قدم مركز عدالة يوم 16.8.2004 إلتماساً للمحكمة العليا، بواسطة المحامية عبير بكر، بإسم عشرة أطفال لأسرى سياسيين وبإسم جمعية أنصار السجين، ضد سلطات السجون الإسرائيلية، مطالباً فيه المحكمة العليا إصدار أمر مشروط ضد سلطات السجون لكي تسمح الأخيرة لأطفال الأسرى السياسيين بالإقتراب الى اَبائهم الأسرى واحتضانهم خلال زياراتهم لهم في السجون الإسرائيلية. وأمرت المحكمة العليا نيابة الدولة الرد على الإلتماس حتى يوم 24.9.2004.
يذكر أن حاجزاً من زجاج يفصل بين السجين السياسي وأطفاله عند الزيارة. في السابق، سمحت سلطات السجون لأطفال الأسرى السياسيين، دون سن العاشرة، بالإقتراب إلى أهلهم خلال الخمس عشرة دقيقة الأخيرة من الزيارة. ولكن سلطات السجون ألغت هذا الأمر، قبل حوالي السنتين، فأصبح الأطفال يقضون الثلاثين دقيقة المخصصة للزيارة، مرة كل أسبوعين، وراء حاجز من الزجاج. ذلك في حين يسمح لأطفال الأسرى الجنائيين بزيارة مفتوحة لاَبائهم الأسرى دون اي حواجز.
وفي شهر أيار 2002 قررت سلطات السجون عدم السماح لأطفال الأسرى السياسيين بالإقتراب إلى اَبائهم واحتضانهم، مدعية أن أحد الأطفال حاول إدخال غرضاً ممنوعاً لأبيه.
وادعت المحامية عبير بكر في الإلتماس أن القرار أعلاه هو قرار غير قانوني، لا تملك سلطات السجون الصلاحية لإتخاذه، وهو يمس في حقوق الأطفال الدستورية كالحق في الكرامة. وأضافت أن القرار يتجاهل مبدأ مصلحة الطفل ويميز ضد الاطفال وهو بمثابة عقاب جماعي غير قانوني وعشوائي. كما ادعت المحامية بكر أن القرار يمس في حق الأسرى بالمساواة، الكرامة والزيارات ولذلك يجب إبطاله على الفور.
وتطرق الإلتماس للإسقاطات المباشرة وغير المباشرة لقرار سلطات السجون على حياة الطفل بما في ذلك انعكاس الأمر على تطور الطفل وتأثيره السلبي على المدى البعيد على علاقة الأسرى العائلية والابوية مع أطفالهم. وجاء في الإلتماس أن "هذا القرار يمس في قدرة الأسير السياسي على إداء واجبه كأب اتجاه أطفاله مما سيمس بالأطفال وتطورهم النفسي".
هذا وادعت المحامية بكر أن منع الأطفال من الإقتراب لاَبائهم الأسرى واحتضانهم سيزيد من شعور الطفل بتجاهل أهله لإحتياجاته العاطفية. "وستؤدي هذه الوضعية حتماً إلى تذويت الشعور بالهجر لدى الطفل من جهة والده، الأمر الذي قد يؤدي، بنهاية المطاف، بالأطفال إلى اللجوء إلى عالم الإجرام". وبينت الأبحاث التي أرفقت للإلتماس أن الأطفال الذين يزورون أهلهم في السجن تحت ظروفٍ مماثلة يعانون من الإكتئاب على عكس الأطفال الذين يحظون بزيارات مفتوحة مع أهلهم.
بالإضافة يبين رأي الخبيرة د. ميلي ماس، الذي أرفق هو الاَخر للإلتماس، أن التواصل بين الطفل وأبيه الأسير هو أمر ضروري من أجل تطور الطفل الطبيعي وإملاء احتياجاته العاطفية.
وجاء في الإلتماس أن منع الأطفال من الإقتراب إلى اَبائهم الأسرى يناقض مبدأ مصلحة الطفل ولا يتماشى مع المواثيق الدولية والقانون الإسرائلي. فوفقاً للبند 9 (3) من معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، على الدول الموقعة احترام حق الطفل، الذي فصل عن أهله، بالتواصل مع أهله.
يجدر بالذكر أن سلطات السجون تمنع الأسرى السياسيين من إستعمال الهاتف، على عكس المتبع مع باقي الأسرى الذين تمسح لهم سلطات السجون بإستعمال الهاتف يومياً. من هنا فإن الزيارات هي الوسيلة الوحيدة للإتصال بين الأسير السياسي وأولاده وأهله. أضف إلى ذلك أن أطفال الأسرى السياسيين القادمين من المناطق المحتلة لزيارة اَبائهم يعانون من صعوبات جمة، إذ أن الجيش يضع العديد من العراقيل عند طلبهم الدخول إلى إسرائيل، وفي حالات كثيرة يمنعهم من الدخول الى البلاد لفترات طويلة. عليه فإن هؤلاء الأطفال يحرمون من رؤية اَبائهم لأشهر طويلة.
وادعى مركز عدالة في الإلتماس أن التمييز بين أطفال الأسرى السياسيين وأطفال الأسرى الجنائيين لا ينتهي عند مسألة إقتراب الطفل من أبيه الأسير، إذ أن سلطات السجون والسلطة لتأهيل الأسرى تستثني أطفال الأسرى السياسيين من البرامج المخصصة لتقوية العلاقة بين الأسير وأطفاله، وحماية الأطفال من الإنحراف الإجتماعي.
يذكر أن مركز عدالة توجه في السابق لسلطات السجون بخصوص نفس الموضوع وطالبها بالسماح لأطفال الأسرى السياسيين الإقتراب من أهلهم الأسرى. من جهتها، ادعت سلطات السجون أنه في أعقاب استغلال زيارات الأطفال لأهداف غير مشروعة، وبسبب وضع "الحرب" في الدولة فإن إقتراب الطفل من أبيه الأسير يشكل خطراً على أمن الدولة.