في ليلة 13- 14 من تشرين الأول/أوكتوبر من العام 2003، قامت قوة من الجنود الإسرائيليين، بالقرب من مستوطنة "نغوهوت" في الضفة الغربية (في منطقة الخليل)، بإطلاق النار على متعب النباري، من سكان النقب وقتلته. ولم يكن النباري مسلحاً، ولم يشكل أي خطر على الجنود، وبحسب جهاز الأمن العام (الشاباك) لم يكن له أي "ماض أمني". علاوة على ذلك، فإن إطلاق الرصاصات القاتلة باتجاه النباري كان من الخلف، وذلك بحسب تقرير تشريح جثة المرحوم بعد مقتله بوقت قصير. كما يبين تقرير التشريح أن هناك إصابات كثيرة في جثة المرحوم من الخلف. إضافة إلى أن التقرير قد أكد" وجود كدمة داكنة نجمت عن كسر ثخين في عظم الجمجمة من جهة اليمين، ومن شبه المؤكد أنها جراء ضربة مباشرة تلقاها المرحوم في الفترة الزمنية القصيرة قبل وبعد وفاته".
ويطالب الإلتماس، الذي تم تقديمه اليوم بواسطة المحامي مروان دلال، المحكمة العليا بإصدار أمر للمدعي العسكري العام بتقديم الجنود المسؤولين عن مقتل المرحوم متعب النباري للمحاكمة.
تجدر الإشارة إلى أن وحدة التحقيق في الشرطة العسكرية لم تقم بفتح أي تحقيق على الرغم من معرفتها بأن الحديث هو عن مواطن إسرائيلي، والذي لم يكن مسلحاً وليس لديه أي ماض أمني. وفور مقتل المرحوم، توجه مركز "عدالة" في يوم 16/10/2003، بإسم عائلة المرحوم، إلى محكمة الصلح في بئر السبع بطلب تعيين قاض للتحقيق في ظروف مقتل المرحوم، وذلك بموجب قانون "التحقيق في ظروف وفاة- للعام 1958 (إجراء رقم 03/1027)، علاوة على ذلك، طلب مركز "عدالة" من المحكمة إصدار أمر بإخراج الجثة من القبر من أجل إجراء تشريح بعد الوفاة، وفي حينه أصدرت المحكمة الأوامر المطلوبة.
وفي أعقاب تشريح الجثة، تبين أن الإصابات التي تعرض لها المرحوم كانت من الخلف. وبحسب تقرير التشريح من معهد الطب القضائي "أبو كبير" فإن وفاة المرحوم نجمت عن "ضرر شديد في العمود الفقري والكبد والقلب والرئة اليمنى بسبب اختراق رصاصة للظهر (الجرح الذي نجم عن دخول الرصاصة من الجهة اليسرى من الظهر)، وقد تم إخراج الرصاصات من جثة المرحوم أثناء التشريح. وتوجه مركز "عدالة" لمحكمة الصلح بطلب إصدار أمر بإجراء فحص للرصاصات، وصدر الأمر، وتبين من الفحص أن مصدر الرصاصات التي تم فحصها هو بندقية من طراز "أم 16".
وفقط في أعقاب هذه التطورات، أعلنت الدولة في إجراء قضائي في محكمة الصلح أن المدعي العسكري العام قرر إجراء تحقيق في ظروف مقتل المرحوم متعب النباري. وكان ذلك بعد سبعة شهور ونصف الشهر من مقتل المرحوم (بتاريخ 28/06/2004)، وباشرت وحدة التحقيق في الشرطة العسكرية تحقيقاتها فقط بتاريخ 18/07/2004.
وفي شهر آذار/مارس 2005، قدم مركز "عدالة" التماساً إلى المحكمة العليا بإسم عائلة المرحوم ضد رئيس هيئة أركان الجيش والمدعي العسكري العام بسبب رفضهم تسليم عائلة المرحوم ملخص نتائج التحقيق العسكري في ظروف عملية القتل التي نفذتها القوة العسكرية. خاصة وأن حق عائلة المرحوم بالحصول على هذا الملخص يكفله البند "539 أ (ب) (5)" من قانون القضاء العسكري للعام 1955 (المحكمة العليا 05/2366). وهذا الملف لا يزال معلقاً في المحكمة العليا بانتظار صدور قرار بهذا الشأن. وفي أعقاب تقديم هذا الإلتماس إلى المحكمة العليا، وبعد سماع ملاحظات المحكمة أثناء التداول الذي جرى في يوم 21/03/2005، أنهت وحدة التحقيق في الشرطة العسكرية تحقيقاتها، وأصدر المدعي العسكري العام قراره بعدم تقديم لائحة اتهام ضد الجنود المسؤولين عن مقتل المرحوم.
ويتضح من تحقيق الشرطة العسكرية أن الجندي الذي أطلق النار على المرحوم ادعى في أقواله أنه أطلق النار بعد أن "رأي بياض عيني المرحوم". وفضل المدعي العسكري العام تصديق ادعاءات الجندي على الرغم من كون المرحوم قد أصيب من الخلف. علاوة على ذلك، وبحسب الجنود الذين كانوا في المكان، فإن المرحوم لم يتقدم ولم يشكل أي خطر يشرعن إطلاق النار التحذيري تجاهه، وكذلك النيران القاتلة بالتأكيد. بالإضافة إلى أن قائد منطقة المركز (العسكري) قد وجه انتقادات شديدة لأداء القوة التي أطلقت النار على المرحوم، وبحسبه فإن الحديث هو عن إطلاق نار مخالف لتعليمات الجيش.
وبالرغم من كل هذه النتائج، وغيرها، والتي تم شرحها في الإلتماس الذي قدم اليوم، فقد فضل المدعي العسكري العام عدم اتخاذ أية إجراءات جنائية وحتى تأديبية، ضد الجنود المسؤولين عن مقتل المرحوم. ويطالب مركز "عدالة" في الإلتماس بأن تصدر المحكمة العليا أمراً للمدعي العسكري العام بتقديم الجنود المسؤولين عن مقتل المرحوم للمحاكمة الجنائية.