قدمت "جمعيّة حقوق المواطن" ومركز "عدالة" في نهاية الأسبوع الماضي، تلخيصاتهما للمحكمة العليا في أطار الالتماسين الذين تمّ تقديمهما قبل ما يزيد على السنتين، من أجل إلغاء التعديل العنصري لقانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل من العام 2003، الذي يمنع منح مكانة قانونيّة في إسرائيل للفلسطينيين المتزوجين من مواطنين في الدولة. وكانت الدولة بناءً على طلب من المحكمة، قد قدمت الشهر الماضي المعطيات التي بحيازتها التي تبرر برأيها سن مثل هذا القانون.
وكتب التلخيصات المحاميان حسن جبارين وأورنا كوهين من عدالة، والمحاميان دان يكير وشارون أبراهم- فايس من جمعيّة حقوق المواطن. أكدت التلخيصات التي قُدمت للمحكمة عنصريّة القانون وعدم قانونيته وافتقاره للمنطق السليم. كذلك جاء في التلخيصات أن التعديلات التي أدخلت بعد المصادقة عليه ما هي إلا تعديلات تجميليّة لا تحسّن الوضع القائم، بل تزيد من حدة المس في حقوق العائلات والأطفال.
يذكر أنّ جمعيّة حقوق المواطن وعدالة كانا قد التمسا للمحكمة العليا، فور المصادقة على القانون في صيف 2003 بغية إلغائه. ونظرت في الالتماسين هيئة قضائيّة موسعّة مكونة من 13 قاضيًا الذين انتهوا من سماع ادعاءات الأطراف في الالتماسات في شهر كانون الثاني 2004، إلا أنهم لم يصدروا قرارًا نهائيًا حتى يومنا هذا.
يذكر أن الكنيست صادقت الصيف الماضي، على تمديد العمل بالقانون المذكور مرّة أخرى، وإدخال تعديلات طفيفة عليه باعتبارها "تعديلات مسهلّة". وجاء في التلخيصات أنّ هذه التعديلات ما هي إلا تعديلات تجميليّة لا تلغي عنصريّة القانون، خاصة وأنّها ما زالت تسري على الأزواج الفلسطينيين بسبب انتمائهم القومي فقط. "التعديلات لا تسمح بمنح مكانة قانونيّة في إسرائيل، بل تسمح بمنح تصاريح إقامة مؤقتة والتي تعطى في حالات قليلة فقط. ومن هنا فأن المسألة القانونيّة التي طرحت في الالتماسين قبل سنتين ما زالت قائمة على حالها". إضافة لذلك، فإن التعديلات لا تلغي التمييز القائم في القانون على أساس قومي فقط، بل تتضمن أيضاً تمييزاً بحق الفلسطينيين على أساس الجيل والجنس، وتقلص من احتمالات الحصول على تصاريح إقامة مؤقتة في إسرائيل. كذلك أضيف لهذه التعديلات معيارً جديدً يمنع منح التصاريح ليس فقط للأشخاص "المتورطين أمنيًا" فحسب، بل لأقربائهم أيضاً. مما يعني فرض عقاب جماعي على طالبي لم الشمل، يعتمد على صلة القرابة، وهو أمرُ غير قانوني.
وأشار المحامون في تلخيصاتهم، إلى أن المعطيات والأرقام التي عرضتها الدولة أمام المحكمة، تؤكد بأن الكنيست وافقت على تعديل القانون دون الاستناد على حقائق ملموسة، فعلى سبيل المثال، ينص التعديل على أنّ الحد الأدنى لجيل المتقدمين بطلب للحصول على تصريح أقامة في إسرائيل، هو 35 عام للرجال و25 عام للنساء. فسرت الدولة من خلال ردودها للمحكمة، بأنها اعتمدت التقييد المذكور بناءً على "تورط أزواج فلسطينيين- دون السن المذكور أعلاه- في عمليات تم تنفيذها أو إحباطها". وتثير المعطيات التي قدمتها الدولة للمحكمة، الكثير من علامات الاستفهام، إذ يتضح منها، بأن الشرطة قامت بالتحقيق مع 25 شخص فقط من بين آلاف الحاصلين على مكانة في إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، من بينهم 24 رجل وامرأة واحدة، لم يتم الإفصاح بتاتاً عن الشبهات التي نسبت إليهم وعدد الذين قدمت بحقهم لوائح اتهام بعد انتهاء التحقيق معهم، وعدد الذين أدينوا في المحكمة من بينهم. في السنتين الأخيرتين، تمّ التحقيق مع أثنين فقط ممن حصلوا على مكانة في إسرائيل، الأمر الذي يتناقض وادعاء الدولة حول "تورط الحاصلين على مكانة قانونيّة في عمليّات إرهابيّة".
وبالنسبة للمعيار الذي يشترط أن تكون المرأة طالبة تصريح الإقامة، ما فوق جيل ألـ25، ادعى الملتمسون أنّ هذا الشرط لا يعتمد على أية حقائق تبرره، إذ أنّ الشرطة قامت بالتحقيق مع امرأة واحدة فقط من اللواتي حصلن على مكانة قانونية في إسرائيل. ولم تذكر الدولة في ردها، جيل المرأة المذكورة أو فيما أذا قُدمت لائحة اتهام بحقها. وعليه ادعى الملتمسون، أنّ الدولة تعاقب الفلسطينيين عقابًا جماعيًا، من دون الاستناد إلى حقائق، بل على تخمينات واهية لا أساس لها من الصحة.
وشدد الملتمسون، على أن الدولة امتنعت عن تقديم معطيات واضحة حول عدد طلبات لم الشمل التي قُدمت، حتى أنها ذكرت معطيات متضاربة في السابق تراوحت بين 21300 و 5400 طلب.
وأضاف الملتمسون بأنّ المعطيات المتضاربة، تؤكد عدم حيازة الدولة على معطيات حقيقيّة، وعلى تعاملها مع الأزواج الفلسطينيين على أنهم مجموعة من الإرهابيين. ولم تتوان الدولة عن استعمال هذه المعطيات، لسن قانون عنصري يسلب حقوقًا على أساس قومي وينتهك حقوق الإنسان الأساسيّة كالحق في الحياة الأسريّة والحق في الحريّة الشخصيّة، المساواة، الخصوصيّة والكرامة.
بناءً على ذلك، طالبت المؤسستان في نهاية تلخيصاتهما من المحكمة، إصدار أمر لإلغاء قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل.