هالة خوري-بشارات محاضرة في القانون الجنائي الدولي في كلية الحقوق في جامعة تل أبيب، في كلية الحقوق التابعة لمعهد الادارة، وعضو في ادارة عدالة
يتوجب
على منظمات حقوق الانسان مواصلة تقديم التماسات تتطرق للمناطق المحتلة الى
المحكمة العليا، اذا ما كانت تنوي مواصلة التوجه أيضًا الى قنوات أخرى
يوفرها القانون الدولي، لغرض النضال ضد الاعفاء من العقاب الذي تمنحه
اسرائيل والمطالبة بالعدل وتحمُّل المسؤولية الدولية.
لقد كان
للمحاكم الجنائية الدولية، التي أقيمت في السنوات الأخيرة لغرض عينيّ،
مساهمة كبيرة لصالح سلطة القانون. مع ذلك، فإن لهذه المحاكم صلاحيات
محدودة، زمنيًا ومكانيًا. علاوة على ذلك، فلا توجد للمحكمة الجنائية
الدولية (ICC) صلاحية للخوض في انتهاكات اسرائيلية للقانون الدولي
الانساني، لأن اسرائيل لم تقرّ معاهدة روما، ولأن احتمال بسط صلاحية
المقاضاة عليها بواسطة توجهات من قبل مجلس الأمن ليس واقعيًا. وعليه، فإن
الامكانية الوحيدة لتقديم دعاوى على المستوى الدولي، لغرض إجبار اسرائيل
على تحمُّل مسؤولية عن ممارساتها في المناطق المحتلة، هي بسط صلاحية
مقاضاة كونية.
فصلاحية المقاضاة الكونية هي مبدأ في القانون
الدولي، يمكّن محاكم الدول من بحث شكاوى تتعلق بجرائم دولية خطيرة، بغضّ
النظر عن مكان اقترافها، الهوية القومية للمجرم والضحية او أية علاقة أخرى
بين الحدث وبين الدولة التي قُدّمت الدعوى فيها. وعليه، فإن هذه وسيلة
هامة جدًا لغرض محاكمة أشخاص اقترفوا جرائم خطيرة، كانوا سيتملّصون بدونها
من نيل عقوبة على أفعالهم. وعلى الرغم من ذلك، فقبل أن تقوم منظمات حقوق
الانسان باستخدام هذه الأداة، يتوجب عليها استنفاد أشكال المعالجات التي
يمكنها تلقيها في المحاكم الاسرائيلية. فوفقًا للقانون الدولي، يجب منح
الدول فرصة لبحث الموبقات المنسوبة اليها أو الى أشخاص يعملون بتفويض
منها، داخل جهاز القضاء المحلي. علاوة على ذلك، فلغرض ضمان تفعيل صلاحية
المقاضاة الكونية كأداة تدفع العدل قدمًا، ولا تُستغَلّ لتقديم دعاوى
بدوافع سياسية، يتوجب على الدولة المعنية بتطبيق صلاحية المقاضاة الكونية
أن تمنح دولة المتهم إمكانية مقاضاته أولاً. لذلك، من خلال مواصلة تقديم
التماسات للمحكمة العليا، توفر منظمات حقوق الانسان هذا الضمان.
.
|