السلام عليكَ أبا عمار؛
يا رياض الأنيس السلام عليك، يا مؤنس وحشتنا ومخفّف آلامنا ومهدّئ روعنا، بعد أن أدلهمَّ ليل الغدر في أكتوبر العام 2000؛ بعد أن أعمل المجرمون فينا قتلاً وتجريحاً وتنكيلاً- لا لذنبِ اقترفناه بل غيلة وغدرًا، فقتلوا منا ثلاثة عشرة وردة وأطفأوا ثلاثة عشرة سراجًا منيراً. لقد داسوا كرامتنا وعنفواننا ومزقوا أحلام أبنائنا ونشروا الظلم والظلام في هذا الوطن المقدس.
المحامي رياض أنيس يتحدث في الاجتماع الأول لوضع استراتجيات ملف أكتوبر 2000 | كنا نحن، ذوي الشهداء، بأمسِّ الحاجة إلى صدرٍ دافئ وعقل منير، فكنت أنت الأخ والأب وكنت المرشد المنير، فنهضت من دون طلب من أحد تلملم الأشلاء من حولك وتضمّد الجراح وتشعل مصابيح الأمل. لم تترك حجراً ولا شجراً في وادي عارة إلاّ وحاولت أن تستخرج منه دليلاً على إدانةِ الجلادين ولم تترك بشرًا إلا وسألته عما فعل الظالمون. جمعتَ كل ما استطعت من دلائلَ وبدأتَ تعدّ للجلادين لائحةَ اتهام محكمةً مبنيةً على الشاهد والشواهد والدساتير والقوانين، |
فأردتها أن تكون لائحة اتهام جلية تأتي بقاتلي الشهداء محمد جبارين وأحمد صيام ومصلح أبو جراد ورامي غرة إلى العدالة. رأيناكَ وسمعناكَ تحدّد المسؤولية عن مقتل الشهداء في المثلث والجليل، وكانت الأدلة دامغة ولائحة الاتهام جلية لا شك فيها. كنا ننظر إليك يا أبا عمار ونبتسم رغم الجّراح ونزيف الدم وحرقة الألم.
نعم، علمتنا كيف نصمد في وجوه الجلادين وعلمتنا كيف نعصر الجراح والألم فنحيلها صبراً وثباتاً وننهض لنكمل المشوار معك. لقد رفعت راية الشهداء وحملتَ وصيتهم فكنتَ نِعمَ الرفيق للشهداء وذوي الشهداء الذين يشهدون لك بالحكمةِ والحنكةِ والإصرار، ويشهدون لك بالعطاء المتفاني- فقد أمضيتَ سنينًا عدة تعالجُ ملف الشهداء ونحن نعرف جيداً أنّ "لجنة أور" لو كانت تبحث عن الأدلة لإدانة المجرمين لوجدتْها أمامها مكتوبةً بقلمكَ ومنقحة من فيضِ قريحتك؛ لكنهم عمَوا وصموا.
رأيناك تنتقل بين زملائك في "عدالة" تقترح وتصمّم وتخرِج إلى حيّز الفعلِ والعمل، فتأخذ زملاءك المحامين معكَ إلى خضمّ المواجهة مع العنصريين القتلة، واثقين ممّ تفعلون ومُصمّمينَ على النجاح.
اليوم يا أبا عمار، وأنت في حضرةِ الشهداء، ما زالت روحك في المواجهةِ مع الظلمِ من أجل إحقاق الحقّ وإقامة العدل وزوال الظلم.
يا أبا عمار: لا نقول لك وداعًا، فأنتَ باقٍ معنا وخالدٌ فينا.
لجنة ذوي الشهداء
الناطق باسمهم،
حسن عاصلة