جورج بشارات بروفيسور في القانون، جامعة كاليفورنيا، كلية هاستينجس للقانون
ما
من شكّ في أن قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، في أعقاب احتلال إسرائيل
للضفّة الغربية وقطاع غزّة (إضافة إلى شبه جزيرة سيناء والجولان) في العام
1967، الذي يتلخّص بقبول التماسات سكّان الأراضي المحتلّة، قد لاقى
استحسان العديد من المراقبين الليبراليين، داخل إسرائيل وخارجها. ولكن مع
انقضاء أربعين عامًا على هذا الاحتلال، فإن جميع الجهود التي تبذلها
المحكمة الإسرائيلية العليا لتجميل الوحشية الواضحة للاحتلال العسكري
والواقع الكولونيالي وتجريدهما للصفات الإنسانية عن سكّان المناطق
المحتلّة أقرب ما تكون إلى وضع أحمر الشفاه على وجه الخنزير.
في
حقيقة الأمر، لطالما كانت المقاضاة إحدى السبل المركزية التي من خلالها
وقفنا عند التعقيدات التي تغلّف الاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيّين في
الأراضي المحتلّة. من طرف المشاهد متقد الذهن والنقدي، فإن سجلّ المحكمة
العليا الطويل جدًّا حول تعاطيها مع هذا الاضطهاد يحطّ من مكانتها الرفيعة
ولا يعزّزها.
وبناء عليه على ما تقدّم، اعتقد أنه من الضروري جدًّا
أن يستمر الناشطون في مجال حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي المحتلّة
بوضع تحدّيات أمام المحكمة العليا لفضح تلاعبها بالقانون ووضعها أمام
خيارات سياسية واضحة. ولبلوغ ذلك هنالك حاجة للبحث عن مصادر للدعم، حيث
يتعيّن على هذه الفئة من الناشطين التنسيق فيما بينهم للخروج بحملة بين
الأكاديميّين وخبراء بالقانون من خارج إسرائيل وتكثيف الجهود للضغط
جماهيريًّا وتحدّي قرارات المحكمة، ومواجهة عدلها، وتوفير بيانات وشهادات
قضائية لخبراء بالقانون في قضايا عينية، ونشر مقالات قانونية نقدية، وما
إلى ذلك من أدوات. ليس من شأن مثل هذا الضغط أن يزيد من عدد القرارات
العادلة للمحكمة العليا ولكن من شأنه بالضرورة أن يزيد من قلق النخبة
القضائية في إسرائيل. نهاية، ربما من شأن مثل هذا الوعي للتناقضات أن يلزم
أعضاء النخبة القضائية في إسرائيل الشروع في إعادة النظر مجدّدًا في القيم
الصهيونية.
.
|