المحامي حسن جبارين، المدير العام لمركز "عدالة": نشعر بالرضا من صدور هذا القرار الذي يبطل قانوناً عنصرياً لا يوجد له مثيل في أي دولة في العالم. ومع ذلك، نتوقع أن تثار مصاعب قضائية في المستقبل تتصل بنطاق التعريف القضائي لـ"عملية إقتتالية".
بتركيبة مؤلفة من 9 قضاة، قررت المحكمة العليا، اليوم، الثلاثاء، الثاني عشر من تشرين الثاني/ديسمبر 2006، إبطال قانون الكنيست الذي يمنع الفلسطينيين، من سكان الأراضي المحتلة، من تقديم دعاوى أضرار ضد قوات الأمن الإسرائيلية، حتى في الحالات التي نجمت فيها الأضرار في أعقاب عملية لا تعرف بأنها "عملية إقتتالة".
ويبطل قرار العليا البند 5جـ من تعديل قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) (تعديل رقم 7) من العام 2005، والذي يعفي دولة إسرائيل من المسؤولية عن الأضرار، بشأن أي ضرر يقع في منطقة تعرف بأنها منطقة مواجهة في الأراضي المحتلة.
وقرر رئيس المحكمة العليا المتقاعد، القاضي أهارون براك، والذي انضم إلى موقفه باقي القضاة في التركيبة القضائية، أن هذا البند "ينفي المسؤولية عن الأضرار، عن كل ضرر ينجم في منطقة مواجهة من قبل قوات الأمن، وحتى العمليات التي لم تنفذ في إطار عملية إقتتالية لقوات الأمن. وتوسيع نطاق عدم مسؤولية الدولة غير دستوري.. وهو يعفي الدولة من إيقاع أضرار لا علاقة لها البتة مع العمليات الاقتتالية، مهما كان تعريفها واسعاً". ولذلك قررت المحكمة العليا أن هذا البند، الذي يشكل القضية المركزية في الإلتماس، هو غير قانوني لكونه يمس بالحقوق الدستورية في الحياة والكرامة والحرية والملكية.
ومع ذلك، فقد رفضت المحكمة العليا الالتماسات التي تتصل بالبند 5 ب من تعديل القانون المذكور، والذي يعفي الدولة من دفع تعويضات لـ"عضو في منظمة إرهابية" أو "مواطن دولة عدو"، باعتبار أن الملتمسين لم يقدموا حالات عينية تؤكد سريان مفعول هذا البند. وبالرغم من ذلك، فقد قررت المحكمة العليا أن المحاكم الاسرائيلية ستمنح في المستقبل صلاحية مناقشة قانونية هذا البند عندما تقدم أمامها دعاوى منفردة بهذا الشأن.
وكان قد تم تقديم الإلتماس في شهر أيلول/سبتمبر 2005، من قبل مركز "عدالة" و"المركز لحماية الفرد" و"جمعية حقوق المواطن" و"الحق- القانون في خدمة الإنسان" من الضفة الغربية، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من غزة، وذلك عن طريق المحامي حسن جبارين وأورنا كوهين من مركز "عدالة"، والمحامي يوسي وولفسون و غيل غان-مور من المركز لحماية الفرد، والمحامي دان يكير من جمعية حقوق المواطن. وقال المحامي حسن جبارين، المدير العام لمركز "عدالة" في أعقاب القرار:" نشعر بالرضا من القرار الذي يبطل قانوناً عنصرياً لا يوجد له مثيل في أي دولة في العالم. ومع ذلك فمن المتوقع أن تثور مصاعب قضائية تتصل بنطاق التعريف القضائي لـ"عملية اقتتالية".
إنّ جوهر تعديل قانون الأضرار المدنية، الذي تمّ إقراره في الكنيست قبل حوالي السنة والنصف، هو سلب سكان المناطق المحتلة، رعايا "الدول المعادية" وناشطي "منظمات المخربين"، حق نيل تعويضات مقابل أضرار تسببت بها قوى الأمن. فالقانون المعدّل يخوّل وزير الأمن بالإعلان عن كلّ منطقة خارج حدود الدولة كـ"منطقة مواجهة"، حتى لو لم يجرِ فيها أيّ قتال، وهو إعلان من شأنه سلب كلّ من تضرّر في تلك المنطقة من الحقّ في مطالبة المحكمة بالتعويض عن ضرر لحق به. وعدا ذلك، فإنّ القانون يسري بأثر رجعي على أضرار وقعت ابتداءً من تاريخ 29.9.2006، وعلى شكاوى لا تزال عالقة أمام المحاكم.
وقد ادعى الملتمسون امام المحكمة العليا أنّ الحديث يدور عن قانون ينتهك، بفظاظة، مبادئ القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان الدولي، التي تسري على المناطق المحتلّة، ويمسّ بحقوقٍ أساس، بما يتناقض مع قانون أساس: كرامة الإنسان وحرّيته. وبناءً عليه، كما ادّعت التنظيمات، فهو غير دستوري. فهذا القانون، كما ورد أيضًا، يطلق رسالة قيميًّة خطيرة ومتطرفة، مفادها أنه لا قيمة لحياة وحقوق المتضررين سكان الاراضي المحتلة، لأنّ المحكمة لا توفّر لهم أيّ علاج، ولأنّ من يتسبّب لهم بالضرر معفيّ من كلّ شيء. فالحديث، بناء على ما تقدّم، يدور حول قانون غير أخلاقيّ وعنصريّ. وأوامر هذا القانون، كما ادّعى الملتمسون، تلغي، قولاً وفعلاً، الرّقابة على ممارسات الجيش في المناطق المحتلة. وهي تحضّ على عدم إجراء تحقيقات وعدم محاكمة المسؤولين عن حالات الموت والإصابة، التي تسبّب بها إطلاق النار المستهتر أو المتعمّد، التنكيل والتعذيب، النهب وتدمير الممتلكات المدنية. وعليه، فإنّ القانون يمسّ بالحقوق الأساس في الحياة، سلامة الجسد، المساواة والكرامة، الملكيّة، وفي الحقّ في الوصول الى المحاكم. وأكّد الالتماس أنّ المسّ يزداد خطورةً لأنّه يلغي بشكل جارف توفير علاج مقابل المسّ بالحقوق الأساس، وهو إلغاء يماثل إلغاء الحقوق نفسها.