قدم مركز عدالة يوم الخميس، 26.8.2004، ورقة الى اللجنة المعينة لاقتراح اصلاحات في دائرة أراضي إسرائيل، فصل فيها موقفه الأولي من أمرين أساسيين: الأول هو أهداف دائرة أراضي إسرائيل والثاني هو فصل "الكيرن كييمت" عن دائرة أراضي إسرائيل. وكتبتا الورقة المقدمة للجنة المحامية سهاد بشارة من عدالة ومخططة المدن والمناطق في عدالة هناء حمدان.
وتطرقت الورقة التي قدمت للجنة إلى أهداف دائرة أراضي إسرائيل وسياستها اتجاه المواطنين العرب بكل ما يخص توزيع الأراضي والتطوير. وجاء في هذا الصدد أن دائرة أراضي إسرائيل، التي تدير اليوم ما يقارب 93% من أراضي الدولة، تتبع سياسة مميزة ضد المواطنين العرب بكل ما يخص توزيع الأراضي ولا تتبع مبدأ المساواة في عملها. إضافة الى ذلك, وضحت الورقة ان دائرة أراضي إسرائيل اتبعت حتى اليوم سياسة توزيع موارد بشكل فئوي ولصالح الأغلبية اليهودية في الدولة. وادعى مركز عدالة أن لهذا الأمر إسقاطات سلبية نظراً لأهمية مصدر الأرض وضروريته في التطوير الإجتماعي والإقتصادي. وجلب مركز عدالة عدة أمثلة لسياسة التمييز التي تتبعها دائرة أراضي إسرائيل.
وجاء في الورقة أن سياسة دائرة أراضي إسرائيل تناقض المبادئ الأساسية التي وضعتها المحكمة العليا بكل ما يخص تقسيم مصادر الأرض وعلى رأسها مبدأ التوزيع العادل. ومن هنا ادعى مركز عدالة أن على اللجنة توضيح هذه المبادئ عند وضع الأهداف والتوصيات، وتشديد واجب دائرة أراضي إسرائيل للعمل وفق مبادئ المساواة والتوزيع العادل.
وتطرق مركز عدالة أيضاً لموضوع فصل كيرن كييمت عن دائرة أراضي إسرائيل. حيث من بين الإقتراحات أمام اللجنة، إجراء تبديل أراضي بين كيرن كييمت ودائرة أراضي إسرائيل، حيث تحول كيرن كييمت أراضٍ في مركز الدولة لدائرة أراضي إسرائيل وبالمقابل تحول دائرة أراضي إسرائيل أراضٍ لكيرين كييمت في منطقة النقب ومناطق التطوير. يذكر أن هذا الإقتراح جاء في تقرير إلياهو وفيتكون، الذي قدم كاقتراح للجنة, كوسيلة لمنع تطبيق مبادئ المساواه على أراضي كيرين كييمت التي هي تحت إدارة دائرة أراضي إسرائيل، وبهذا منع السكان العرب من استعمال هذه الأراضي.
وجاء في الورقة أنه كون الكيرن كييمت موجودة في موقع اتخاذ قرارات بالنسبة لسياسة الأراضي في الدولة (وفقا لقانون دائرة أراضي إسرائيل, نصف أعضاء مجلس دائرة أراضي إسرائيل هم من قبل الكيرن كييمت), قدرتها على شراء أراضي دولة, وتعريف أراضيها "كأراضي إسرائيل" كما هي معرفة في قانون اساس: أراضي إسرائيل, وتملكها لما يقارب 13% من مساحة الدولة, كل هذا يحتم عدم اعتبارها كجسم خاص وإنما كجسم سلطوي يخضع لمبادئ المساواه وغيرها, الملزمة للمؤسسات الرسمية.
كما ادعى عدالة انه على الاقل يجب النظر الى الكيرين كييمت كجسم ذو ماهيتان, وعليه وجوب التزامها بمبادىء المساواه وغيرها. مع كل هذا ترفضا الكيرن كييمت ودائرة أراضي إسرائيل هذا التوجه وتعرضا الموقف أنه من حق الاولى اقتصار عملها لمصلحة المواطنين اليهود فقط وعدم التقيد بمباديء المساواة.
وشدد مركز عدالة أنه في اي حال, وبما انه ما يقارب المليون دونم من الاراضي بملكية الكيرن كييمت حولت اليها من قبل الدولة في اواخر سنوات الاربعينات, إضافةً إلى تحويل أراض أخرى في فترات لاحقة، فيجب اعتبار هذه الأراضي كأنها ما زالت مصادر عامة تسري عليها مبادئ المساواة, بغض النظر عن ملكية الكيرن كييمت لها في هذه الحالة.
اما بموضوع تبادل الأراضي بين الدولة والكيرن كييمت, ادعى عدالة ان الاقتراح, مبدئيا وعمليا, هو غير دستوري ويناقض المباديء الاساسية, كونها تعتبر محاولة لمنع تطبيق مبادئ المساواة في توزيع هذة الاراضي في لواء الشمال ولواء الجنوب. "ولهذا الأمر أهمية خاصة في ضوء وضعية الأقلية العربية في البلاد والحاجة لبذل جهود مضاعفة لجسر الفجوات بين السكان العرب والسكان اليهود في الشمال والجنوب"، ادعى عدالة.
هذا وأورد مركز عدالة في الورقة التي قدمت للجنة معلومات عن نسبة السكان العرب في اللوائين الشمالي والجنوبي ونسبة مناطق نفوذ السلطات المحلية مقارنةً مع نسبة السكان. وتتركز النسبة العالية من السكان العرب في منطقتي الشمال والجنوب. ففي الشمال تشكل نسبة السكان العرب (51.6%) وفي الجنوب تشكل نسبة العرب 13.6% من السكان وفي النقب الشمالي 25% من السكان هم عرباً.
كذلك، تقع أغلبية القرى العربية في إسرائيل (من دون المدن المختلطة والقرى غير المعترف بها) في منطقة الشمال (65%). في لواء الجنوب، توجد 7 بلدات عربية معترف بها و 7 بلدات أعترف بها مؤخراً، و40 قرية غير معترف بها.
وجاء في الورقة التي قدمها عدالة أن مقارنة مناطق نفوذ السلطات المحلية العربية والسلطات المحلية اليهودية تشير إلى التمييز المستمر ضد القرى العربية، الذي يخلق ضائقة سكنية كبيرة ولا يفتح مجالات التطوير أمام السكان العرب. ففي حين يشكل السكان العرب 72% من السكان في الجليل فإن مناطق نفوذ السلطات المحلية هي 16.1%. وفي المقابل، تصل نسبة مناطق نفوذ السلطات المحلية اليهودية ل 83.8% من الأراضي في حين نسبة السكان اليهود في هذه المنطقة هي 28%. ولا يختلف الوضع في النقب الشمالي إذ أن مناطق نفوذ السلطات العربية في النقب هو 1.9% بينما نسبة السكان العرب في المنطقة هي 25.2%. وتطرق مركز عدالة أيضاً للوضع الإجتماعي الإقتصادي السيئ للقرى العربية.
وادعى مركز عدالة أن أهمية هذه المعطيات تزداد كون السكان العرب في البلاد يندرجون تحت "المجموعة الشابة"، إذ أن نسبة السكان العرب الذين تتراوح أجيالهم بين 0-19 يصل إلى 50.6%، بينما تصل نسبة السكان اليهود التي تتراوح أجيالهم بين 0-19 ل 33.8%.
وفي الشمال والجنوب، تصل نسبة السكان العرب الذين تتراوح أجيالهم بين 0-19 إلى 48.4% في الشمال و 66.3% في الجنوب. وفي المقابل تصل نسبة السكان اليهود الذي تتراوح أجيالهم بين 0-19 إلى 34.8% في الشمال و 35% في الجنوب. بالإضافة، فإن نسبة إزدياد عدد السكان العرب في الجنوب هي 5.6% في السنة وفي الشمال 2.4% في السنة. "هذه المعطيات"، ادعى مركز عدالة، "تشير إلى التمييز القائم بين السكان العرب واليهود وإلى إحتياجات السكان العرب التي تكبر مع مرور الزمن، بسبب الوضع القائم وبسبب إزدياد نسبة السكان العرب".
وجاء في الورقة التي قدمت للجنة أن هذه المعطيات تشير إلى سياسة التمييز القائمة من جهة، ومن جهة أخرى إلى الإحتياجات المستقبلية المتزايدة. كما وضحت الورقة أن هذه المعطيات تستوجب الإستنتاج أن استمرار التمييز ضد السكان العرب مستقبلاً، عن طريق تبادل الأراضي مع الكيرين كييمت أو بأي طريقة أخرى، سوف تسيء الوضع القائم وتؤدي إلى تعميق التمييز المستمر ضد السكان العرب منذ قيام الدولة. كما سيمنع ذلك أية إمكانية لتطوير السكان العرب في ألوية الشمال والجنوب، حيث أن هذا التبادل هو عملياً محاولة لعدم تطبيق مبادئ المساواة وتجاهل مطلق لواجبات الدولة بتأمين إمكانية التطور المستديم ولحق جميع مواطنيها العيش بكرامة.