما لم يتلقيا رداً على توجههما.
وقدم الإلتماس بإسم أربع عائلات تعاني من هذا الأمر الجديد، إذ أن أحد الأزواج فيها هو مواطن أو يسكن في الدولة، والاَخر يسكن في منطقة غزة.
وادعت المحامية أورنا كوهين من عدالة والمحامي يوسي فولفسون من المركز لحماية الفرد أن هذا الأمر يمس بالعرب مواطني الدولة، إذ أنهم هم الذين يتزوجون لفلسطينيين من الضفة الغربية. ويجدر بالذكر، أن هذا الأمر لا يسري على مواطني الدولة الذين يبغون الدخول لمنطقة غزة لزيارة المستوطنات. وعليه جاء في الإلتماس أن نتيجة تطبيق هذا الأمر تمس بالمواطنين العرب فقط، ومن هنا فإن هذا الأمر يميز بين المواطنين العرب واليهود على أساس قومي ويمس بكرامة المواطنين العرب.
يذكر أنه في العام 1994، اشترط ضابط منطقة الجنوب دخول مواطني الدولة لقطاع غزة بمنحهم تصريحاً بالدخول لهناك. ولم يسر هذا الأمر على مواطني الدولة الذين أرادوا زيارة المستوطنات. وحتى هذه التصريحات التي أعطيت لمن أراد زيارة أقربائه، كانت قليلة جداً، وأعطيت وفق معايير لم تنشر أبداً. وعلى مدار فترة طويلة لم تمنح هذه التصاريح، إلا لمن عرف كفرد في "عائلة مقسمة" (أي عائلة أحد الأزواج فيها مواطن الدولة والاَخر من الضفة الغربية). وفي حالات نادرة، سمح للأقرباء من الدرجة الأولى بزيارة أقربائهم في قطاع غزة، وذلك في حالة موت أو زواج.
وبعد إصدار الأمر الجديد، اشترط ضابط منطقة الجنوب زيارة مواطني الدولة لأطفالهم وأزواجهم بالتوقيع على تعهد، حسبه يتعهد الموقع بعدم الدخول إلى إسرائيل لمدة ثلاثة أشهر.
وسرد الإلتماس إسقاطات هذا الأمر الصعبة على حياة العائلات وعلى حياة الملتمسين. فعلى سبيل المثال، لم يستطع د. إبراهيم عاشورمن بئر السبع زيارة أطفاله الخمسة وزوجته منذ أكثر من أربعة أشهر، وذلك بعد أن اشترط ضابط منطقة الجنوب قبول طلبه بالتوقيع على التعهد المذكور أعلاه. ووقعت السيدة زلفة حسيني، بعد أن رفض طلبها للم الشمل مع زوجها من غزة، على هذا التعهد لكي تستطيع أن ترى أطفالها وزوجها.
وجاء في الإلتماس أن هذا الأمر يناقض قانون أساس: كرامة الإنسان وحريتة، ويمس بالحقوق الدستورية للمواطنين العرب في إسرائيل كحقهم في الحرية الشخصية، وحقهم في بناء عائلة وفي مبدأ المساواة، والحق في الدخول إلى إسرائيل. وادعى المحاميان أن الأمر الجديد هو أمر عشوائي، وأن المس بحقوق المواطنين هو كبير، إذ أنه يفصل الأهل عن أطفالهم ويشتت العائلات ويفرض عليهم إختيارات صعبة وغير إنسانية.