دافنا غولان كلية الحقوق، الجامعة العبرية، القدس
في
أواخر فترة الأبرتهايد، سألني قاضي من جنوب أفريقيا، لماذا، في المؤتمرات
الأكاديمية الدولية في أوروبا أو في الولايات المتحدة، يبذل المشاركون
جهدًا عظيمًا من أجل عدم الجلوس إلى جانبه أو إلى جانب زملائه من جنوب
أفريقيا، بينما يُحاط القضاة الإسرائيليين بمزيد من الإعجاب والاحترام. ترتبط
مسألة التوجه للمحكمة العليا بمسألة مكانة القضاة الإسرائيليين في المجتمع
القانوني الدولي، وفي السبل التي يمكن مواجهة هؤلاء القضاة مع المعاني
التي تحملها قراراتهم. مع ذلك، أعتقد أنّه من الجدير توسيع النقاش على
ثلاثة مستويات.
بدايةً، يجب التأكد من أنّ جميع البدائل للتوجه
للمحكمة العليا قد فُحصت. في جنوب أفريقيا، توجهت مؤسسات حقوق الإنسان
للمحكمة على مدار فترة الأبرتهايد لأنّهم آمنوا أنّه من الممكن إيجاد
ثغرات حتى في قوانين الأبرتهايد والجهاز القضائي المميز.
ووفق
الإستراتيجية التي أُطلق عليها اسم "الملف الخاسر" (the loosing case"")،
قدّمت مؤسسات حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا آلاف الالتماسات باسم سود تم
توقيفهم في "المدن البيضاء" بسبب عدم حيازتهم على تصريح انتقال
مناسب("pass book"). بعد سنوات من رفض هذه الالتماسات، صدر قرار ذو طابع
"تقني"، اعترف بالتضارب بين قانونين يتعلقان في حق السود في السكن في
"المدن البيضاء"، وانهارت مجموعة القوانين التي سيطرت على تنقل السود،
وكانت أحد أسس الاضطهاد في الأبرتهايد. هل يمكننا القول أن قرارات المحكمة العليا لن تؤدي إلى تغيير مهم بشكل مؤكد؟
ثانيًا،
من الجدير أن يتم توسيع هذا النقاش ليشمل استراتيجيات بديلة. في جنوب
أفريقيا، كان التوجه للمحكمة إستراتيجية من مجموعة إستراتيجيات، أما في
إسرائيل فالتوجه إلى المحكمة هو الإستراتيجية الأساسية لمؤسسات حقوق
الإنسان. السؤال إذًا هو متى وفي أي ظروف يجب التوجه للعليا، وما هي
الاستراتيجيات البديلة التي يجب تطويرها.
ختامًا، يجب أن لا يتم
تقييد النقاش في مسألة التوجه للعليا في قضايا الاحتلال فقط، لأنّ في هذا
افتراض مبطن بأنّ هنالك فرق بين الأراضي المحتلة وبين إسرائيل. إنّ هذا
التمييز، حتى إن كان ظاهر في مئات القوانين والتعليمات العسكرية
والقرارات، هو خيالي ويناقض أسس حقوق الإنسان.
|