قدّم عدالة في 1 شباط 2007 تقريرًا إلى لجنة الأمم المتحدة بشأن إزالة التمييز العنصري ("اللجنة")، التي ستبتّ في امتثال إسرائيل إلى المعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري (ICERD) في جنيف في 22-23 شباط 2007. ويوفر تقرير عدالة للجنة معلومات تمثّل ردًا على الأسئلة الانتقادية جدًا التي طرحتها اللجنة على إسرائيل في تمّوز من العام 2006. وكانت أسئلة اللجنة قد أشارت إلى عدد من القضايا التي أثارها عدالة في تقريره الأوّلي إلى اللجنة حول انتهاكات إسرائيل للمعاهدة ضد العرب المواطنين في إسرائيل، الذي قُدم في كانون الأول العام 2005.
وكانت المعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري (1966) إحدى أولى معاهدات حقوق الإنسان التي تبنّتها الأمم المتحدة. وهنالك 173 دولة طرف في المعاهدة، بما فيها إسرائيل، التي صادقت عليها في العام 1979. وتُلزم هذه المعاهدة الدول الأطراف بتعديل أو إلغاء القوانين والسياسات الوطنية التي من شأنها أن تخلق أو تؤبّد أيّ شكل من أشكال التمييز العنصري، وهي تهدف، ضمن أمور أخرى، إلى تعزيز المساواة العرقيّة.
وتعمل اللجنة على رصد امتثال الدول الأطراف للمعاهدة الدوليّة بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري. وتتكوّن هذه اللجنة من ثمانية عشر خبيرًا مستقلاً، من بينهم أساتذة في القانون، وزراء وقضاة سابقون. إنّ جميع الدول الأطراف ملزمة بتقديم تقرير منتظم للجنة حول كيفيّة تطبيقها لالتزاماتها بموجب هذه المعاهدة. وقدّمت إسرائيل تقريرها الأخير إلى اللجنة في أيار من العام 2005. وستبتّ اللجنة لاحقًا هذا الشهر في ملف إسرائيل في جلستها التي ستعقد في جنيف، وستصدر بعدها تعليقاتها وتوصياتها.
ومن خلال الرد على أسئلة اللجنة، تتضمن معطيات عدالة الرئيسية ما يلي:
1. الحقوق في الأرض والمسكن: طلبت اللجنة المزيد من المعلومات حول المنظمة الصهيونية العالمية، الوكالة الصهيونية، وصندوق أراضي إسرائيل، وحول ما إذا كانت هذه الهيئات ملزمة بفقرات عدم التمييز في عملها. وحاجج عدالة بأنّ إسرائيل تمارس سياسات أراضٍ وإسكان تميّز ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، من خلال انتهاك التزاماتها بموجب المعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري، وذلك عن طريق سنّ قوانين وإبرام إتفاقيّات مع مؤسّسات تهدف، بوضوح، إلى مساعدة الشعب اليهودي فقط. وسلّط عدالة الضوء على سياسة دائرة أراضي إسرائيل التي تتيح، عمليًا، تسويق وتخصيص أراض يمتلكها الصندوق القومي اليهودي عن طريق دائرة أراضي إسرائيل ومن خلال عروض مفتوحة لليهود فقط، والتماس عدالة إلى المحكمة العليا الذي يطالب فيه بإلغاء هذه السياسية التمييزية.
2. مخصّصات للخدمة العسكرية: سألت اللجنة إسرائيل ما إذا كانت الخدمة العسكرية شرطًا للاستفادة من خدمات عامة مختلفة، وكيف يمكن أن تتوافق مثل هذه السياسة مع المعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري، إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ معظم العرب في إسرائيل لا يؤدّون الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. وحاجج عدالة بأنه نظرًا لكون أغلبية الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل معفيون من الخدمة العسكرية وهم لا يؤدونها، فإنّ من شأن استخدام الدولة لمعيار الخدمة العسكرية أنّ يميّز ضدهم، وهو ما يشكّل انتهاكًا للمعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري. إنّ موقف عدالة هو أنه يجب على قانون استيعاب الجنود المسرّحين (1994)، الذي يدرّج جميع المعونات الاجتماعية والاقتصادية السخيّة التي تحقّ للجنود السابقين، أن يحول دون منح مخصّصات إضافية للخدمة العسكرية. وناقش عدالة ثلاث قضايا أخيرة أدّى استخدام هذا المعيار فيها إلى تمييز فظّ ضدّ مواطنين عرب في منح تخفيض بنسبة 90% على تعاقدات استئجار الأراضي في النقب؛ دعم هائل من قبل الدولة لقروض الإسكان؛ ومساكن الطلبة في جامعة حيفا، والتي تخصّص جميعًا للذين أدّوا الخدمة العسكرية.
3. القانون الجديد الخاص بالإجراءات الجنائية القاسية بحقّ المعتقلين المشتبه بهم بارتكاب جرائم أمنية: ردًا على استفسار اللجنة حول هذا القانون، أشار عدالة إلى أن هذا القانون يفتقر إلى وسائل وقائية إجرائية أساسية، مثل الحرمان المطوّل من المثول أمام قاضٍ، حجز انفرادي طويل، الحرمان لمدة طويلة من إمكانية الوصول إلى مستشار قانونيّ والحجز لمدة طويلة قبل تقديم لائحة اتهام. إن هذا القانون هو تمييزيّ، إذ إنه يفرض إجراءات جنائية قاسية على المعتقلين المصنفين بأنّهم "مشتبهون أمنيون"، إذ إنّ أكثرية الأفراد الذين يخضعون لهذا القانون هم فلسطينيون من المناطق الفلسطينية المحتلة: ووفقًا لإحصاءات تمّ الحصول عليها من خدمات السجون الإسرائيلية، حتى 6 تشرين الثاني 2006، بلغ عدد اليهود الذين هم "سجناء أمنيون" 12 فقط، وذلك من أصل ما مجموعه 9,498 "سجينًا أمنيًّا".
4. القتل في أكتوبر 2000: طلبت اللجنة تعليقات من إسرائيل حول عدد الشكاوى الكبير الذي قدّمه مواطنون عرب ضد الشرطة والتي لا يتمّ التحقيق فيها أو أنه يُحقق فيها على نحو خاطئ، وكذلك انعدام استقلالية وحدة التحقيق مع الشرطة، ("ماحاش"). كما سألت اللجنة ما إذا تمت مقاضاة الأشخاص المسؤولين عن قتل المواطنين في أكتوبر 2000 وإصدار حكم بشأنهم. وحاجج عدالة بأن قضية أكتوبر 2000 هي بمثابة مثالٍ على إخفاق "ماحاش" المؤسّسي والمنهجيّ في التحقيق بنجاعة في وحشية وسوء تصرّف الشرطة ضد المواطنين الفلسطينيين. ولم يتمّ تقديم لوائح اتهام حتى الآن ضدّ أيّ من أفراد الشرطة أو قادتها المسؤولين عن قتل 13 مواطنًا فلسطينيًا وجرح مئات آخرين كانت الشرطة قد أطلقت النار عليهم خلال مظاهرات أكتوبر 2000 الاحتجاجية. وطالب تقرير عدالة، "المتهمون"، الصادر في أكتوبر 2006، بالتحقيق مع "ماحاش" لإنتهاك للأمانة العامة والمسّ بالثقة العامة، ووقف المسؤولين عن إخفاقات "ماحش" عن العمل فورًا، وعلى رأسهم عيران شندر، مدير "ماحاش" في العام 2000، وهو يشغل الآن منصب المدّعي العام في إسرائيل.
5. قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (أمر مؤقّت) (2003): سألت اللجنة حول قرار المحكمة العليا الصادر في 14 أيار من العام 2006 والذي يدعم القانون، ومدى أخذ المحكمة بعين الاعتبار المعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري وقرارين أصدرتهما اللجنة في 2003 و 2004 مطالبة فيهما إسرائيل بإلغاء القانون. وشدّد عدالة على أنّه من خلال دعم هذا القانون العنصري التمييزي، الذي يحظر لمّ شمل العائلات الفلسطينية في إسرائيل، أخفقت المحكمة في حماية حقوق الأفراد الأساسية في الحياة العائلية، المساواة، الكرامة والخصوصيّة، التي تمنحها المعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري، كما أنّه تجاهل قرارات اللجنة. وحاجج عدالة، أيضًا، بأن التعديلات المقترحة على القانون، والتي ستؤدّي إلى توسيع رقعة التقييدات التي يفرضها على لمّ شمل العائلات لتضمّ حظرًا على لمّ شمل الزوج/الزوجة من "دولة معادية"، تنتهك هي الأخرى المعاهدة الدولية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز العنصري. وبالفعل، لا يوجد في العالم أي دولة ديمقراطية أو غير ديمقراطية تقيّد قوانينها حقّ المواطنين في حياة عائلية على أساس الانتماء الإثنيّ. كذلك، وفّر عدالة معلومات بشأن إبطال مكانة الإقامة الدائمة الخاصة بالقدس الشرقية لثلاثة أعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني ولوزير شؤون القدس الفلسطيني التابعين لحماس عبر أمر صادر عن وزير الداخلية الإسرائيلي. وحاجج عدالة بأنّ هذا الإلغاء هو بمثابة ترحيل غير قانونيّ بموجب معاهدات جنيف.
6. عدم المساواة في تمويل الدولة للمدن والقرى العربية وانعدام مشاركة المواطنين العرب في عمليّات التخطيط: سألت اللجنة ما إذا كانت القرى اليهودية والعربية تتلقى تمويلاً حكوميًا متساويًا، واستفسرت حول الإجراءات المتّخذة من أجل ضمان وضع الخرائط الهيكلية المتعلّقة بالمدن العربية بمشاركة كاملة ومتساوية من جانب المواطنين العرب، وكذلك حول نسبة الأعضاء العرب في لجان التخطيط. ووفّر عدالة معلومات حول التمويل التمييزي للبلديات والمجالس المحلية العربية عن طريق "منح موازنة الميزانية،" التي طعن بها عدالة أمام المحكمة العليا، والتي تلقت بحسبها المدن اليهودية نسبة تزيد بـ 59% للشخص الواحد عما تلقته نظيراتها العربية في العام 2003، على الرغم من أنه يتم تدريج المدن والقرى العربية بشكل دائم في أماكن أكثر تدنيًا في جميع الجداول الاجتماعية - الاقتصادية. كما حاجج عدالة بأن هنالك قلة قليلة تقوم بتمثيل المواطنين العرب في عمليات التخطيط، حيث يوجد هنالك عضوان عربيان فقط من أصل 32 عضوًا في المجلس القطري للتخطيط والبناء. وعلى الرغم من وجود بعض التمثيل للعرب على المستويات المحلية، وإذا أخذنا بالاعتبار أن عمليات التخطيط الإسرائيلية هي مركزية وهرمية إلى حد كبير، وأن هناك قلة تقوم بتمثيل المواطنين العرب في الحكومة المركزية، إلا أنّه يتمّ إقصاؤهم إلى حدّ كبير عن العملية.
7. تشريد وطرد البدو العرب المواطنين في إسرائيل من القرى غير المعترف بها في النقب: سألت اللجنة لماذا قرّرت إسرائيل إعادة توطين سكّان القرى غير المعترف بها بدلاً من الاعتراف بتلك القرى. كذلك استفسرت حول معايير الاعتراف بموقع سكني وما إذا كانت تُطبق هذه المعايير بشكل متساوٍ على جميع المجموعات السكانية. لقد فصّل عدالة الوسائل التي تستخدمها الدولة بغية تشريد وطرد السكان الذين يعيشون في القرى غير المعترف بها، بما في ذلك حرمانهم من الخدمات الأساسيّة، ومن ضمن ذلك الماء، وإصدار أوامر هدم للمنازل في العديد من الحالات من دون منحهم الحقّ بأن يُسمعوا ادعاءاتهم. بالإضافة إلى ذلك، فصّل عدالة فقرات "الخطّة 2015 الخاصة بالنقب،" والتي تميّز ضد العرب البدو مواطني النقب في مجالات الإسكان، التطوير الاقتصادي والتعليم. إنّ أحد أهداف الخطّة الرئيسية، التي خصّصت لها إسرائيل مبلغ 17 مليار شيكل (4 مليارات دولار)، هو إخلاء القرى غير المعترف بها. كما تخفق الخطّة في توفير الاحتياجات الاقتصادية، الاجتماعية والسكنية للبدو العرب في النقب من خلال شحّ التمويل المخصّص لتطوّرهم.
8. التمييز في تخصيص موارد الدولة للطلاب العرب وفي إمكانية الوصول إلى التعليم العالي: طلبت اللجنة معلومات حول الموارد التي تخصّصها وزارة التربية والتعليم لكلّ طالب عربيّ مقارنةً بكلّ طالب يهوديّ. كما طلبت تعليقًا على ما إذا كان امتحان البسيخومتري يميّز بشكل غير مباشر ضدّ الطلاب العرب في وصولهم إلى التعليم العالي. وكان قد فصّل تقديم عدالة الأوّلي التمييز الفظّ ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل في تخصيص الموارد التعليمية والأثر التمييزي لامتحانات البسيخومتري. وحاجج عدالة في هذا السياق بأنّ التغييرات الأخيرة التي أجريت على عمليّة القبول في كليّة الطبّ في الجامعة العبرية أدّت إلى هبوط شديد في عدد الطلاب العرب في كليّة الطب. وتضمّنت هذه التغييرات إدخال مقابلة شخصية مع المرشّحين، الأمر الذي يضع المرشّحين العرب في وضع غير مؤاتٍ من ناحية ثقافية ولغويّة.
9. التمييز في دعم الدولة للمؤسّسات الثقافية العربية: طلبت اللجنة تعليقات حول كون العديد من القوانين تقيم مؤسّسات ثقافية يهودية، بيد أن أيًا منها لا تقيم مراكز مشابهة للمواطنين العرب. ثبّت عدالة هذه المعلومات، وقدّم للجنة قائمة محدّدة بالقوانين التي تصون وتعزّز الثقافة والتاريخ اليهوديين.
10. عدم الاعتراف بالأماكن الإسلاميّة المقدّسة في إسرائيل: طلبت اللجنة المزيد من المعلومات حول القضيّة التي يتم البتّ فيها في المحكمة العليا فيما يتعلّق بحماية الأماكن المقدّسة، وما إذا تمّ الإعلان عن أنظمة تتعلّق بالأماكن المقدّسة للسكّان اليهود وغير اليهود على حدّ سواء، وتعليقات حول المعلومات التي تفيد بأنه تم حتى الآن الإعلان عن نحو 120 مكانًا يهوديًّا بأنّها أماكن مقدّسة. وأبلغ عدالة اللجنة بأنّ جلسة الاستماع الأوليّة بالنسبة لالتماسه للمحكمة العليا، الذي يطلب من خلاله إلزام إسرائيل بإصدار أنظمة لحماية المواقع الإسلامية المقدّسة، مخطّط لها في أيار العام 2007، بعد تأجيلات عدة من قبل الدولة والمحكمة. وأعلن عدالة، أيضًا، أنه يوجد حاليًا 135 مكانًا مقدسًا رسميًا، جميعها يهودية.
تتضمّن المعلومات الإضافية التي قدّمها عدالة لعناية اللجنة: مباغتة مؤسّسة "أنصار السّجين" وإغلاقها بواسطة أمر صادر عن وزير الدفاع، الحالات الأخيرة من عمليات التفتيش العنصرية التي يتعرّض لها العرب المواطنون في إسرائيل في المطارات وفي الجامعة العبريّة؛ وحظر السفر المفروض على المؤلّف والناقد الأدبيّ المعروف، أنطوان شلحت، الذي يستند حصريًا إلى "دليل أمني".