أصدرت المحكمة العليا يوم الاثنين (20.8.2007) أمرًُاً مشروطًًا في الالتماس الذي قدمّه رجال دين مسلمين مع عدالة في تشرين الثاني 2004 والذي طالب بإجبار وزير الأديان على سن أنظمة خاصّة للحفاظ على الأماكن المقدسّة للمسلمين في اسرائيل، وذلك بعد التفاوض مع رجال دين مسلمين، كما فعل مع الأماكن المقدسّة اليهوديّة. ووفقًا للأمر المشروط على الدولة تقديم تسويغاتها، خلال 45 يومًا من استلام الأمر، لعدم سن الأنظمة للحفاظ على الأماكن المقدسة بحسب البند 4 من قانون الحفاظ على الأماكن المقدسّة في إسرائيل من العام 1967.
وقدم الالتماس المحامي عادل بدير من عدالة بإسم المركز وبإسم الشيخ عبدالله نمر درويش والشيخ كامل ريان والشيخ ابراهيم صرصور والسيد عبد المالك دهامشة وجمعية الأقصى لرعاية الأوقاف الإسلامية.
ادعت الدولة في جلسة المحكمة التي عقدت في تموز 2007، أنّه لا حاجة لسن أنظمة للحفاظ على الأمكان المقدسّة الاسلامية، وأعلنت عن استعدادها لتخصيص ميزانية قدرها 2 مليون شيكل للحفاظ على الاماكن المقدسة للمسلمين. وأضافت أنّ هدف الملتمسين هو إحراز إنجاز رمزي وهو الاعتراف بوجود أماكن مقدسة للمسلمين، ولكن لا حاجة لذلك ما دامت الدولة مستعدة لتخصيص ميزانية للحفاظ على الأماكن المقدسة.
من جهته ادعى المحامي بدير من عدالة، أنّ الميزانية التي تتحدث عنها الدولة بالكاد تكفي للحفاظ على مكان مقدّس واحد أو صيانته. وأضاف المحامي بدير أنّ على الدولة تطبيق القانون وسن الأنظمة للحفاظ على الأماكن المقدسة للمسلمين وذلك بعد التشاور مع رجال دين مسلمين.
سن قانون المحافظة على الأماكن المقدسة في العام 1967، وكان الهدف من ورائه المحافظة على الأماكن المقدسة من التدنيس، ومن أي شيء من الممكن أن يمنع أبناء الطوائف الدينية من الوصول إلى هذه الأماكن أو يمس بمشاعرهم. وورد في البند 4 للقانون، أن "وزير الأديان هو المسؤول عن تنفيذ القانون وهو المخول، بعد مشاورة المتدينين أو وفقًا لنصيحتهم، وبموافقة وزير القضاء، بسن أنظمة لكي يتم تنفيذ القانون". وقد استعمل الوزير صلاحيته وسن أنظمة تخص الأماكن اليهودية فقط. وعرفت الأنظمة التي سنها الوزير ما هي "الأماكن المقدسة" اليهودية وعددتها، وعددت الأنظمة الأعمال الممنوعة في هذه الاماكن، إلى جانب العقاب الذي ينزل بمن يخالف هذه الأنظمة.
وادعى المحامي بدير في الإلتماس، أنه بالرغم من شمولية القانون، استعمل وزير الأديان صلاحيته بشكل مميز عندما سن أنظمة تخص الأماكن المقدسة اليهودية فقط، إذ أنّ انعدام أنظمة للمحافظة على الأماكن المقدسة الإسلامية أدى إلى إهمالها وتدنيسها، فالكثير من المساجد والأماكن المقدسة تحولت لبارات ليلية وأماكن تجارية وما إلى ذلك.
وجاء في الالتماس أن عدم ضم الأماكن المقدسة الإسلامية يتناقض مع جوهر القانون ويمس في مبدأ سلطة القانون وفي مبدأ المساواة ويناقض أسس القانون الإداري التي تنص على واجب الوزير باستعمال صلاحياته بشكل نزيه ومعقول ومن دون عشوائية وتمييز.
يذكر، أن عدم الإعتراف بالأمكان المقدسة الإسلامية هو تجاهل غير مبرر للأهمية الدينية والتاريخية لهذه الأماكن، الأمر الذي يمس بكرامة ومشاعر المسلمين. ويجدر بالذكر أن قسم من هذه الأماكن مقدس ليس فقط بالنسبة للمسلمين في البلاد، وإنما بالنسبة لملايين المسلمين في الخارج. ومن الأماكن المقدسة التي ذكرت في الإلتماس: مسجد الغابسية ومسجد قيسارية ومسجد عين هود ومسجد حطين ومسجد الحمة والمسجد الكبير في بئر السبع ومقام سيدنا علي ومقام النبي روبين وألخ.
يذكر أن القانون الجنائي (1977) يمنع المس بالأماكن المقدسة ويحدد عقاب جنائي لمن دنس مكانًا مقدسًًا؛ كذلك قانون المحافظة على الأماكن المقدسة. وعليه، جاء في الإلتماس أن انعدام أنظمة تخص الأماكن المقدسة الإسلامية يجذر التمييز المستمر بالنسبة لهذه الأماكن، وأن عدم سن الأنظمة أدى إلى التمييز قي قضية تنفيذ البند الخاص بالميزانيات للأماكن المقدسة، إذ أن الوزير يخصص بنودًًا في الميزانية للأماكن المقدسة اليهودية فقط، مدعيًًا أنه لا توجد أنظمة تخص الأماكن المقدسة الإسلامية. وهكذا فإن التمييز القائم في عدم سن بنود للحفاظ على الأماكن المقدسة الإسلامية أدى إلى تمييز في مجالات أخرى.
في العام 1995 توجه المستشار القانوني للحكومة لرئيس الحكومة برسالة متطرقًا فيها إلى عدم المساواة في الميزانيات المخصصة للمواطنين المسلمين والمسيحيين والدروز. وأوصى المستشار القانوني بالعمل على تصحيح هذا الوضع. ووضح المستشار القانوني للحكومة أن الميزانيات المخصصة للمواطنين العرب ضئيلة جدًا بالنسبة لنسبتهم من كل مواطني الدولة.
وقد طرح موضوع الأماكن المقدسة للطوائف العربية في الحكومة. وأقامت اللجنة الوزارية لجنة خاصة لفحص وضع الأماكن المقدسة العربية. وتقرر أن يشارك في هذه اللجنة ممثلون عن وزارة الأديان ووزارة الموارد القومية ودائرة أراضي إسرائيل والشيخ كامل ريان كممثل عن اللجنة القطرية للسلطات المحلية. وألقيت على هذه اللجنة مسؤولية تحضير برنامج لمعالجة قضية الأماكن المقدسة غير اليهودية المهجورة. كما جاء أن على اللجنة تحضير قائمة بهذه الأماكن وسلم أولويات لتنفيذ القرارات. هذه اللجنة أنهت عملها في العام 2000 وقد وجدت أن هناك 53 مكان مقدس إسلامي مهجور و58 مقبرة مهجورة، إلا أن الوزارة لم تقم بتنفيذ التوصيات.
كما ذكر المحامي بدير في الإلتماس أن رئيس محكمة الإستئناف الشرعية، سماحة القاضي أحمد ناطور، توجه مرارًا للجهات الحكومية، محذرًًا من وضع الأماكن المقدسة الإسلامية، خاصةَ في المدن المختلطة وفي القرى التي لا يسكنها مسلمون. وفي توجه من يوم 22.3.1993 لرئيس الحكومة اَنذاك ووزير الأديان، استعرض القاضي وضع الأماكن المقدسة المزري:
"العديد من المقابر في المدن المختلطة والقرى العربية حتى 48، نقلت لسلطات حكومية ومحلية، مثل سلطة التطوير، شركات تطوير المدن المختلطة حلميش وألخ. هذه السلطات تؤجر الأراضي الكائنة عليها أماكن مقدسة لجهات رسمية ومنها إلى أفراد الذين يستعملون المباني ويدنسون قدسية الأماكن. على سبيل المثال: مسجد قيساريا الذي أجر ويستعمل الاَن مطعماً وبارًا، مسجد سكسيك في يافا يستعمل اليوم كمرقص ليلي وألخ..".
في نهاية الرسالة، طالب القاضي ناطور بالإلتزام بقانون المحافظة على الأماكن المقدسة، وإرشاد الموظفين والمسؤولين معاقبة من يخالف القانون. كما طالب وزير الأديان بسن أنظمة للمحافظة على الأمكان المقدسة الإسلامية حتى يضع حداً لتدنيس هذه الأماكن.
مستندات قانونيّة متعلقة (باللغة العبريّة)