قدم مركز عدالة يوم الخميس، 26.8.2004، إلتماساً للمحكمة العليا، بواسطة المحامية عبير بكر من مركز عدالة بإسم عائلات الأسرى السياسيين وتنظيمات حقوق إنسان إسرائيلية وفلسطينية، مطالباً فيه المحكمة إصدار أمر مشروط يأمر فيه سلطات السجون تفسير رفض سلطات السجون إدخال الملح للأسرى السياسيين ومصادرة الملح من زنازينهم. كما طالب عدالة المحكمة إصدار أمر إحترازي يمنع سلطات السجون من مصادرة الملح من زنازين الأسرى. في نفس اليوم أصدرت المحكمة العليا قراراً يلزم النيابة بتقديم ردها الأولي على الإلتماس وطلب الأمر الإحترازي حتى يوم 29.8.2004.
وكما هو معروف، في 15.8.2004 أعلن 1500 أسير سياسي عن إضرابهم عن الطعام إحتجاجاً على ظروف اعتقالهم السيئة في السجون الإسرائيلية. وانضم للإضراب لاحقاً المزيد من الأسرى حتى وصل عددهم لحوالي 3000 أسير. وأعلن الأسرى المضربون عن الطعام أنهم سيمتنعوا عن الأكل إلا أنهم سيستمرون في شرب الماء وأكل الملح. وبعد إعلان الأسرى عن الإضراب عن الطعام قامت سلطات السجون بمصادرة جميع أغراض الأسرى وبضمنها الملح.
وادعت المحامية عبير بكر في الإلتماس أن مصادرة الملح من زنازين الأسرى، الذين يعيشون الاَن على الماء فقط، ستضر بصحتهم وسلامتهم. ووفق الاَراء الطبية المختصة التي أرفقت للإلتماس فإن عدم تناول الكمية الكافية من الملح لها إسقاطات صحية خطيرة وقد تؤدي إلى الموت. ومن العوارض التي قد تظهر عند الأسرى نتيجة لعدم تناول الملح هي التقيؤ، الضعف الجسدي، أوجاع في الرأس، فقد السيطرة، وقف التنفس والموت.
"في هذه الظروف"، جاء في الإلتماس، "أي تأجيل في توفير الملح للأسرى المضربين عن الطعام، سيتسبب لهم بالضرر الكبير وسيمس بحقوقهم الدستورية بالحياة وسلامة الجسم". وعليه طلب مركز عدالة من المحكمة تعيين جلسة مستعجلة للبت في الإلتماس.
ويذكر أنه في يوم 18.8.2004، في أعقاب النشر في وسائل الإعلام عن مصادرة الملح من زنازين الأسرى، توجه مركز عدالة لسلطات السجون وطالبها بإرجاع الملح للأسرى لأن منعهم من تناول الملح سيضر بصحتهم. وفي ردها، ادعت سلطات السجون أنه وفقاً لأنظمة القسم الطبي في سلطات السجون لا يوجد أي حاجة لإضافة الملح في أول أسبوعين للإضراب عن الطعام، حيث أن عدم تناول الملح لا يشكل خطراً على صحة الأسرى.
في أعقاب ذلك، توجه مركز عدالة لنيابة الدولة ولسلطات السجون مطالباً إياهم بإرسال الأنظمة الاَنف ذكرها للمركز، إلا أن النيابة وسلطات السجون لم ترسل شيئًا حتى يوم تقديم الإلتماس. وادعت المحامية بكر في الإلتماس أن إدعاء سلطات السجون حول انعدام الأضرار في حالة عدم تزويد الأسرى بالملح تناقض ما جاء في الاَراء الطبية المختصة التي أرفقت للإلتماس، والتي كتبت على يد مختصين في الطب الداخلي واعتمدت إلى مصادر مهنية.
وجاء في الإلتماس أن مصادرة الملح من زنازين الأسرى ورفض سلطات السجون تزويد الأسرى بالملح يمس بحقوق الأسرى الدستورية بالحياة، سلامة الجسم والكرامة. "طالما لم يذكر الأمر في القانون فإن النظام الداخلي في السجن لا يخول سلطات السجون بمثل هذا العمل"، جاء في الإلتماس.
يذكر أن أحد إدعاءات سلطات السجون كانت أن مصادرة الملح هو عقاب للأسرى على قرارهم بالإضراب عن الطعام والمدرج كمخالفة طاعة لأنظمة سلطات السجون. وتدعي سلطات السجون أن أحد الأسباب من وراء إدراج الإضراب عن الطعام تحت مخالفات الطاعة هو قلقها على صحة الأسرى. وجاء في الإلتماس أن سلطات السجون تدعي من جهة أنها قلقة على صحة الأسرى ومن جهة أخرى تصادر الملح من زنازينهم، الأمر الذي يسرع من المس في صحتهم وسلامة أجسامهم.
وأضاف مركز عدالة أن من واجب سلطات السجون المسؤولة عن الأسرى وعلى سلامتهم، الحفاظ على سلامة الأسرى وصحتهم حتى وهم مضربين عن الطعام، إذ أن المبدأ الأول من مبادئ الأمم المتحدة بخصوص المبادئ الأخلاقية سارية المفعول على الطواقم الطبية في السجون تنص على واجب هذه الطواقم بالحفاظ على صحة الأسرى.
وشددت المحامية بكر في الإلتماس أن حقوق الأسرى بالحياة وسلامة الجسم والكرامة محفوظة لهم بين جدران السجون حتى وإن أضربوا عن الطعام.
في يوم 29.8.2004 قدمت نيابة الدولة ردها الأولي على الإلتماس وادعت فيه أنه بحسب أنظمة القسم الطبي في سلطات السجون، تزود الأخيرة الأسرى المضربين عن الطعام، وفق أوامر الطبيب، بالفيتامينات والأملاح. وتزود سلطات السجون للأسرى مرتين لثلاثة مرات في اليوم. وجاء في الرد بالنسبة للأسرى الذين افتتحوا إضرابهم عن الطعام مؤخراً، أن سلطات السجون ستبدأ بتزويدهم بالأملاح بعد مرور أسبوعين على إضرابهم عن الطعام, وطلب نيابة الدولة رد الإلتماس. في أعقاب ذلك، قررت العليا تعيين جلسة في يوم 31.8.2004 الساعة الثامنة صباحاً.